ضاعًفوا مخالفات الخلوي


 عندما اندفعت السيارة القادمة من الاتجاه المقابل نحوي ، وأحسست بأن السائق يفقد توازنه ، أجفلت واعتقدت لوهلة أنه نائم أو أن أمراً خطيراً حدث له ، كنت لا أستطيع أن أوجه السيارة بعيداً لئلا أصطدم بالرصيف ، وكان السائق يمسك بيده المقود وبالأخرى جهازه الخلوي ، ويضحك بفرح،، أطلقت بوجهه الزامور ، تنبه إلى أن سيارته تتجه نحوي ، عدل من وضعه واستمر في حديثه السعيد،، يا للهول، لماذا نستخدم كل مظاهر التكنولوجيا المدهشة بشكل خاطئ؟ لماذا تصبح الخلويات مصدر إضاعة الوقت والمال بدلاً من استغلالها لخدمة حياتنا؟ أنها من أكثر المفاجئات التي جاءتنا بها ثورة الاتصالات في هذا القرن الجديد ، وأنا لا أصدق أنني كنت بلا جهاز خلوي قبل ثلاثة عشر عاماً بالتمام والكمال ، كيف كانت حياتنا قبل الخلوي وكيف هي الآن؟ انه ذروة التغيير في سلوكياتنا ، فكيف إذا اجتمع الخلوي والانترنت؟ نحن لسنا كما كنا قبل عشرة أعوام.. لقد تغيرت كل مظاهر حياتنا ، وانقلبت يومياتنا إلى شبكة اتصالات ما بين الفضائيات والانترنت والخلوي ووسائل المواصلات المتطورة ، كلها نًعمّ هبطت علينا مع بركات القرن الجديد.

قبل أيام كنت أقود سيارتي على الأوتوستراد الدولي باتجاه جامعة آل البيت ، وفي البعيد كان يلوح أمامي منظر قطيع من الأغنام ، تمهلت لئلا يخطر ببال أحدها أن تقطع الطريق فجأة ، لكنني فوجئت بأن الراعي (ما غيره) يحمل جهاز خلوي ويتحدث وهو يقود قطيعه،، يا إلهي ، أين ذهبت الشبابة والفضاء البعيد الذي يملأه الراعي (ما غيره) بأصوات الشبابة.. ضحكت وتصورت القطيع يستمع عبر خلوي الراعي إلى أغنيات (تامر حسني).. لمَ لا..؟ ألا يستحق الراعي أن يطور لغة خطابه مع قطيعه..؟ ان ما رأيته مقياس لحجم التغيير الذي طال كل نواحي حياتنا ، ويصلح للدعاية لشركات الخلوي،، كل هذا حسن ، نحن في قلب العالم ، ونحن بلد سريع التطور ، ما العيب في ملايين الأجهزة الخلوية؟ ما العيب في استخدام الهاتف الخلوي للاتصال مع كل أنحاء العالم؟ نحن شعب لدينا امتداداتنا في كل أنحاء العالم ، أهلنا بمنتهى الحيوية سواء كانوا طلاباً أو تجاراً أو عمالاً أو موظفين أو مغتربين ومهاجرين.. كل هذا حسن ، لكننا لا نقبل بأن تقتلنا مكالمات السائقين الذين يستمتعون بالأحاديث العابرة وهم يقودون سياراتهم في طرقات تعمرها سيارات الناس،،.

قرأت قبل مدة بأن عدد مخالفات السائقين الأردنيين الذي استخدموا هواتف خلوية أثناء القيادة في هذا العام وصل إلى 40,000 مخالفة، مش معقول ، أكثر من ثلاثة ملايين هاتف خلوي ، وأربعين ألف مخالفة فقط؟، مستحيل لأن الذين لم تتم مخالفتهم أكثر من مليون ، نعم أكثر من مليون، هذه أنانية ، وأنانية غير مسؤولة ، من يستخدم هاتفه النقال وهو يقود سيارته في طرق مزدحمة بالسيارات والناس والأرواح وباصات نقل الطلبة وباصات النقل العمومي ، يجب أن يتم التعامل معه بحزم وشدة.. ما زلت حتى الآن لا أستطيع نسيان منظر السيارة المندفعة نحوي ، وما زلت أتذكر يد السائق التي تقبض على الخلوي ، وأكثر ما يضايقني تذكر ضحكته التي تقطر أنانية،، يضحك وهو يكاد يرتكب جريمة.

ضاعًفوا مخالفات الخلوي..أرجوكم ، ضاعًفوها لتحموا أرواحنا،.



تعليقات القراء

عمر الجازي
شكرا دكتورة هند على المقال الرئع.
18-11-2009 11:05 AM
سوزان
ليس مخالفات الخلوي فقط، ضاعفوا كل مخالفات السير، وخاصة من يرمي بالقاذورات من شبابيل السيارات، ومن يقطع الإشارة حمراء ومن يتجاوز السرعة المحددة ، لماذا لا تضاعفوا كل المخالفات، واضربوا بعرض الحائط صرخات كل من لا يؤيد هذه الإجراءات، فالمعادلة واضحة، لن يتمكن أحد من مخالفتك ، أو من جباية اموالك، كما يرقى للبعض بتسميتها، إذا لم تخالف القانون. كم نرى يومياً ممارسات تجعلنا نموت قهراً.
شكراً د. هند مقال رائع.
20-11-2009 08:20 PM
موظفة عملت مع الدكتورة ....ههههههه
اسمع كلامك اصدقك اشوف اعمالك استغرب و ياشايف الزول يا خايب الرجى
21-11-2009 02:28 PM
الى موظفة عملت مع الدكتورة / من سامي
ساحسدك على عملك مع انسانة عظيمة كهذة الدكتورة . وسابكي عليك لأنك ام تتعلمي منه . فالعلم بالراس وليس بالكراس . وكم من أعداء للعظماء . كل الاحترام لهذه الجبهات التي تنحني لها الرؤوس أحتراما وتقديرا لما تكتب
22-11-2009 12:00 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات