الانتفاضة بين الحقيقة والظرف الراهن .. !!


كثر هم المتابعون لما يدور في القدس من اعمال عدوانية على المسجد الاقصى من قبل قوات ومستوطني الاحتلال، ومواقف المواجهة بين المرابطين واهالي القدس في باحات المسجد وعمليات فردية هنا وهناك تنم عن انقطاع الامل في موقف عربي واسلامي يسعى فعليا لحماية المسجد الاقصى وتوفير مظلة امان سواء للقدس او المقدسيين، ونستطيع ان نصنف السلوك الاسرائيلي الممنهج بانه ناتج عن انهيار لادوات الردع الاقليمية هذا من جانب وجانب اخر تهاوي وبهتان ولخبطة في الاوراق الفلسطينية وبرنامجها المشتت، فاذا كانت اوراق العمل الفلسطينية ونشاطات السلطة ترتكز على النشاط الدولي الظاهري والمنقوص للقيمة الفعالة والجوهرية وهي قوة الاطار وتماسكه وعلاقته مع المؤسسات والشعب الفلسطيني، فان اسرائيل تلعب في الوقت الذهبي بالنسبة لها لتضع محددات الواقع على الخريطة السياسية والامنية والدينية بالتقدم خطوات شاسعة لتحقيق حلمها التوراتي في يهودا والسامرا.

امام هذا المشهد المتشابك بين دول الاقليم وعجزها والقوى الذاتية الفلسطينية وعجزها لوضع معالجات تقييمية وابتكارية مستحدثة للبرنامج السياسي، ومقدار هذا الابداع والاستحداث بعلاقة تلك القوى مع الحاضنة التي هي من المفروض ان تكون القوة الاساسية المؤثرة في الصراع مع الاحتلال وتوجيهها الى ساحات المواجهة المختلفة مع الاحتلال.

واذا ما ركزنا في سيكولوجيا ومزاجيات الشعب الفلسطيني الذي مل الانتظار ومل المفاوضات بل وقف مكبلا في مواجهة الاجتياحات والقتل والتخريب الاحتلالي في الضفة، ينظر للانتفاضة هي المخلص له من الاحتلال ومن اتفاقيات احدثت له انهيارات وطنية كالانقسام والتدمير الثقافي والاجتماعي والاقتصادي وقد تكون الانتفاضة تفرض واقعا جديدا من متغيرات سياسية وامنية وخاصة في مجال الاستيطان وحل الدولتين.

امام تلك المزاجيات والسيكولوجيات الوطنية تصطدم في برنامج السلطة والتزاماتها الامنية ومتطلباتها الاقتصادية الممولة من خارج المربعات الوطنية وتعتمد اعتمادا كليا على الدول المانحة وبعض الدول العربية.

برنامج السلطة الذي يلتزم ويعمل بافق برنامج رئيسها السيد عباس الذي لا يؤمن بالانتفاضة وما ستحققه من خسائر بشرية واقتصادية وعدم ايمانه بفكرة الكفاح المسلح ومناسك الثورة ويتجه بما يدعي من واقعية لنهج السلام والسلوك السياسي والدبلوماسي الفاضح للعدوانية الاسرائيلية وفي ظل خطاب الاستعطاف الدولي الذي عجز للان على اجبار اسرائيل تنفيذ اي من القرارات الصادرة من مجلس الامن او الجمعية العامة.

في تلك المناخات ومن تشوق الشعب للانتفاضة الثالثة وتبويب خطاب الرئيس الملمع الذي لم يجزم بتنفيذ اي من قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير، تبقى الانتفاضة املا قد لا يتحقق امام سلوك اجتثاثي للقوى النشطة على مدار عقد او اكثر من الزمن، سلوك اجتثاثي مادي ومعنوي وثقافي مورس بشكل قمعي ولا يخلو من التنسيق مع الاحتلال وفي عمليات تقدير الموقف الامني في الضفة بمشاركة اجهزة السلطة مع الاحتلال وقوى اخرى ايضا.

قد تكون مناخات الانتفاضة الاولى تختلف كليا عن مناخات الحاضر في الضفة تعبويا وسلوكا سياسيا وامنيا في حين كانت الانتفاضة الاولى التي تفجرت من الشمال الفلسطيني المحتل وحاجة منظمة التحرير والفصائل لدعم تلك الانتفاضة وتغذيتها الشعبية والجماهيرية بقوى المقاومة لتخرج منظمة التحرير من الحصار في الشتات ووجود قادة ومفكري من الثورة مثل الراحل ابو جهاد والتي بعد رحيلة وئدت الانتفاضة بعد ان حققت سقف سياسي للتحرك لمنظمة التحرير لتدخل في متاهات اوسلو واتفاقياتها وتفاهماتها، اما الانتفاضة الثانية التي قادها فعليا ابو عمار وابطال شرفاء من الاجهزة الامنية بعد ان فقد ابو عمار اي امل بعد انتهاء الفترة الانتقالية لتحقيق حلمه في اقامة الدولة.

المعايير تختلف بين الامس واليوم والظرف الذي اشعل الانتفاضة الاولى والثانية فاليوم مازال السيد عباس يتشبث بخطوطه السياسية والامنية والاجهزة الامنية بحكم ارتباطاتها مازالت قوة تعمل ضد الطموحات بانتفاضة ثالثة وان كانت على السطح تطفو هنا وهناك بعض العمليات البطولية الفردية الغير منظمة والمرتبة ضمن تكتيك منظم او استراتيجية ، تلك الاعمال والعمليات التي لن تستطيع تفجير انتفاضة امام حركة دؤوبة من الاجهزة سواء للاحتلال او اجهزة السلطة وقوى امنية اخرى، وهنا صرح نتنياهو من نيويورك قائلا وبتعليقا على العملية البطولية لكتائب الاقصى "" اذا لم يحارب عباس الارهاب ، سنضطر نحن لمحاربته""" اذا السيد عباسلن بحدث انقلابا برمجيا وسياسيا وامنيا على برنامجه على غرار ياسر عرفات وليس مستعدا ان تكون نهايته كنهاية ياسر عرفات

من العوامل المظامة لضعف احتمالية حدوث انتفاضة ايضا ضعف وترهل وانقسام فتح وعدم وجود برنامج تعبوي وطني لاطرها ، بل اطر فتح هي بلارقام وليس بالكيف بالاضافة لعدم التكامل بين شطري بقايا الوطن بين الضفة وغزة، وصحة فتح وتوجهاتها وبرنامجها هي المناخ الحيوي لتحديد احد جوانب الانتفاضة ،ويبقى حلم الانتفاضة الثالثة رهن الواقع وحقيقة المكون للقوى المختلفة وفي مقدمتها السلطة في الضفة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات