القصة ليست من نسج الخيال


في أول رحلة زرت فيها بيت الله الحرام، وكانت برفقة أخي وصديقي أحمد برغش وأخاه ياسر برغش وأمّهم، حدثت في تلك الرحلة مواقف متعددة، ففي رحلتنا تعطلت الحافلة في مدينة تبوك، ومكثنا يومًا كاملًا هناك ننتظر مجيء الميكانيكي لاصلاح العطل، وكنا وقتها في شهر الصيام، حيث افطرنا في مسجد في تلك المدينة، أهل الخير فيها لم يبخلوا علينا فأعدوا لنا طعام الإفطار فجزاهم الله خير الجزاء.

وفي تلك الرحلة وخلال الأحداث المتلاحقة تعرفنا على شاب وسيم ذو لحية كثيفة يلبس ثوبًا سكنيًا مجعلكًا وطاقيةً سوداء مخرمة، دار الحديث بيننا وسألناه : من أنت؟ ومع من جئت ؟ وأين تسكن ؟ وماذا تعمل ؟ وطرحت أسئلة اخرى.

أجابنا فذكر لنا اسمه ولا تسعفني الذاكرة على تذكر اسمه الآن، وقال لنا أنه يسكن في مخيم حطين في عمان،وأنه يعمل كهربائي، وأن أصوله من مدينة بئر السبع. وبدأ الرجل يسهب في الحديث فأخبرنا أنه لم يكن شيخًا، وأنه كان أزعرًا عربيدًا يسب الله ورسوله في الطرقات. وأن موقفًا ما حدث معه في عمله غير مسار حياته من أزعر إلى ملتزم، ثم أسهب في الحديث أكثر فأكثر وأخذ يندمج معنا ويكأن قلبه اطمئن لنا ليحدثنا عن سيرة حياته في تلك الرحلة وأدق تفاصيلها.

سأله صديقي كم عامًا لك متزوج ؟ وكم لديك من الأبناء ؟ سكت الرجل، وعدل جلسته، وقبض على لحيته، ونظر يمنة ويسرة ثم قال : بصوت متحشرج لي عشر سنوات متزوج ولم أنجب، وخلال هذه الأعوام لم أدع باب طبيب إلا طرقته، ولم أترك مشعوذًا إلا تبعته، ولم أسمع عن معالجٍ بالأعشاب إلا وصلته، لم يبق بابٌ إلا وفتحته، والجواب ذاته لن تنجب، ثم صمت الرجل لوهلة وسقطت من عيناه دمعة وقال: أنا اليوم تركت الدكاتره، وجئت إلى هنا لأطرق باب " رب الدكاتره " فهو الوحيد الذي لم أطرق بابه.

اعتمرنا بيت الله الحرام وعدنا إلى عمان، وأصبح بيننا علاقة اتصال، اتصل به لاطمئن عليه، ويتصل بي ليطمئن علي، وانقطع الاتصال بيننا لفترة قرابة عشرة أشهر، وفي غروب يوم ما فاذا بهاتفي يرن، وللسوء حظي لم يكن رقمه محفوظ على جوالي لاعرف من المتصل، فتحت الخط وإذا به يقول السلام عليكم كيف حالك أستاذ محمود طمني عنك، لم أعرف من المتكلم أجبته بصوت منخفض وبهدوء تام وذاكرتي مشغولة بمعرفة صوت المتصل لكن لم أستطع، فقال لي : يبدو أنك لم تعرف من أنا، ألست أنت الأستاذ محمود العايد قلت له نعم، فقال : أنا فلان تذكرته الآن وبدأت اطمئن عليه وأسأله عن أحواله وعن أمه وعن أهله، فقال لي وهو فرح مسرور يا أستاذ محمود الحمد لله لقد رزقت بطفلة فرب الدكاتره لم يتركني وحيدًا.


‫#‏الشاهد_في_القصة‬ :-
أن الله لا يضيع عبدًا بكى عبدًا شكى عبدًا أتى، لكن الإخلاص لله في الدعاء هو السبيل الوحيد للخلاص من الهموم والاحزان والأوجاع. ولا تستهن بذاتك، وكن على حسن ثقة بالله فلن يخيبك الله أبدًا، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( رُبَّ أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبرَّه )).

فهذه العشر هي من خير أيام العام على الاطلاق كما جاء في الأثر، فمن له حاجة عند الله فليدعوا الله أن يحققها له، ولا تنسوا أبناء أمتكم من الدعاء.



تعليقات القراء

ام سري
تأثرت بالقصة انا الان اشكومن مشاكل كثيرة صحية وغير صحية تذكرت اني في الايام المباركة سادعو الله في تلك الايام لعله يستجيب لي..اشكرك
16-09-2015 11:39 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات