" جورج وسوف " يسأل


خاص - كتب أدهم غرايبة  - من رحم الحوادث البسيطة تولد الاسئلة الكبرى .

الم تكن حادثة سقوط التفاحة من على الشجرة نحو الارض حدثا عاديا تكرر مرارا امام اعين البشر لولا ان عبقريا مثل " نيوتن " تأمل بسقوطها و طرح سؤاله المعروف " لماذا سقطت التفاحة الى اسفل " ؟! ليكتشف لنا قانون الجاذبية بعد البحث و تشغيل العقل و عدم اكتفائه بقبول فكرة ان ما حدث هو مجرد " قضاء و قدر " كما نفعل نحن .

" جورج وسوف " طرح هو الاخر و من " مختبرات " فنادق عمان الفخمة و في جلسة يفترض انها جلسة " طرب " على جمهوره سؤالا شبيها لسؤال " نيوتن " لا يقل اهمية برأيي , من طراز " على شو رافعين راسكم ؟ ! " قاصدا مريديه من الاردنيين الذين حضروا حفلته و اراد احدهم ان يحظى بصورة معه لولا افسد الامر تدخل بعض الحرس الخاص .

من الطبيعي ان تهب عاصفة شتم جماعيه بحق المطرب السوري المعروف الذي – بالمناسبة – لا يروق لي صوته و لا الحال الذي اصبح عليها جراء تناوله " العقاقير " .

من يتأمل بحال " ابو وديع " و يقارن صورته قبل عشرات العوام و ما آل اليه اليوم يستعيذ بالله من ارذل العمر و يسال الله ان يعفيه من شرور " العقاقير " , لكن ذلك لا يعفينا من البحث عن اجابة موضوعية لسؤال " الوسوف " .

من يتصدى اليوم – دون شتم و مكابره – ليجيب لنفسه على الاقل على سؤال من شاكلة " على شو رافعين راسنا " ؟!

كاتب هذا المقال ما زال يذكر مطلع العام 2010 حينما كان هو و رهط من رفاقه يتصدون لحالة الاحباط الوطني العام التي اصابت كل الاردنيين و انزواء شعورهم الوطني بفعل قسوة حقبة الديجتال التي اعلنت بوضوح معاداتها لاي حالة افتخار وطني و تصدت بلا هواده لتحطيم الشعور الوطني الاردني من خلال خطاب تضليلي كان فحواه ان الاردن بلا تاريخ و ان لا هوية وطنية للاردنيين !

ما زلت اذكر كيف كنا نوصف ب " اليمين الاردني " و ب "الاقليميين " و " صناع الفتنة " لمجرد اننا كنا نعيد تقليب التاريخ لاستحضار تاريخ الانباط و العمونيين و المؤابيين و على رأسهم ملكهم ميشع قاهر العبرانيين مرورا بتاريخ الاردن الحديث و نضالات رجال هية الكرك و انتفاضتهم بوجه المحتل " العصملي " و نضالات رجال مؤتمر ام قيس و المؤتمر الوطني الاردني الذي وضع اسس العقد الاجتماعي الاردني التي كانت تكفل بدولة تسودها الديمقراطية الاجتماعية لولا سلسة الانحرافات التي حدثت , ونضال الجيش الاردني و اصراره على القتال دائما رغم فارق الامكانات المادية . و تحدثنا عن مستقبل بلدنا – حتى بمعزل عن التاريخ - و حذرنا طويلا من فجائع مخرجات حملة بيع مقدرات الدولة الاردنية .

كنا – بوضوح – نستفز الشعور الوطني للاردنيين بعد حقبة تمادي من جهات متعددة استعذبت تبهيت الهوية الوطنية الاردنية بعضها لغايات بيع كل شيء يخص الاردنيين دون مقاومة منهم لطالما ان الشعور الوطني غير مسيطر عليهم , و من جهات اخرى لها احقاد سياسية بلا مبرر حقيقي و تريد ان تشفي غليلها القائم اصلا على الوهم و على نفسيات مضطربه و وقحه تنكر تضحيات الاردنيين .

من المضحك حقا ان البعض كان يصفنا بأننا " احفاد سايكس – بيكو " في محاولة للتشكيك بنوايانا " الاردنية " مع ان هؤلاء ذاتهم لا يطلقون على انفسهم هكذا لقب مع انهم يتغنون بدول قطرية عربية اخرى رسمت حدودها باقلام " يايكس – بيكو " و يدافعون عنها و يتغنون بها , يا للعجب !

اليوم ارتفع منسوب الشعور الوطني كثيرا , بصراحة , اين كنا و اين صرنا !. اسم الشهيد وصفي التل يستعاد بكثافة في الخطاب الوطني بعد عشرات السنين من " الاقامة الجبرية " و " العزلة " التي ضربت عليه مخافة التهم اياها . الذين يستحضرون اسم الشهيد التل ليسوا اليوم من " اليمين الاردني " للعلم , هناك عقلاء من الاردنيين من اصول فلسطينية يستجمعون شجاعتهم و عقلانيتهم فيعيدون البحث في سيرته التي " كانت " تتداول بطريقة ظالمه و تتوارث بدس الاكاذيب و التشويه المتعمد الذي عادة ما يحدث دون اي عقل نقدي و تحت وطأة الهوج العام و الارتخاء لما هو متداول شعبيا .

هل ابتعدت عن موضوع سؤال " الوسوف " ؟!
حتما لا . ما اود قوله ان الشعور الوطني الذي كان محرما و سعينا لاستعادة ليس هو ما اردناه تمام على هذا النحو . صحيح اننا اليوم نشهد تصاعد نسبة المؤمنين بالدولة الاردنية – خصوصا بعد كوارث انحراف الربيع العربي - لكن هؤلاء يكتفون بالعاطفة الوطنية وحدها دون تحكيم العقل , هؤلاء يظنون ان اي سؤال او اية ملاحظة هي تشكيك بوطنهم و يتعالمون معها بالتكفير الفوري .

نحن لا نرى الاردن مركز الكون على الاطلاق , لكننا ايضا لا نرى الاردن بلا حول و لا قوى و لا نراه دولة رخوة من حيث المبدأ بل ان الظروف و الاحداث اثبتت ان بلدنا قادر على لعب دور عروبي يكفل باستعادة التضامن العربي و وقف الانهيار لكن بشروط عدة اهمها وجود حكومات وطنية تقدمية . اذا كان الاردن مريضا فإننا نفكر - اولا - بعدم التخلي عنه لكونه مريضا و نفكر – ثانيا - في علاجه , لا في التخلي عنه و ادخاله لدار العجزة !

من اسوأ ما قاله احد الحضور ردا على سؤال" الوسوف " : انا سلطي ! . للاسف هكذا اجابة تؤكد ان سؤال " الوسوف " سؤال مشروع حيث ان الاجابة لم تكن " انا عربي اردني " مثلا !

بأي حال نحن اليوم امام مديونية ضخمة جاوزت ال 30 مليارا من الدولارت لم ترتد علينا كشعب بشيء, في الوقت الذي كانت فيه اقل من ربع ذلك حتى اواخر التسعينات , الاهم من ذلك أننا كنا نملك حينها مياء الدولة الوحيد و مطاراته و اتصالاته و قطاعه التعديني و كنا ننعم بمستوى تعليم متميز و برعاية صحية متقدمة و كان دخل الموظف يغطي متطلبات الحياة و كانت المخدرات موضع استهجان و استعداء المجتمع و الدولة معا بعكس اليوم , و كنا مجتمعا متسامحا و معتدلا قل ان نبتلى بحمى الطائفية التي لم يكن لنا بها اي علاقة تاريخيا . الزراعه اليوم في تراجع رهيب . قطاع الصناعة ينزف مستثمرين , السياحة عاجزة تماما رغم ان لدينا البتراء التي تعتبر من اهم وجهات السياحة عالميا , نزاود على كل من يعادي الكيان برغم ان سفارته في عمان , جرائم يومية في بيوتنا , نشتم كل العرب برغم حاجتنا لهم و دعم بعضهم لنا !

اليوم , تأمل بحالك ايها الاردني المقدام و انت تنهال بالشتم فقط على مطرب بات صوته يشبه نعيق الغراب و يطرح سؤالا مؤلما من طراز " على شو رافعين راسكم " ؟!

" على شو رافعين راسنا " اليوم بالذات ؟!

كن صادقا و لو مرة .



تعليقات القراء

ابو ضياء
لامست العمق أخي واتفق معك لكن لا بد ان اصارحك بانني بكل امانه رافعا رأسي كأردني وبعيدا عن التاريخ والقيم لكن بهذا الشعب الذي لازال قادرا على حماية وطنه من الفتن رغم الفقر والعواصف المسمومه المحيطه بنا
28-09-2015 12:45 PM
معين
نع الاحترام لكاتب المقال ولكننى لشعر بانه لم يقدم الهدف من المقال..المقدمه جميله وتوقعت الختام ان تكون اجمل ولكن ضعت بالمقال لااننى لم اجد نهايه له تكلم الشعب الاردنى والمغنى ثم تغير الموضوع
28-09-2015 02:15 PM
ليش زعلان طيب
ليش زعلان انت طيب على جورج وسوف ولا عالسلطي حدد موقفك ؟السلطي بيفخر انه سلطي شو مزعلك وين ما نروح رافعين الراس وسوف قال مين انتو الاردنيين قاله احنا سلطية لانه وسوف ما بعرف الاردنية فش غير سلطي بالحفل
28-09-2015 02:37 PM
نسرين
وسوف شتم جمهوره اللي هم من شاكلته جايين يسهرو في حفل غنائي من ال12 حتى الثانية و النصف و لا همهم صلاة فجر و لا غيره الحمد لله انا مش من جمهوره و رافعة راسي اني أردنية على طول ان شاء الله
28-09-2015 03:17 PM
بحب الاردن واقائدالاردن
ليش مهتمين كثير جورج هو طبال لا غير وابن شوارع شو بده يطلع منه عاش الاردن وقائد الاردن ابو حسين الله يطول عمره
28-09-2015 07:26 PM
!!!!
اي بكفي عاد ،،، كذبتو الكذبة و صدقتوها الزلمه ما حكا هيك و الموضوع كلو تأليف ،،هل انت يا كاتب المقال او واحد من المعلقين سمعو بحكي هيك ؟ بس بتسمع و بنعيد بدون ما نتأكد ،،،و الفيديو اللي انتشر ما في
29-09-2015 10:46 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات