تأجيل العام الدراسي .. قرار أم إصرار ؟؟


في السابق كنا نعتبر – كتربويين في الميدان – أن أي تأخر في وصول كتاب مدرسي أو في تعيين معلم إضافي لتغطية نقص ما في التشكيلات أو تباطؤ في اجراءات نقل معلم مع بداية العام الدراسي معضلة كبرى ، بل يتداول الجميع هذه النواقص على أنها ثلمة في إعداد وزارة التربية للعام الدراسي الجديد ، لما اعتدنا عليه من وزارتنا من دقة في العمل ودينامكية زمنية في الإجراءات ، وعندما تتأخر أو تتوانى أي مدرسة في بعض الإجراءات البسيطة والتي قد لا تتطلب في انجازها سوى ساعات ، كأن تكون مثلاً : نقص في بعض المقاعد للطلاب أو تركيب لمروحة أو تجهيز إضاءة ، لك أن تتخيل عدد لجان المتابعة والكتب الرسمية التي تخاطب الوزارة بها هذه المدارس بالتأكيد على هذه الاجراءات ، ناهيك عن التعاميم لبقية المدارس والمبنية على هذا التأخر .

أما عندما تعلن وزارة التربية والتعليم عن تأجيل بدء العام الدراسي اسبوعاً وقبل يومين من موعده في قرار ليس له سابقة ودون أي ذكر للأسباب ، هو مدعاة للتساؤل لما يترتب عليه العديد من الاشكاليات ، فما هو المبرر الذي يدفع الوزارة إلى تأجيل بدء العام الدراسي هذه السنة ؟؟ وإذا كان الأمر مرتبط بخلل في إجراءات التجهيز للعام الدراسي فلماذا لم تبدأ الوزارة الاعداد المبكر والكافي لمتطلبات العملية التعليمية علما بأن هذه الخطط ليست بالجديدة ؟؟ ألم يكن بإمكان الوزارة أن تدرس الرزنامة المدرسية بشكل دقيق كي يكون القرار أكثر حكمة ؟؟

ولو نظرنا إلى بعض الاشكاليات التي سبقت التأخير مثل إيقاف بيع الكتب المدرسية من المستودعات لخلل ما أصابها ، فهل الكتب هي السبب الرئيسي لهذا القرار ؟؟ ولنا ان نتساءل أيضا : ما الخلل الذي تم اكتشافه فجأة في مئات الكتب الدراسية والمعدة – بناء على تصريحات الوزارة – من قبل فرق تأليف ذات قدرة و كفاية ؟؟ وما هو حجم الأخطاء التي تستلزم طباعة الكتب من جديد – وبهذا الوقت القاتل – ؟؟ ولماذا لم يتم كل هذا في بداية العطلة الصيفية مثلا ؟؟ وهل عدد ثلاثة أعضاء كلجنة تأليف – كما هو الحال في أغلب لجان المناهج – يكفي لبناء مناهج بالمستوى المطلوب وبالمواصفات الدولية ، بحيث تكون توليدية للإبداع وخالية من الحشو الزائد و جاذبة ومواكبة للتطور وشمولية وغيرها من المواصفات ؟؟ وما مصير ملايين النسخ من الكتب المكدسة في المدارس والمديريات بناء على قرار تغيير المنهاج ثم التعديل على ما تغيّر ؟؟ كل هذا ، مع إضاعة الحديث عن التكاليف المادية التي تكبدتها الوزارة بسبب هذا القرار ودون رقابة تذكر .

بل إن السؤال الأكثر إلحاحا في موضوع الكتب هو : هل ما سيتم طباعته منها قد أخذ فرصته ومدته الحقيقية في المراجعة والتدقيق والمتابعة ؟؟ أم أننا سنقف حائرين كما حدث في منهاج اللغة الإنجليزية للثانوية العامة عندما اكتشفنا بعد توزيعه وبيعه – وكما أشار العديد من المشرفين والمعلمين المتميزين وأصحاب الخبرة – أن المادة المطروحة فيه – بالرغم من تميزها في عدة جوانب – ذات مستوى عال إذا ما تم تدريسه فعليا فسيظهر فجوة معرفية بينها وبين ما يتم طرحه للطلاب خلال (11) السنة التي تسبقها ، مما سيضطر الطلبة إلى مضاعفة جهودهم وبذل المزيد من الدراسة وخلال وقت قياسي ، وهم لن يستطيعوا ذلك بالتأكيد لوجود بقية المواد الدراسية بين أيديهم للدراسة ، بل ولن يستطيع المعلمون استدراك ضعف التأسيس والفرق في مستوى المنهاج عما تم دراسته سابقاً ، وبالتالي نتساءل : أي تجربة هذه التي سيخوضها الطلبة هذا العام مع كتاب اللغة الانجليزية الجديد ؟؟

هذا من جهة ، ومن جهة أخرى عندما يبدأ دوام الطلبة في يوم الثلاثاء 1/9/2015م ، فإن هذا يؤدي تلقائيا – وفي كثير من الأحوال – إلى ارتفاع نسبة تغيّب الطلبة للأيام الثلاث الأولى (الثلاثاء والأربعاء والخميس) ، مما يعني عدم انتظام دوام الطلاب الفعلي قبل الأحد الموافق 6/9/2015م ، أي بعد أسبوعين من الموعد الأصلي وليس أسبوع فقط ، ناهيك عن أن داوم الطلبة سيمتد لما يقارب ثلاثة اسابيع لنبدأ بعدها من جديد بارتفاع نسبة تغيّب الطلبة قبيل وبعيد عطلة عيد الأضحى المبارك ، مما يترتب على ذلك تلقائيا قلة حجم المادة الدراسية التي تم تغطيتها لغايات إجراء التقييم الأول ، ومن المتوقع أيضا انسحاب ذلك على التواريخ المقررة لامتحانات التقييم الأخرى وامتحانات نهاية الفصل ، وهي نفس التراتبية التي حدثت في الامتحان الأول ، فمن سيتحمل هذه التبعات ؟؟ الوزارة صاحبة القرار ، أم المعلمون في الميدان الذين سيطبقوا القرار بعلاته ويتداخلوا مع أولياء الأمور في مشاكل التقييم ذاتها ؟؟

والاهم من ذلك كله ، ما الرسالة التي أرسلتها وزارة التربية للمجتمع حول مؤسسية القرار ودقته ودراسة جميع جوانبه والإعداد المحكم لكافة نواحي العملية التعليمية المتعلقة به ؟؟ وهل سنتفاجأ بعد ذلك بأمور أخرى لم تكن في الحسبان ؟؟

وبعد كل هذا اللغط الذي أشرنا له في هذه القراءة نقول :

إن هذا الطرح وهذه التكهنات حول الأسباب الموجبة لتأجيل بداية العام الدراسي الجديد – والتي يتصدرها مشكلة المناهج – خاصة أن الوزارة لم تورد أسبابا لهذا التأجيل في بيانها الصحفي المعلن له ، تجعل المجتمع والاسرة التربوية في حيرة وتساؤل :

لماذا نحن ملزمون مع الوزارة بمسلسل المعلومة المجزوءة والحقائق غير المعلنة والاسباب الخفية ؟؟ وهذا الحال تكرر كثيرا وخاصة في أعداد طلبة المدارس التي لم ينجح بها أحد في الثانوية العامة أو في أعداد شقق سكن كريم سابقا وأسس الاختيار وغيرها ، وما حصل من تأجيل لبداية العام الدراسي لهو حلقة في مسلسل القرارات الجاهزة والتي تصر فيها الوزارة على أن تفعل ما تريد ومتى تريد وكيف ما تريد ، وهي ليست ملزمه للوطن والمواطن بالتبرير أو الاعتراف أو الاعتذار .



تعليقات القراء

الوزارة بطلعلها
الوزارة بطلعلها تغلط وما حدا بسألها اما لما مدرسة تغلط غلطة صغيرةبقوموا الدنيا فوق راسها وما بقعدوها بس من اليوم وطالع وبعد تخبط الوزارة في بدء الدوام ما اظن الها عين تحاسب حدا لانها ما حاسبت نفسها
19-08-2015 12:35 AM
ابوسامي
اسف يا سيدتى القرار صدر قبل 23/8 باسبوع . وقيل بسبب الحرارة . فقلت هل يعلم الوزير ماهية الطقس بعد اسبوع ؟ خسر الطلاب اسبوعا كاملا دون سبب مقنع الا التسرع والتقصير.لو راحوا ولعبوا في المدرسة ليش لأ
24-08-2015 01:06 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات