تركيا دولة اسلامية عامرة بالمساجد والمآذن فتكاد تكون الدولة الأكثر تشييداً لها بعمارة إسلامية لا تخطئها العين أبداً.

أما الأتراك أنفسهم، ورغم ظروف العلمانية بالحكم، وتأثرهم الى حد بعيد بالأنماط الحياتية الغربية، إلا أنهم يحافظون على دينهم وهويتهم الإسلامية ويمارسون الشعائر بحرية، بعيداً عن المغالاة والتطرف، ويثبتون يوماً بعد يوم أن تقدم الدولة، وحضورها السياسي الدولي غير مرهون بشروط الآخرين، بما في ذلك عدم السماح بالمس من قبل أي كان بعقيدتهم مهما كان المقابل، بما في ذلك شروط عضويتهم بالاتحاد الأوروبي، المعلقة على أسس تخص الديانة أكثر من أي أمر آخر.

أما طبيعة الحكم القائم في تركيا فهو إسلامي الطابع والجوهر، رغم شروط علمانية النظام السياسي، فالحزب الحاكم إسلامي من حيث التركيب والمرجعية، وقبله كانت أحزاب إسلامية تفوز بالانتخابات، عندما كانت تضطر في كل مرة إلى تغيير اسمها وهو حكم لا يقوم على النفاق والمظاهر، بقدر ما يتمسك بالمبادئ المعلنة.

ورغم وجود معارضة علمانية تركية لا يستهان بها، إلا أن فوز أحزاب مسلمة بالمؤسسات الدستورية التركية يفضي إلى حقائق طبيعة الأتراك الإسلامية، والتفافهم حول ديانتهم من مختلف المواقع العسكرية والسياسية والعلمانية.

في تركيا سقطت رهانات الغرب على استخدام حجاب المرأة لإثارة الفتن والانشقاقات السياسية بين أبناء المجتمع، وانتصرت في المحصلة الحقوق المدنية للناس بحرية ارتداء ما يرونه مناسباً وليس ما يفرض عليهم، كما سقطت محاولات زج الحجاب في إثارة النعرات والتمييز، ولم تنجح في أن يكون شرطاً لدخول المؤسسات المختلفة.

المتابع لحركة الرئيس التركي عبد الله غول وزوجته السيدة الأولى، يكتشف مدى روحية العمل التركي المتقدم سياسياً واقتصادياً، وانفتاحاً على الشرق والعمق العربي الإسلامي. ويجد دون عناء حقائق التاريخ الحقيقي للدولة التركية، فالرئيس المندفع نحو علاقات عميقة اقتصادياً وسياسياً التي بدأها من سوريا، حل بالأردن ضيفاً، ساعياً لعلاقات أكثر فاعلية وصلت حدودها إلى إلغاء التأشيرات بين البلدين، وقد تابعنا قبل ذلك موقف رئيس وزرائه عندما تصدى لرئيس دولة العدو الإسرائيلي انتصاراً لفلسطين.

وهو إذ يحل في الأردن كما شاهدناه وزوجته، فإنه يستحق وإياها المزيد من الاحترام والتقدير، خصوصاً وأن حجاب الزوجة التركية وزيها الأنيق جداً ينسجمان مع تركيا المسلمة وعلمانيتها تماماً.