هيكل ( من فمك أدينك)


لا زال الكتاب المفتوح للعبة الامم ينثر علينا ما خفي من ألاعيب ومؤامرات على هذه الأمة المبتلاة في قياداتها قبل شعوبها, لقد كان لكتاب (مايلز كوبلاند) وقع الزلزال حين صدوره عام ( 1969) بما افتضحه وأماط اللثام عنه من لعبة حيكت على ظهور العرب.
ملخص اللعبة يقضي بان يظهر قيادات بمواصفات معينة يتولون حروب الوكالة نيابة عن أعداء الأمة, فالخطر القادم منذ بدايات القرن الماضي كان من الإسلام والإسلاميين, وهي نبوءة من نبوءات مهندسي السياسة العالمية لأحد قطبي العالم الولايات المتحدة الأميركية وفعلا تحقق المراد من اختيار شخصية لعبت على أوتار القومية العربية لمجابهة خطر توحيد الأمة بالإسلام.
انشغل الناصر جمال حينها بتلميع نفسه والنظر بنرجسية حالمة إلى رتبه وأوسمته والقياطين التي تتهدل من بزته العسكرية عبر المرايا المقعرة والمحدبة المتسمرة على الجدران في أروقة قصره الجمهوري, اخذ وقتها يلم من حوله قيادات زائفة منافقة ويقصي أهل الخبرة والدراية والصدق وكأنه يلملم في حوزته أدوات ومعاول هدم فاعلة للإطاحة بحلم الأمة في وحدة تطل عليهم من رحم وجودهم ووجدانهم ( وحدة الدين) الذي عليه فطروا وجبلوا.
انشغل الناصر جمال بصنع تحالفات ظاهرها عروبية وباطنها شللية محضة للنهوض بمشروع الغدر لأحلام الأمة , انشغل بتوسيع أعضاء جمعيته (جمعية ناصر) وهو مصطلح نشط وانتشر بين شخوص اللعبة المسرحية في أروقة الخارجية الأمريكية, فبدأ الناس مقتنعون بهذا الناصر إلى حد الهوس به, وأما إذاعة صوت العرب, فهي الأداة الرئيسة في مسلسل الزيف والخداع حتى صارت تقض مضاجع القيادات العربية ممن يفكرون بالبقاء على الحياد إن لم يكونوا قد وقفوا ضد الرجل صنيعة الأمريكان ومشروعه الخطير, بينما الدهماء والسذج يتوسدون المذياع والترانزسترات طربا ونشوة في أراجيف وزعبرات صوت العرب القادم من القاهرة هياما وعشقا في ديماغوجية الخطاب المتراشق من شدقي مخلص الأمة الناصر جمال.
كان الأردن بقيادته الهاشمية على قائمة الخوارج أو الروافض في تصنيفات الناصر وشلته ولعل الراحل العظيم المغفور له بإذن الله (الملك الحسين) لم يكن الوحيد الذي عانى وقاسى من عهد الناصر فكان على القائمة معه ( نوري السعيد في العراق وكميل شمعون في لبنان ) بحسب مايلز كوبلاند نفسه.
تلهى الناصر وألهى, فرط وأفرط حين انشغل كبناء غر في تلميع الأسوار الخارجية بينما البيت من الداخل متهافت بفعل أهل النفاق والخداع من حوله, انشغل الناصر في الشكليات والمؤامرات وبناء التحالفات ولملة الأعوان للحيلولة دون تحقيق حلم عروبي إسلامي بينما النفير والمجهود الحربي لهبة النيل وأم الدنيا (مصر) ظلا في منأى عن أي اهتمام, حتى عصفت بنا اللحظة الحاسمة التي عاينها وترصد لها أعداء العرب والإسلام من الصليبيين والاسرائليين فكان ما كان في (ستة أيام) من هزيمة ( 67), لاحظوا المصادفة العجيبة, يقولون إن الدنيا خلقها الله سبحانه وتعالى في (ستة أيام) وها هي دنيا العروبة خربت ودمرت على يدي الناصر في ستة أيام أيضا وتلك مصادفة عجيبة لكنها محسوبة لكل من يقرأ الأسفار والعهود من القرآن حتى التلمود, مصادفات ولعلها محسوبات ويقينيات يقف عندها كل عاقل يتدبر ويراجع الأحوال والأهوال.
اليوم يطل علينا الهيكل (محمد حسنين) بقوله المعهود إن السيسي يواجه ظروفا أصعب من تلك التي يواجهها الناصر جمال, ولعلها حقيقة انزلقت من بين أكوام ملفاته الشائكة التي كان يطل علينا بها عبر الجزيرة فأغنته بما دس في جيبه من أتعاب (تيب أو بقشيش) , فهيكل الرجل الخبير بماضي مصر والعرب والقيادات من مات منهم ومن لا زال يحتضر, هيكل هو من كان مناط القراءة والإطلاع من أبناء جيلي (كنت حينها في الصف السادس بداية السبعينات من القرن التالف أو السالف فالأمر سيان) ليس نشاطا مني بقدر ما هو توفر جريدة الرأي يوميا لي لان عمي كان يجلبها مجانا بحكم عمله فيها فنقرأ لهيكل ما نقرأه اليوم من مخاتلات.
الحقيقة التي أفصح عنها الهيكل هي فعلا كذلك بعد سلسلة تحقيقات, الحقيقة التي نزت من بين ضلوعه أن الناصر جمال والسيسي هما وجهان لعملة واحدة, العملة هي محاربة الإسلاميين إن لم نقل الإسلام كما يدعون, وتلك ذريعة كبرى يختفي خلفها كل مخادع حين يقولون إننا نحارب الإسلاميين لا الإسلام, لنعد إلى التاريخ في شعاب مكة حين كان الكفار يحاربون المسلمين, لم يكونوا يحاربونهم لأنهم أبناءهم وأبناء عمومتهم وجلدتهم حين كانوا على دينهم الوثني وإلا كيف نفسر الأمور حين ناصبوهم العداء لحظة أن اعتنقوا الإسلام بمجيء النبي الهاشمي العدنان؟ الم يكونوا أبناء عمومة يجمعهم جامع الدم والنسب فجاء الإسلام وفرقهم بما يدعو له من التحول إلى عبودية الله بدل الأصنام؟
نعم أيها الهيكل, نقر لك بان الأدوات تغيرت حقا, لكنها الحقيقة واحدة ماثلة للعيان, وهو بوح نشكرك عليه لما يكشف عنه فعلا من أنكم كنتم تحاربون ضد مشروع الأمة منذ انبلاج فجرها أي قبل (1400) عام. وللحديث بقية بحول الله.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات