قلبى على ولدى انفطر وقلب ولدى علي حجر


كتبت د.مجدولين عبدالله ,,,حينما يبكي القلب الوالدان..وما أدراك ما الوالدان .. 
الوالدان، اللذان هما سبب وجود الإنسان، ولهما عليه غاية الإحسان..
الوالد بالإنفاق.. والوالدة بالولادة والإشفاق..  فللّه سبحانه نعمة الخلق والإيجاد..
ومن بعد ذلك للوالدين نعمة التربية والإيلاد"منقول " 

وأنا أقف في حيرة أمامكم..
مالي أرى في مجتمعاتنا الغافلة عن هذا الموضوع والإستهتار به..؟
أما علمنا أهمية بر الوالدين..أما قرأنا قوله تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً).النساء:36

ألم نلاحظ أن الله قد قرن توحيده ـ وهو أهم شيء في الوجود ـ بالإحسان للوالدين..
ليس ذلك فقط بل قرن شكره بشكرهما ايضاً..قال تعالى: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ) لقمان:14
إلى متى سنبقى في التأجيل المستمر للتفكير في برنا لوالدينا,إلى متى سيبقى الوقت لم يحن للبر؟؟!!..وكأننا ضمنا معيشتهم أبد الدهر,وغفلنا عن هذا الكنز الذي تحت أبصارنا ولكننا للأسف لم نره..

جلست ذات يوم قرب عجوز تقلب صور الماضي من صور عائلية,تتصفح هنا وهناك,كانت تتمعن بكل صورة وكأنها تريد أن تقفز الى اعماق تلك الصور,وبين كل صورة وأخرى كنت أسمع تنهيدة قوية ,وكأنها كانت تريد ان تقول يالله لو أني أرجع طفلة ثم تسكت وتعود من جديد تتنقل بين لحظات وكأنها تعيش بها للتو ,قلت لها :أماه.. بماذا تفكرين ؟

قالت :أنا الآن أعيش بمفردي,هجرني أبنائي,لم يعد لي جيران,لم يعد يطرق بابي احد ,لم أعد أشعر أن هناك حياه,فقط اناظر التلفاز,واسمع الأخبار,وكأنني أعيش بعالم من الأحلام.. ثم صمتت وقالت أقصد من الكوابيس, فربتت على كتفي وقالت لي لا عليكي,لا تهتمي لما قلت .

شعرت من لهجتها بقوة إخفائها لدموع متحجرة,سألتها أين أبنائك؟
أجابت لقد رحلوا ؟ولم يعودوا يذكرون أما حملتهم تسعة أشهر, لم يعد يذكرون أنني عانيت حتى أطعمهم ,انظفهم ,اجعل منهم أناسا محترمين متعلمين.

أتعلمين يا ابنتي ما هو ذنبي؟
إنني آثرتهم على نفسي ولم أتعلم ,عشت لأجلهم فقط,وحينما رحلوا رحلت معهم فلم يبقى لي الا نفسي ,فأنا أجلس مع نفسي حتى أنني رحلت عن نفسي.. رحلت روحي معهم ,انهم أبنائي الذين يبكي القلب من أجلهم.

هم رحلوا وزوجي توفاه الله,عندما يرحلون ,لا تزال أثار أقدامهم على التراب قد بقيت فأنظر إليها وعيني غارقة بالدمع , فأجد قلبي قد تتبع أثارهم دون شعور يدعوا لهم بالهداية والرضى ثم لا ألبث قليلا الا وجاءت الرياح لتمحي أثار أقدامهم, والآن أصبحت أنا بالنسبة لهم ذكرى , قد فقدت أخبارهم ودونت في داخلي ألم رحيلهم.

قاطعتها وانا اشعر بحشرجة صوتها:هل هم خارج البلاد؟
قالت:لا .. انهم هنا في بلدي لكني لا أراهم ,ولاني أشتاق لهم, كل يوم أتصفح الذكريات الجميلة لعائلتي عبر الصور ,ثم سكتت برهة فتنهدت واكملت :أنظري يا ابنتي لأصابعي .. (وإذا بأغلب أصابع يدها مبتورة الأجزاء) ..

انتابني الحزن حتى فطر قلبي معه,ما السبب في ذلك؟
قالت:انه داء السكري الذي أصابني وانا بسن السابعة والعشرين والان بلغت السبعين .. لازمني قرابة الاربعين عاما,كنت حينما أعد الطعام لأبنائي كل يوم تلتهم النار جزءا من طرف اصابعي وانا لا اشعر,حتى تبترت معظم أصابعي.

فشعرت بالحزن الشديد ,وانتابني خوف أشد ؟هل سيأتي يوم أبقى فيه بمفردي؟
وكأنها شعرت بما يجول بخاطري,,فضحكت وقالت :يا ماما أذا كانت على أصابعي بسيطة,عندي جلطة بالقلب وتضخم بالكبد,وماء بالرئة,وهشاشة بالعظام,ونظري تعبان,كله من السكري.

تعبت وأنا أربي أبنائي وهم ذاهبون يركضون وراء لقمة العيش,وقالت ربي يعينهم ,ربي يرضى عليهم,الحمدلله يا ابنتي انا في صحة وعافية من الله.

ثم قالت انا أجلس في بيتي فما حال تلك المرأة العجوز التي ذهب بها ابنها إلى الوادي عند الذئاب يريد الانتقام منها , وتسمع المرأة أصوات الذئاب , فلما رجع الابن ندم على فعلته فرجع وتنكر حتى لا تعرفه أمه .. فغير صوته وغير هيئته... وحين اقترب منها.

قالت له يا أخ : لو سمحت .. هناك ولدي ذهب من هذا الطريق انتبه عليه كي لا تأكله الذئاب..
يا سبحان الله ... يريد أن يقتلها وهي ترحمه.!

ولكن هكذا تصنع الذنوب وهكذا يصنع العقوق بالأمهات .
إن الجنة في بيتك والنار داخل بيتك ؟ نعم .. إنه الوالد والوالدة قال الحبيب صلى الله عليه وسلم ( الوالد أوسط أبواب الجنة فاحفظ البيت إن شئت أوضيع ) . قال العلماء : من أبواب الجنة باب الوالد أي الوالدين وهذا الباب قد يدعى أناس عليه يوم القيامة أن ادخلوا من هذا الباب فيدخلون الجنة عن طريق هذا الباب.

ولكن يا ترى من هم هؤلاء الذين يدخلون من هذا الباب ؟ إنهم أهل البر بالوالدين إنه باب داخل البيوت ولكن أكثر الناس لا يشعرون بذالك .

ذكر العلماء أن رجلاً حمل أباه الطاعن في السن، وذهب به إلى خربة فقال الأب: إلى أين تذهب بي يا ولدي، فقال: لأذبحك فقال: لا تفعل يا ولدي، فأقسم الولد ليذبحن أباه، فقال الأب: فإن كنت ولا بد فاعلاً فاذبحني هنا عند هذه الحجرة فإني قد ذبحت أبي هنا... فكما تدين تدان.!
رب اغفر لي ولوالدي وارحمهما كما ربياني صغيرا.



تعليقات القراء

رجل حر
كلماتك ابكتني يا دكتورة
انا متابع لمقالاتك الجميلة
كلنا نعرف هالكلام لكن ركضنا وراء تامبن لقمة العيش اشغلتنا عن اهلنا
الله يرحم والديك ووالدينا واغفر لهم يا رب
الله يسعد البطن اللي حملك دكتورتنا
13-09-2015 05:26 PM
إلى رجل حر/ابو إلياس النعيمات
اشاطرك نفس القول فقد عجزت عن التعليق
13-09-2015 05:50 PM
ابو شريف
الله يبارك فيكي دكتورة..كلنا بحاجة لهالكلام الطيب
13-09-2015 07:19 PM
ناهد عبدالله
الله يعطيك الف عافيه دكتوره مجدولين والله يخلي اهلنا ويطول بعمرهم صراحه الكل مقصر باهله مقاله رائعه
13-09-2015 08:19 PM
المثنى
و إن في قصة علقمة كثير الصلاة ،كثير الصيام ،كثير الصدقة لعبرة
إذ أن سخط أم علقمة حجب لسانه عن الشهادة و إن رضاها أطلق لسانه بها !!!!
14-09-2015 11:44 PM
اردني يتيم مغترب
كتب فلمك فعبر فابدع غايه في الروعه سلمت يمناك ايها النشميه
16-09-2015 09:36 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات