إلّا ليعبدون.


بسم الله الرحمن الرحيم
قد علمنا من كلام الله الحق المبين في القرآن العظيم أنّه خلقنا لمهمة محددة و هي عبادته وحده سبحانه, قال تعالى " و ما خلقت الجنّ و الإنس إلّا ليعبدون " نؤمن به ربّاً واحداً لا شريك له و باليوم الآخر و بالقدر خيره و شرّه.
نعبده سبحانه بأداء الفرائض و السنن, قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبدا, كتاب الله و سنّتي " و قال صلى الله عليه و سلم " كل النّاس يدخلون الجنّة إلّا من أبى, قيل و من يأبى يا رسول الله ؟ قال : من أطاعني دخل الجنّة و من عصاني فقد أبى ".
نعبده سبحانه بالإحسان إلى الوالدين و صلة الأرحام و الجهاد في سبيل الله كما نعبده سبحانه بالصدقة و قول كلمة الحق في وجه السلطان الجائر .. نعبده سبحانه بالتجارة و الزراعة و الصناعة كما نعبده بقراءة القرآن و حفظه و دراسة علومه و تحكيمه في حياتنا دستوراً للدولة شاملاً صالحاً لكل زمان و مكان, و ليس كدستور بريمر في العراق أو دستور فرنسا في لبنان أو دستور عبدالله النسور "يعدّل و يبدّل على كيفه".
نعبده سبحانه و تعالى بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر حتى لا نكون كاليهود الذين لا يتناهون عن منكر فعلوه, نعبده سبحانه بمقارعة الظالمين و ملاحقة الفاسدين و المطالبة بحق المواطن بأصوات في الإنتخابات البرلمانية بعدد أعضاء مجلس النواب, لأن نائب الرمثا سيتّخذ قرارات في البرلمان تؤثر على أهل العقبة, كما أن نائب العقبة يتّخذ قرارات تؤثّر على أهل الرمثا, و لذلك فمن حق أهل الرمثا أن يقولوا رأيهم في نواب العقبة, و من حق أهل العقبة أن يقولوا رأيهم في نواب الرمثا, و أن لا يقبل المواطن بحشره و حبسه في دائرة واحدة لا بل في قائمة واحدة "الصوت المُعتقل".
نعبد الله سبحانه بالذكر و التسبيح و الصلاة و التسليم على رسول الله و آله, كما نعبده سبحانه بالسواك و إطلاق اللحية و تقصير الثوب إلتزاماً بسنة المصطفى صلى الله عليه و سلم.. نعبده سبحانه بالمخبر و المظهر, فنحن أمّة متميّزة حتى في مظهرها.
لقد وجدنا في سيرة المصطفى صلى الله عليه و سلم و صحابته الكرام الذين كانوا هم أفهم الناس بالكتاب و عملاً به و أفهم الناس بالسنة و العمل بها, يتّصفون بصفتين رئيسيّتين, الكرم و الشجاعة, فالمسلم كريمٌ جواد شجاعٌ مقدام.
كريمٌ جواد لأنّه يؤمن بأن الرزق بيد الله يؤتيه من يشاء من عباده "يبسط الرزق لمن يشاء من عباده و يقدر له" , " و إن من شيء إلّا عندنا خزائنه و ما نُنزّله إلّا بقدر معلوم" , " ما من دابة في الأرض إلّا على الله رزقها" ثم قال جلّ في علاه "و يُمددكم بأموال".
و قال صلى الله عليه و سلم في الرزق :"ما نقص مالٌ من صدقة" و قال صلّى الله عليه و سلم "أَنفق بلالا و لا تخشَ من ذي العرش إقلالا".
فَهْمُ القرآن و السنة فهماً صحيحاً جعل الصحابة الكرام و يجعل المسلم الحق كريماً جواداً.
و يكون المسلم شجاعاً مقداماً لأنّه قد عَلمَ من الكتاب و السنة أنّ عمره مكتوباً من لحظة خلقه في رحم أمّه "لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون" و قال تعالى "أينما تكونوا يُدرككم الموت" و لذلك كان الصحابي شجاعاً مقداماً و كذلك المسلم الحق, لأنّه يعلم أن الشجاعة و الإقدام لا تُعجّل بساعة الموت و لا حتى ضرراً, إيماناً منهم بقول المصطفى صلى الله عليه و سلم لابن عباس :"يا غلام احفظ الله يحفظك, احفظ الله تجده تجاهك, إذا سألت فاسأل الله و إذا استعنت فاستعن بالله, و اعلم أنّ الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ما نفعوك إلّا بشيء قد كتبه الله لك و لو اجتمعوا على أن يضرّوك بشيء ما ضرّوك إّلا بشيء قد كتبه الله عليك, رُفعت الأقلام و جفّت الصحف" و في رواية, قال صلى الله عليه و سلم "و اعلم أن ما أخطأك لم يكن ليُصيبك, و أنّ ما أصابك لم يكن ليُخطئك".
و ها هو سيف الله المسلول ينتقل مجاهداً شاهراً سيفه من قرية إلى قرية و من سهل إلى جبل إلى واد, من معركة إلى أخرى من أطراف المدينة المنورة إلى أرجاء الجزيرة العربية ثم إلى دومة الجندل ثم إلى مؤتة ثم إلى اليرموك فدمشق و حمص يطلب الشهادة و هو القائد المقدام و هو رأس الحربة و يأبى الموت أن يأتيه في الميدان و لكن على فراشه فيقول:"لقد دخلت أكثر من مئة معركة و ما في جسدي موضع شبر إلّا و فيه ضربة سيف أو طعنة رمح أو رمية سهم و ها أنا ذا أموت على فراشي كما يموت البعير.. فلا نامت أعين الجبناء" صدقت يا أبا سليمان "لا نامت أعين الجبناء".
هكذا فهم الصحابة و يفهم المسلم الحق من الكتاب و السنة أن يكون كريماً جواداً شجاعاً مقداماً, لأنّ الجائزة تستحق النفس و النفيس "ألا إنّ سلعة الله غالية, ألا إنّ سلعة الله الجنّة".
و قد علمنا أنّ أكرم الناس هو من يجود بنفسه في سبيل الله, يُعرّضها للأخطار إمّا بالجهاد في ساح الوغى أو بقول كلمة الحق في وجه السلطان الجائر آمراً بمعروف ناهياً عن منكر مطالباً بتحكيم شرع الله في أرضه و على عباده الذين خلقهم لعبادته حصرياً.
و قد رأيت في هذا الزمان أنّ أكرم الناس و أشجعهم هم الشباب و قد قال صلى الله عليه و سلم "نُصرت بالشباب".. فقد كان علي بن أبي طالب "فتى" عندما خرج لمبارزة الفارس المشرك المشهور عمرو بن ودّ العامري فيصرعه, و هذا أسامة بن زيد يقود أحد البعوث و عمره 17 عاماً, و من قبل سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما قال للنمرود دعك من هذه الأصنام الحجريّة و اعبد الله وحده لا شريك له ثم دعاه و قومه إلى التوحيد فلم يستجيبوا له, فذهب يحطّم أصنامهم عندما كانوا في "المهرجان", فلمّا عادوا قالوا: من فعل هذا بآلهتنا .. قالوا سمعنا "فتىً" يذكرهم يُقال له إبراهيم.. قالوا: حرّقوه.. قلنا يا نار كوني برداً و سلاماً على إبراهيم.
تُرى هل قام أحدٌ من قوم النمرود يقول للفتى إبراهيم: ماذا استقدت يا بُني من عملك هذا الذي لا يُقدّم و لا يؤخّر ؟؟ و سينحت أبوك اليوم و غداً للقوم أصناماً جديدة أكثر حداثة و جمالاً.. فما الفائدة من هذا العمل يا بنيّ ؟؟.
ربّما يرد الفتى إبراهيم عليه السلام بالقول "لتحريك العقول الراكدة و ليرجعوا لأنفسهم فلعلّ و عسى أن يعلموا أنّ الله تعالى خلقهم لعبادته حصرياً و ليس لعبادة النمرود و أمثاله من الأصنام البشرية.
صحيح أنّ سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم قال يوم فتح مكّة لمُشركيها "اذهبوا فأنتم الطلقاء.. لكنّه انقلب إلى صحن البيت المُعظّم هو و أصحابه الكرام ليُحطّم 360 صنماً كانت قائمةً حول الكعبة وهو يقول "جاء الحق و زهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقا" لإزالة مظاهر الشرك تمهيداً لإزالته من القلوب, و الطلقاء ينظرون إليها تتهاوى يملؤ الغيظ قلوبهم.
و قد رأينا في هذا الزمان أيضاً كيف أنّ الشباب العربي في ربيعه السلميّ الزاهر يُقارع بصدور عارية بلطجية و شبيحة الأصنام البشرية.
لقد فهم الصحابة الكرام و يفهم المسلم الحق أنّ الله قد خلقنا لمُهمة محددة.. خلقنا لعبادته.. لعبادته وحده.. فهل نحن له عابدون ؟؟؟
ضيف الله قبيلات



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات