في ذكرى العروبة, تساؤلات تترى


"لا تصالح ولو قيلَ رأسٌ برأس.لا تصالحْ على الدم حتى بدم. أكلُّ الرؤوس سواء؟؟؟"........
"سجّل أنا عربي, ورقم بطاقتي خمسون ألف.................
"بلا د العرب أوطاني.... من الشام لبغدان.................
"إذا الشعب يوما أراد الحياة.....
أمام هؤلاء القامات الشاهقة من مجسات استشراف الغد الآتي, الفخورين حد الهيام والولع بعروبتنا, ترى, ماذا أورثتنا أحزابنا (القومية واليسارية والاسلاموية) و دواويننا ومجالسنا ومدارسنا العربية غير النفخ والتورّم على غشٍّ وخداع؟
ماذا علمتنا مجالسنا النيابية ومضافاتنا (المخومسة والمسوبعة) وهيلماتنا واحتشاداتنا سوى التبجح والزيف واللهاث خلف الحقوق القومية وعودا كاذبة بإقرار لا يتعدى هزَّ الرؤوس والطبطبة على الأكتاف بينما الأسلحة كما هي الاستشارات والوصفات مستوردة تفتك وتبطش وتفعل الأفاعيل؟
ترى, ما عسانا أن نكتب على دفاتر الأيام لأجيال تلهث في سباق التتابع على دروب الهزائم والنكبات والانكسارات (من الأندلس المُلك المُضاع على إيقاع الدفوف حتى فلسطين المغتصبة على قرع الأنخاب والكؤوس ), أجيال تتعثر من تزاحم الكلمات بين النزوح واللجوء والتهجير والتطهير والاغتصاب والتمثيل وقطع الرؤوس, وما حوت القائمة من تلك المترادفات يطول ويطول؟
ماذا سنقول لأجيال تتكدس برسم البيع فوق رفوف الخديعة وقد أورثناهم فارغ القول مع قلّة الحيلة؟ يلفهم الضياع كل ليلة في غبش الحقيقة تحت جنح الليالي المطيرة في ليل حالك مظلم, برده قارس, وجوعه يأكل ما تبقى من صبر وجلد في جوارح الجسد.
أنقول لهم إن السادة النجب من هواة العرب خاضوا معارك الاستقلال والتحرير والخلاص فاستحقوا لقب البطولة في الذود عن الشرف العربي كما استحقوا عن جدارة شرف معاشرتنا ومضاجعتنا باسم الريادة والقيادة.
ماذا نقول للأجيال ؟
أنقول لهم إن الشريعة والشرعية وصناديق الاقتراع والشرائع الأرضية والسماوية والدساتير والماجنا كارتا والانقلابات والتنسيبات والوصفات (الامريكو – صهيونية) و (الروصينية ) و (الصفيونية) كلها دنت منهم وأقرّت بريادتهم علينا؟ بينما المواقف والشواهد العملية ملفوفة كالعمل الشيطاني السفلي في بطون النوايا الحميدة؟ أنقول لهذه الأجيال "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"؟ أنقول لهم إنهم توخوا الهدف فاخطأوا الوسيلة؟ أم نقول كانت الظروف أقوى منهم ومنا؟ ترى ماذا عسانا أن نقول لبعضنا في جلسة تخلو من أي واش أو متصيد أو متربص للبوح بالمحظور على عواهنه؟
أنقول لأجيال اصطفّتْ على طريق الخزي والنكس والهزيمة إننا قوم وان قهرتنا الظروف فإننا (أهل صدارة), قوم ( لنا الصدر دون العالمين أو القبر), قوم منذ خلقنا (....إذا بلغ الفطام لنا رضيع تخرُّ له الجبابرة ساجدينا)؟ أنقول لتلك الأجيال إننا نأكل لحم كل معتد وغاصب نيئا (بلا ملح) وبلا هوادة بينما عيونهم (الأجيال) ترمقنا وتخترقنا ونحن نهيم شبقا في مضغ لحوم بعضنا بعضا؟
أيها الفتى العربيّ العاشق للأماني العِذاب.
أيها الفتى العربي الملهوف لهفة أمك لك بعد طول ترقب وغياب.
الكلام والثرثرة وضروب السفاهة والرعونة والتبجح والتنافخ والادعاء هو ديدن الأمة الفارطة منذ وجد الهواة العابثين بأمرنا, من النهر إلى البحر, من الخليج العاثر إلى المحيط الهادر, من طز إلى طاخ وكله مختزل في مقولة نزار (خازوق دق ولن يقلع, من شرم الشيخ إلى سعسع).
أيها التوّاق منذ عقود وعقود إلى ومضة من رجولة يعربية ولو لحظية فجائية, ترى ماذا علمتنا مناهج مدارسنا وجامعاتنا العربية؟ ماذا قدمت لنا آلاف المحطات في الميديا العربية والاستراتيجيات الوطنية والقومية والأممية المستنسخة على أيدي أرباب (البزنس) وعملاء البرامج الفاشلة غير دعوى اضعف الإيمان (الشكر والحمد لله على نعمائه والصبر على بلوائه) والقناعة بحضور عشاء مُعلّب وسهرة ريعية بمظاهر تجميلية تتخمنا فتقعدنا عن جدوى التفكير في مصير تعدانا بعد أن أكل وشرب نخبه فوق قوس خضوعنا وانحنائنا منذ عقود؟
المحزن والمبكي والمضجر حد القهر وصولا إلى الجلطة القلبية أن عبيد الأمة ممن استهوتهم لعبة المسؤولية والريادة في شتى مواقع المسؤولية شطبوا إثم الخداع والتضليل وجرائم التدليس من قائمة الملاحقة والعقاب الدنيوي والأخروي معا فتراهم يدوسون على جثث شعوبهم دوس المتنزهين على عشب العبث واللهو, يبولون عليهم بول المصطافين العابرين لمرة واحدة فوق شطآن التعري والمجون, كل ذلك مرده إلى عبودية المنصب والجاه, الكل (عبد), عبيد يتسيدون عبيد, فمن السيد الحقيقي ترى؟ اهو العبد المسود المعفي من جرائر وآثام السيادة؟ أم هو العبد الذي استعبدته عوائد السلطة وشهوة المسؤولية مع التبعية وفقدان الإرادة؟ من هو العبد وكلنا زطٌّ كما قال عرار " الكل زطٌّ مساواة محققة تنفي الفوارق بين الجار والجار".
المخزي والمقرف حد الكفر والإلحاد بكل القيم والشعارات الفارطة أن روادنا الأوائل والأيائل الحاليين واللاحقين منهم (لظموا) أكفان بني جلدتهم بميبرات مسمومة حتى إذا ما تململ الضحية في قبره عاد واهنا متقرحا إلى قبره الجماعي مع بني قومه.
حروب الوكالة والنيابة خاضوها بلا كلل أو ملل, مسلسلات الضحك والتضليل والتنفيس والتنكيس خاضوها بكل اقتدار, مدافعهم صوب عدوهم الحقيقي محشوة بنثارة الخشب لا تسمع دويها إلا حين تستدير نحوك, فوهاتها باتجاه الأقصى ملجومة بلجام من الخيش مشرعة باتجاه الشرق المجوسي على كذبة مغشاة تتبعثر على سطوح مقعرة, حسبناها زمنا طويلا ازولة حقيقية وإذا بها سراب بقيعة لا وجود لها على ارض الواقع.
اليوم, بين عرار والشابي يتعثر محمود درويش وأمل دنقل ومظفر النواب في الأسلاك الشائكة, يهيمون على وجوههم منكسري الخاطر يائسين محبطين, مطأطئي الرؤوس بعد أن كان الزهوُّ مجلجلا في ثنايا قريضهم وإذ قضى من قضى منهم فقد ارتاح قبل أن يرى ما نرى.
ترى ماذا نرى؟
بين القومية والوطنية مسافة فضفاضة يتيه فيها زفير السخط ويتآكل فيها زئير الغضب ومع كل ذلك فقد ملأها (قوادو السياسة) تحوطا بمواخير المتع والمجون.
بين القطرية والقومية سنوات ضوئية يتوارى في فضائها الشاسع كل قبيح.
العروبة أمنية أزلية حولوها في أبراج التقطير الجزئي ومعامل تكرير النفط إلى كذبة أبدية.
القطرية انتكاسة أخلاقية وفقاعة هواء معوية تسبب عسر الهضم.
الثورات صراخ المريض من وجع دمامل متقيحة, طعنوا المريض بالمياسم المحمرة بحجة العلاج, مات المريض وها هو الصديد ينزف شاهدا على جريمة الخطأ الطبي.
أما سخونة الأجساد فقد قالوا عنها إنها حمّى لا حمية ولذا فهي تحتاج إلى أقوى المسكنات والعقاقير والمخدرات, جلبوها – مشكورين - من كل الأصقاع بحجة التامين الطبي.
مع كل الذي قيل, الكل منهم اليوم غارق حتى أذنيه مشغول بأمرك (خوفا عليك) من آفة التدخين.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات