" الأقصى والاعتداء الغاشم "


تعيش الأمة اليوم في غرفة الإنعاش المركزة ،لأن العمليات الجراحية الخطيرة تتوالى على جسدها تقطيعاً وبتراً ،حتى أصابها التشوه الخلقي ،فلم تعد تقوى على أخذ أنفاسها الأخيرة ،في ظل المتغيرات السريعة التي سببت لها الشلل العقلي والعضوي والنفسي ،حتى أصبحت رهينة المحبسين ،معتقلة اللسان .

تملك الأمة المقومات التي تؤهلها لقيادة نفسها بل والعالم من حولها ،القوى البشرية في حوزتها ،والموارد الطبيعية والمالية في ديارها ،والمؤهلات العلمية في حياة أبناءها عملة نادرة ،يشهد به العالم بأسره ،والكفاءات العملية تفجر كل يوم الطاقات الكامنة للبناء والتنمية ،ومع كل هذه المقومات المادية والمعنوية فإن الأمة تقطعت بها السبل ،وفي كل يوم تزداد ضعفاً وجبناً وفرقة وتمزقاً ،أصبحت حريتها مقيدة ،وكلمتها غير مسموعة لأنها تطالب بحقوقها على استحياء مشوب بالخوف ،وقد عرف عن أمتنا أنها أمة عزة وكرامة ،فكيف لنا أن نوفق بين الماضي المجيد والحاضر الكئيب ،وكيف لنا أن نخرج من الصدمة القاتلة ،وماذا نقول لأجيالنا وقد أودعنا في أعماقهم محبة أمتهم العزيزة الكريمة .

إن عدو الأمة المشترك (اسرائيل) وهي شوكة سامة تجثم في قلب الأمة ،بغيضة الأفعال ،تكشف عن عدواتها السافرة للأديان والأمة ،من خلال الإعتداءات المتكررة على الأطفال والنساء والكبار العزل ،وتسعى إلى خنق الأبرياء وقد نزع الله من قلوب قادتها وشعبها أي ذرة من رحمة أو عطف أو مشاعر إنسانية ،وهذا يؤكد الحقد الدفين والعداوة الموغلة في الصدور الإنسانية برمتها على دون تمييز بين بشراً أو شجراً أو أرض .

لقد أغلقت اسرائيل صفحة المفاوضات للوصول ولو جزئياً إلى سلام محتمل معها ،وهذه طبيعتها وقد جبلت على الأنانية والإنتهازية والسوداوية ،وكأن التاريخ يعيد نفسه من جديد ولكن بصور أكثر قتامة وانتقاماً وحقداً .

لماذا فقدت الأمة العربية البوصلة الهادية لمسيرتها أمام الصلف الإسرائيلي الذي يقوم صباح مساء بالقتل والتشريد والتهجير لأهلنا في القدس ،نزيف الدم أصبح مستمراً ،وقد ضرب الكيان الصهيوني بكل القرارات الدولية والإنسانية عرض الحائط ،فهو يهدف تحقيق حلمه الأكبر وهو إقامة دولة اسرائيل الكبرى بالقوة الغاشمة ،لذا أصبحت اجتماعات القمم العربية أو جامعة الدول العربية أو منظمة المؤتمر الإسلامي حتى ولو كان مجلس الأمن لا توقف اسرائيل عن غطرستها بل أصبحت مثل هذه الأجتماعات تعطيها الغطاء المباشر في ضرب وتعذيب وتجويع أبناء ديننا وجلدتنا ،وكأنها تريد أن تنتقم من العالم بأسره لماضيها المظلم الأسود ،لأن ابناءها أينما حلوا كانوا أدوات تدمير وقتل وفتنة وسيطرة على مقاليد الحكم والسياسة والإقتصاد ،ولأن اليهود ينظرون إلى العالم بعين واحدة ولا يرون مساحة في العالم إلا لهم وأن الدنيا لا تسعد إلا بوجودهم .

آما آن للعرب والمسلمين أن يتحركوا نحو الإتجاه الصحيح الذي يخلص البلاد والعباد والمقدسات من شر هذه الطغمة الفاسدة ،التي تعالت على كل الأنظمة والقوانين الدولية والإنسانية ،ولا يكفي من أمتنا على وجه الخصوص أن تقوم بالتنديد والشجب واستدعاء السفراء والممثلين لتقديم الإحتجاج على فعلة اسرائيل في ديارنا وبلادنا ومقدساتنا ،ألا يكفي الأمة خجلاً أن يذبح الأطفال والنساء والعجزة وتدمر البيوت على ساكنيها وتقطع المياه والغذاء والدواء ،وأن تبقى ساكتة لا تتقدم خطوة عملية إلى الأمام لردع هذه العصابات عن جرائمها ،تملك أمتنا السلاح بأنواعه ولكنه لا يستخدمه أبداً لردع من يشجع ويعين مجموعة العصابات الرابضة على أرضنا وقلوبنا ،نريد تلاحماً ايجابياً بين قادة وحكام الأمة وشعوبها لنخرج من دوامة الهوان والذل ،لأن البغاث في بلادنا أصبح نسراً جارحاً ،نريد الحرية المسؤولة أن تتمرد على واقعها المؤلم ،وأن تبعث النفوس الأبية من جديد تستصرخ الحق وتمسك بزمامه ،وقد لاحت الصحوة الإيمانية من بواكير الفجر تعلن أن الإسلام والعروبة حيان في القلوب والعقول والنفوس ،فعلينا نحن العرب أن نبدأ وبأيدينا مفتاح الحل الأمثل لو تجردنا عن الأنا والخوف لإنقاذ ما تبقى من حرمة الإسلام والعروبة في نفوس الشعوب التي إن تململت تستصنع الأعاجيب ، أخيراً تحية ملؤها العزة والكرامة لأهل القدس لأهل الاقصى الذي يواجهون الصلف والعنجهية الاسرائيلية بالحجر والطعن وصدق الله العظيم:" والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعملون".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات