الحكومة في عجلة من أمرها


ما زال شعار "الشعب يريد إصلاح النظام" مرفوعاً لأنّ الفساد المتجذّر الراسخ في الأردن عامٌّ و طام و باق و يتمدّد, أمّا الحديث عن فساد مشروع القانون الإنتخابي فهو جزئية نمارس فيها نوعاً من "الهرطقة" نتيجتها كمحاولة تحلية نقطة واحدة من ماء البحر الميت إذ هي محاولة يائسة محكومٌ عليها بالفشل و حتى إن نجحت فهي لا تُجدي نفعاً في ظل بحر الفساد المتلاطم.
ليس لأنّ الحكومة مشغولة جداً بنجدة المسجد الأقصى لمنع اليهود من الدخول إليه بموجب وصايتها عليه و إنّما لسبب آخر و بسرعة البرق و على عجلة من أمرها و على غير العادة قدّمت الحكومة الديكورية قانون الإنتخاب الذي وضعته الحكومة الخفيّة إلى البرلمان و على دورته الاستثنائية التي شارفت على الانتهاء, فما هو السبب يا ترى الذي دعا الحكومة إلى هذه العجلة ؟؟.
قد كانت تنوي الحكومة إجراء حوار مع الجميع حول القانون و أعلنت ذلك على لسان رئيس الحكومة نفسه, فجأةً عادت و رجعت عن هذا الحوار و قرّرت ارسال القانون و على عَجل للبرلمان, ذلك لأنّه تبيّن لها و في مُدّة قصيرة كيف كان الاحتجاج الشعبي و الحزبي واسعاً و صريحاً على هذا القانون الخاطئ, و قد ظهر جلياً للشعب في هذه الفترة الوجيزة الأخطاء و العيوب و المثالب و الثغرات و الأضرار التي سيُلحقها هذا القانون بمُختلف الأطياف الشعبية العشائرية و الحزبية على حدّ سواء.
رأت الحكومة أنّها إذا ما دخلت في حوار موسّع مع هيئات المجتمع المدني و لفترة طويلة ستظهر عيوب و أخطاء و ثغرات و أضرار جديدة لهذا المشروع فيُفتضح أمر الحكومة التي ظهر أنّها لا تعلم عن طبيعة هذا القانون و مراميه شيئاً لأن الحكومة الخفية هي التي وضعت القانون و لها فيه مآرب أخرى, و قد ينتج عن انكشاف عورة و سوءَة هذا القانون قراراً شعبياً عشائرياً و حزبياً بالإحجام عن المشاركة في هذه الإنتخابات و مقاطعتها ترشّحاً و تصويتاً.
و من الأخطاء و الأخطار و المثالب و العيوب التي بيّنها المختصون القانونيون و ذوي الخبرة:
أولاً: أنّ القانون مُخالف للدستور في أكثر من جانب حيث أن تقسيم الدوائر يُعتبر حقّاً لمجلس النواب يجب أن يأتيه ضمن القانون بنص الدستور, لكن "الحكومة الخفية" احتفظت لنفسها بهذا التقسيم لتصنّفه على "كيفها" لحساب مآربها دون وجه حق و بمخالفة دستورية واضحة.
ثانياً: أنّ القانون قد غابت عنه العدالة في موضوع النسبيّة المُقيدة للأصوات المحبوسة "المعتقلة" في القائمة الواحدة التي هي بمثابة "الصوت الواحد" و كأنّك يا أبو زيد ما غزيت.
ثالثاً: غابت العدالة عن هذا القانون بالتمييز بين المواطنين بكثرة الكوتات المُخالفة للدستور الذي نصّ على المساواة بين الأردنيين.
رابعاً: غابت العدالة أيضاً عن هذا القانون بالتمييز بين القبائل أو العشائر فمثلاً في "محافظة" يبلغ تعداد سكّانها مليون تقريباً أضافت إليها الحكومة ألوية كانت دوائر مستقلّة تخص قبائل أو عشائر بعينها فصارت كلّها دائرة واحدة في حين بقيت دائرة البدو المجاورة لهذه المحافظة دائرة مستقلّة بذاتها و لها نفس عدد مقاعد المحافظة تقريباً و هذا ظلم و إجحاف كبير بحق بعض القبائل أو العشائر و هو تمييز صارخ بين القبائل و العشائر ستظهر نتائجه إمّا قبل الإنتخابات أو بعدها عندما تظهر النتائج.
لا يتّسع المجال لذكر كل عيوب و أضرار هذا القانون و أشدّها ضرراً أنّه لا يُحقق رغبة الشعب الأردني المثقّف الواعي الذي كان يطمح أن يكون الوطن كلّه دائرة واحدة لتحقيق العدالة لكلّ المواطنين و لسان حال الحكومة يقول أنّ هذا الشعب لايستحق هذا المستوى من العدالة لأنّه غير واع و غير مثقّف و ما زال طفلاً لا يعرف مصلحة نفسه.
لذلك سارعت الحكومة لكي لا يُفتضح أمرها فقطعت الطريق على الحوار و قدّمت القانون على الدورة الاستثنائية للبرلمان لتعطي حجّة لبرمانها المزوّر المُصادق سلفاً على القانون بأنّه ليس لديه مُتّسع من الوقتٌ لمحاورة هيئات المجتمع المدني حول القانون حتى لا تنكشف عورته و سوءَته أكثر فأكثر.
و بما أن الأوضاع في الأردن كلّها متضاربه و متناقضه و مُجتزأة و متداخلة بطريقة تسمح بتمرير ما لا يجوز تمريره فسيبقى الشعب الأردني لا حول له و لا قوّة ولا برلمان ولا حكومة و فقط ينظر بعينه إلى السماء ينتظر الفرج و زوال الغُمّة.
تريد "الحكومة الخفية" من وراء هذا الحصار الذي تفرضه على الشعب الأردني بالتضييق على حريّته و اعتقال صوته و حبسه في قائمة واحدة أن يرفع يديه مُعلناً الاستسلام و اليأس من أيّة محاولة للإصلاح و أنّ عليه أن يهجع على السرير و يقبل بالواقع المرير و يُرسل أولاده إلى التنمية الاجتماعية لأنّه فقير.



تعليقات القراء

محمد المنسي
الحكومة الخفية هي الم--- ات
08-09-2015 09:54 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات