اطلعوهم بره


كل من يتبجح بانه قدم للوطن أكثر من غيره ، واقدم لنفسة مبررات يطغى عليها الأنانية والعجز عن فهم أصل العلاقة بين الوطن والمواطن كي يتغول على مفهوم المساواة والعدالة ويقف عقبة أمام تحقيق الدولة المدنية ؛ كل هؤلاء علينا أن " نطلعهم بره الوطن " ، كي يعرفوا معنى أن يكون الوطن للجميع وليس لفئة دون غيرها وعلى حساب البقية وبالاستناد لعقليات بيروقراطية متعجرفة تجد في شخوصها الوطن ولاتشاهد غير هذه الشخوص وترفض أن تنظر للمرايا في زواية الوطن كي لايصدمها حجم التشويه الذي اصاب جسدها .

والمنفى هنا ليس في الجغرافيا بل في يومات الوطن وحكاياته التي استطاع هؤلاء الأفراد ان يقدموا روايتها كما يريدون هم ، وتحولت الحكايات الى خرافات وطقوس عبودية يومية لهم لايستطيعون العيش بدونها ، وذلك نتيجة لتغول عقلية التسلط والخديعة على مكونات الوطن الباقية ، وهؤلاء يخشون الدولة المدنية ويريدونها دولة رعوية متقبلين لأنفسهم ان يكونو قطيع من الغنم يوجد من يضع لهم ماءهم وعلفهم كل صباح ومساء في مراعي الوطن .

وأكثر ما يثير في عقلية هؤلاء الأفراد أنهم يتبجحون أمام البقية بأن الدولة هي التي ربتهم وعلمتهم وبنت شخوصهم ، ولكنهم في نفس الوقت يطالبونها بان تقدم لهم أكثر من غيرهم بل يتماهون في طلباتهم نتيجة للوهم الفكري الذي وضعوا انفسهم فيه لحد أن يرفضوا تلك اللحظة التي تعلن الدولة فيها عن توقف عطاياها لهم لأن هناك زمن أخر ومواطنين تربوا في احضان الوطن لهم الحق أكثر منهم ، والشيء الغريب في سلوكيات هؤلاء الأفراد وهي سلوكيات ناتجة عن طرف تفكير وانماط قناعات لديهم ؛ أنهم من أوائل المتبجحون بضرورة بان الوطن للجميع وهذا الجميع هم فقط .

والقتال على حب الوطن ليس مؤشر صحي بين أفراد أي مجتمع ، لأن القتال بحد ذاته كحالة فكر وربما سلوك يؤكد على أن هناك اختلاف واضح في مفهوم الحب للوطن ، لأن الاتساق في مفهوم الحب للوطن يؤدي الى تحقيق حالة من التكامل وبالتالي من العطاء المستمر ودون الحاجة لإعلان البعض أنهم قدموا أو اعطوا أكثر من غيرهم ، ولكن وجود حالة القتال الخفي تلك هي تأكيد أخر على اخطاء كبيرة تمت في مراحل بناء الوطن واصبحت جزء رئيس من بنيته الفكرية ، مما يؤدي في النهاية الى وصول المجتمع ومن وراءها الدولة الى حالة حرب ساكنة على السطح ولكنها مشتعلة في القاع وتنظر تلك اللحظة التي يلقى بها حجر كي تصبح حالة حرب بكامل مواصفات الحرب الأهلية التي تستند على من يقدم أو قدم للوطن أكثر من الأخر .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات