الفلسطيني يبدع في مقاومته


اتركوه يشق طريقه، ويختار ما يناسبه من أساليب المقاومة، اتركوا الشباب الفلسطيني يبدع في مفاجأة عدوة، ولا تفرضوا عليه تجاربكم ومنطقكم ورؤيتكم وسياستكم، فالشباب أقدر على قراءة الواقع منكم جميعاً، والشباب أحرص على إيذاء عدوه الظالم الذي أغمض قلبه عن الرحمة واحتقر إنسانية الأجيال الفلسطينية المتعاقبة.

لقد اعتمد الصهاينة في فلسطين منهج القتل دون إبداء الأسباب، وكانت الذريعة التي احتمى فيها القتلة هي الدفاع عن النفس اليهودية، التي راحت تفرغ حقدها المتراكم على النفس الفلسطينية، التي صارت الاسفنج الذي يمتص رصاص الصهاينة، ويصير قتل الفلسطينيين ثقافة إسرائيلية تمارسها الأغلبية، فالجندي الإسرائيلي يقتل، والشرطي الإسرائيلي يقتل، والمستوطن يقتل، وحتى المرأة الإسرائيلية التي تعمل موظفة تستل سلحتها وتقتل، واليهودي العجوز الذي فقد الذاكرة، لا يصحو إلا عند رؤية الفلسطيني، فيشهر مسدسه ويقتل.

وحتى هذه اللحظة فقد طغى على المشهد صورة الفلسطيني القتيل، والصهيوني القاتل، مع التغطية إعلامية إسرائيلية الواسعة لهذا المشهد، والهدف من ذلك ليس محاربة الإرهاب كما يدعون، وإنما الهدف هو محاربة الخوف الذي سكن قلوب اليهود، حتى صارت اجتماعات الحكومة تركز على كيفية إعادة الثقة بالنفس اليهودية، وكيفية تقوية الجبهة الداخلية، وهذا ما حفز الوزير المتطرف نفتالي بنت إلى حمل مسدسه، في ظاهرة غير مألوفة على مستوى وزراء العالم، وقد سبقه إلى ذلك اليهودي المتطرف نير بركات رئيس بلدية "أورشليم" القدس، الذي امتشق رشاشه، وتجول وسط المدينة التي تضم 300 ألف عربي، المدينة التي يدعي أنها موحدة، وعاصمة أبدية لدولته اليهودية.

من المؤكد أن القتل المتعمد للفلسطينيين يجيء منسجماً مع العقيدة اليهودية، التي ترى دم غير اليهودي مستباح، والقتل المتعمد يجيء متوافقاً مع التعليمات التي أصدرها وزير الجبهة الداخلية، والقتل المتعمد يأتي استجابة سريعة لقرارات الحكومة التي تحض على قتل الفلسطينيين أينما شك بأمرهم اليهود، والقاتل اليهودي متحضر باسم القوانين الإسرائيلية، في الوقت الذي يظهر فيه القتيل الفلسطيني إرهابياً باسم القوانين الإسرائيلية الذي جاءت مضامينها لتهدئة النفس اليهودية التي زعزعها الخوف، وأرعبها الانتظار، حتى ارتجفت البنادق في يد الجنود على الحواجز، فراحوا يطردون الخوف بمزيد من القتل من أجل القتل.

إنه السيف اليهودي الحاقد الذي يجز الأعناق بهدف قهر النفس العربية، إنه السيف اليهودي الذي يحتقر الإنسانية حين اعتدي بالضرب والإهانة على والد الفتاة بيان العسيلة، ولم يستوعب لحظة انفعال الأب وهو يرى ابنته غارقة في دمها، وممدة على الرصيف، فلم يسمح للوالد بأن بمد يد المساعدة لابنته، في سلوك يعزز القهر للنفس البشرية، قهر يقطع المسافة الفاصلة بين الصبر والانتقام في عدة دقائق قبض فيها العربي مهند العقبي على روح مدينة بئر السبع، وهو يهتف باسم كل شهداء فلسطين الذين غدرت بهم القرارات الإسرائيلية الحاقدة.

إن ما يحدث في مدن الضفة الغربية وقراها ومخيماتها من قتل مهين لكرامة الإنسان الفلسطيني لهو صاعق التفجير لسلسة من العمليات البطولية التي ستدوي قريباً في التجمعات الاستيطانية، ورغم أنف الإجراءات الأمنية المشددة، وذلك لأن الشباب الفلسطيني يعيش اللحظات الفاصلة بين قبول المذلة واختبار المقاومة، وبين الخنوع لإرادة العدو أو السطوع، وبين الانكسار وطأطأة الرأس أو الانتصار.



تعليقات القراء

اخي الكاتب
لا يكفي ان نصفق للفلسطينيين. علينا ان نمد يد العون لهم مع تقديري لتحليلك لنفسية الشعب الفلسطيني والصهاينة
19-10-2015 07:19 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات