عائلة بلال الأسيرة وقضية الأسرى وصفقة شاليط


عمر هو أصغر أبناء الشيخ سعيد بلال (أحد أعيان مدينة نابلس) عليه رحمة الله ، وهو الوحيد الذي كان خارج السجن حتى قبيل فجر عيد الأضحى المبارك (اعتقل مرتين في السابق) ، لكن القتلة الذي سبق أن قالوا لأمه (أم الأبطال) أنها تنجب "القتلة" ، لم يريدوا لها أن تستقبل العيد بوجود أيّ من أبنائها خارج القضبان. ولم يتوقف الأمر عند ذلك ، بل شمل الاعتقال الحفيد الأكبر للعائلة (سعيد بكر 18 عاما).

لهذه العائلة قصتها المثيرة في البطولة والعطاء والمعاناة ، إذ أن نجلها الأكبر (بكر) معتقل منذ قرابة عامين بحكم إداري ، بينما كان أمضى في السجون ما يزيد عن سبعة أعوام ، تبعتها اعتقالات في سجون السلطة. وهناك معاذ المحكوم بـ"26" مؤبدا ، والمعتقل منذ 11 عاما ، وهناك عثمان المعتقل منذ 15 عاما ، والمحكوم بالسجن مدى الحياة ، بالاضافة الى الرابع (الضرير) عبادة ، وهو محكوم بالسجن عشر سنوات ومعتقل منذ ست سنوات ، وقد اعتقلت زوجته (نيللي الصفدي) منتصف الشهر الجاري ، وقد جاؤوا به إلى مسالخ التعذيب في بتاح تكفا على خلفية شكوك بشأن نشاط زوجته على ما يبدو.

إنها قصة دامية قد لا يتوفر مثلها الكثير ، لكن القصص القريبة منها لا تحصى ، وهو الجانب الذي يلعب عليه الاحتلال بين حين وآخر في سياق تصعيد الحديث حول صفقة الأسرى ، بهدف العبث بمعنويات الأسرى وعائلاتهم.

ولأن التفاصيل شبه غائبة في وسائل الإعلام ، فإن أكثر الكلام لا يقترب من الحقيقة كثيرا ، ذلك أن التقدم المزعوم في الصفقة لم يكن كبيرا إلى درجة التبشير بإتمامها خلال أيام ، إذ أن شروط الاحتلال لا زالت صعبة القبول بالنسبة لحماس ، ليس لأن الإسرائيليين يرفضون الإفراج عن مروان البرغوثي وأحمد سعدات كما تردد وسائل الإعلام ، بل لأنهم يرفضون إدراج عشرات الأسماء الكبيرة والمهمة ، بل الأكثر أهمية بالنسبة للحركة والشعب الفلسطيني.

هناك ثلة من أجمل الأبطال الذين تطالب بهم حماس في الصفقة ، وهي تقبل حتى بإبعادهم إلى خارج فلسطين ، لا سيما أنهم سيظلون نجوما يناضلون من أجل قضيتها أنّى وجدوا ، ومن هؤلاء البطل الأروع إبراهيم حامد ، قائد كتائب القسام في الضفة الغربية ، والذي لم يحكم إلى الآن ، ويتوقع أن يحصل على الحكم الأكثر قسوة في تاريخ الاحتلال (أكثر من ثمانين مؤبدا على الأرجح) ، وهو المثقف والأكاديمي والكاتب الذي اختار البندقية والرصاص طريقا للتحرير ، فكان أن أوجع العدو كما لم يوجعه أحد من قبل باعتراف قضاته ومسؤولي أمنه.

منهم أيضا ، حسن سلامة ، قائد عمليات الرد على اغتيال الشهيد يحيى عياش ، والمحكوم بثمانية وأربعين مؤبدا ، وعبدالله البرغوثي المحكوم بسبعة وستين مؤبدا ، وعباس السيد ، المحكوم بسبعة وأربعين مؤبدا ، فضلا عن سرب من الأبطال الآخرين مثل بطل معركة مخيم جنين جمال أبو الهيجاء وآخرين سواه ، إلى جانب عدد من المعتقلات اللاتي يرفض الاحتلال ضمّهن إلى الصفقة ، وفي مقدمتهن المجاهدة البطلة أحلام التميمي.

صحيح أن العدو قد وافق على عدد من الأسرى المهمين ، لكن حماس لا يمكن أن تتراجع عن إصرارها على الإفراج عن أبطالها الكبار ، وإلا فستكون الصفقة أقل أهمية مما يعول عليها ، والأمر وإن بدا مغامرة كبيرة ، لأن احتمال وصول العدو إلى الجندي الأسير لا يمكن استبعاده (الاحتفاظ به لثلاث سنوات ونيف إنجاز تاريخي شكل إذلالا للعدو يعترف به قادته ومحللوه بشكل دائم) ، إلا أنه (أعني الإصرار على تحرير الأسرى الكبار) مهم من الزاوية المعنوية في حرب تاريخية مع عدو بشع لا زال يقتل ويعتقل وسيبقى يفعل إلى زمن نأمل ألا يتجاوز نهاية العشرية القادمة بكثير ، كما تقول مؤشرات عديدة ، وما ذلك على الله بعزيز.

سيخرج الأبطال لا محالة ، سواء بالصفقة التي نحن بصددها بعد تراجع الاحتلال عن شروطه ، أم بصفقات أخرى مشابهة. سيخرجون حتى لو لم يقع ذلك إلا بعد هزيمة الاحتلال ، وهم في كل الأحوال صابرون يرجون فرج الدنيا من الله ، وإن كان طموحهم الأبرز هو المنزلة العليا عنده في الآخرة ، هم الذين لم يجاهدوا إلا طلبا لرضاه. وإلا فلماذا جعل رب العالمين الآخرة "أكبر درجات وأكبر تفضيلا"؟،.

 


التاريخ : 01-12-2009



تعليقات القراء

محمد / يطا
ألف تحية للأخ ياسر والله انك تعجبنا في مواقفك الوطنية وخاصة عندما نراك على شاشة الجزيرة وبرناج الإتجاه المعاكس
01-12-2009 08:17 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات