تجدّد موجة الربيع العربي


عندما انطلقت موجة الربيع العربي الأولى في بداية 2011م و أطاحت بالرئيسين التونسي و المصري في أقل من شهر و ارتجّت عروش الطغاة بدأت ماكنة الإعلام الصهيوني العربي الضلالي بالتّشكيك بصدق و عفوية هذه الانتفاضة الشعبية العربية من أجل الكرامة و الحرية و العدالة الإجتماعية فاتهمتها بأنّها صناعة أمريكية لتخريب الوطن العربي,فصدّق كثير من الناس هذه الكذبة الخديعة.

امتدت موجة الربيع العربي الأولى إلى ليبيا و أطاحت بالقذافي ثم إلى اليمن فأطاحت بصالح ثم إلى سوريا و ما زالت, لكنّها في العراق و في الأردن تعطّلت.

تحركت أمريكا و إسرائيل لنجدة أصدقائها و عملائها المُطاح بهم فألغت نتائج موجة الربيع العربي في مصر بانقلاب عسكري على أول رئيس مصري منتخب و احتاج هذا الأمر إلى حرق آلاف المتظاهرين المحجّين في الشوارع و الساحات في القاهرة و امتد القتل و الترويع إلى كل المدن و المحافظات المصرية.

ثم تحرّكت لعودة علي عبدالله صالح في اليمن الذي ما زال مطبقاً بيديه على "خنّاق" صنعاء بقوة السلاح و يخوض حرباً ضروساً ضد شعبه الثائر من أجل الكرامة و الحرية و العدالة الإجتماعية في الموجة الثانية من ربيعه العربي.

كما تحركت لعودة الجنرال حفتر إلى ليبيا لإقامة حكومة عسكرية و الالتفاف على ثورة الشعب الليبي, كما تحركت للالتفاف بطريقة سلمية على ثورة الشعب التونسي بسبب الانسحاب الرضائي لحزب النهضة.
أمّا في العراق فأطلقت أمريكا يد المالكي بالطيران يقصف الجماهير المحتجّة فحرقهم و شرّد من بقي حياً منهم إلى الدول المجاورة أو نزحوا إلى شمال و غرب العراق.

كل هذا التحرّك الأمريكي الإسرائيلي لإلغاء نتائج موجة الربيع العربي الأولى و تعطيلها و قطع الطريق عليها يؤكّد للجميع بأن موجة الربيع العربي الأولى لم تكن صناعة أمريكية أو إسرائيلية كما كان يزعم الإعلام الصهيوني العربي و مُصدّقيه, و إنّما كانت في الحقيقة هي انتفاضة شعبية عربية صادقة عفويّة ضد الظلم و الطغيان من أجل الكرامة و الحرية و العدالة الإجتماعية.

و في العراق سابقاً يعلم الجميع أن القيادات الشيعية الفاسدة التي جاءت لحكم العراق على ظهر الدبابات الأمريكية و وضع لها "بريمر" دستوراً تحكم بموجبه فقد أطبقت هذه القيادات الطائفية بسواعدها على ثروات العراق فنهبوها, فأفقروا الشعب و شرّدوا نصفه و استدعوا بتأمركهم و طائفيتهم تنظيم الدولة الإسلامية إلى العراق حتى صار اليوم على أبواب بغداد.

انتفض الشعب العربي العراقي في موجة الربيع العربي الأولى في وجه المجرم الطائفي نوري المالكي لكنه و بمساعدة أمريكية و إيرانية قمع هذه الانتفاضة الشعبية بالطائرات و اضطرّها لأن تكون حاضنة شعبية لتنظيم الدولة الإسلامية الذي اندفع فجأةً إلى الموصل و الفلّوجة ثم الرمادي و هو يقاتل الآن على بعد 50 كيلومتر عن بغداد.

شعرت أمريكا بأن البساط بدأ ينسحب من تحت قدميها في العراق بسبب سياسة المالكي الطائفية الرعناء و فسادة الصارخ فسارعت لتنحيته و جاءت بحيدر العبادي لكنّ، الشعب العربي العراقي لم يرَ تحسّناً على أوضاعه المعيشية البائسة, فمنذ 12 عاماً و الشعب يحتضر و الفساد يزدهر.
هبّ الشعب العربي العراقي بموجة جديدة من الربيع العربي يصرخ بأعلى صوته هاتفاً ضدّ الطبقة السياسية و ضدّ المرجعية الدينية و اعتبرهما سبب معاناته فدعا بكل صراحة لنبذ الفرقة و الطائفية و المحاصصة كما دعا لمحاكمة الفاسدين و إعادة الأموال المنهوية و إجراء إصلاحات حقيقية في كل الأجهزة و خاصّة في الجهاز الأمني و قد يحتاج الأمر إلى طلب تغيير النظام السياسي و تشكيل حكومة انقاذ وطني و هدّد الشعب بالبقاء في الساحات حتى تحقيق مطالبه المشروعة رغم انشغال حكومته بحرب ضروس في غرب البلاد مع تنظيم الدولة و ربما يكون هذا أحد الظروف الضاغطة التي عجّلت باستجابة الحكومة لمطالب الشعب المشروعة.

أدركت المنطقة الخضراء في بغداد أنّ الأمر جدّ خطير فتحركت الحكومة سريعاً "ربما انحناءً للعاصفة" فالتقى العبادي في اليوم الأول بقيادات المحتجّين و استمع لمطالبهم فعاد إلى مكتبه و قرّر حزمة من الإصلاحات و في اليوم الثاني صادقت عليها الحكومة و في اليوم الثالث دعا البرلمان لجلسة استثنائية فصادق بالإجماع على حزمة الإصلاح هذه و أتبعها بتحويل "الأعرج" أحد رموز الفساد إلى التحقيق و منع المالكي و آخرين من السفر حتى ظهور نتائج التحقيقات.

خطوات سريعة متلاحقة بدت مقنعة لشباب الموجة الثانية للربيع العربي العراقي, رحّبوا بها لكنّهم هدّدوا بالبقاء في الساحات حتى التأكّد من تنفيذ هذه الإصلاحات.

هذه السرعة بالاستجابة لمطالب المحتجين كانت في العراق بالأمس أمّا في الأردن فالشعب العربي الأردني له شأنٌ آخر مختلف تماماً, حيث لا يزال الكردي طليقاً و كل الفاسدين, و الفساد بازدياد و أحرار الشعب المطالبين بالإصلاح في السجون, أمّا الوعد بالإصلاح فما زال قائماً و مشروع قانون الانتخاب الذي هو الخطوة الأولى على طريق الإصلاح ما زال خلف الأبواب منذ 4 سنوات و نيّف و قد يُفرج عنه صبيحة يوم القيامة, أو قد يحتاج الشعب العربي الأردني كأخيه الشعب العراقي إلى موجة ثانية من الربيع العربي المبارك.

إنّ الكرامة و الشهامة و الحرية و النخوة و الشجاعة صفات تَميّز بها "كروموسوم" العرب عن سواه و قد خصّهم بها الربّ جلّ في علاه, و لذلك أنعم عليهم برسالة التوحيد و قرآن عربي مُبين و بمحمد صلّى الله عليه و آله و سلّم خاتم النبيّين ..فإن غابت هذه الصفات الحميدة الثائرة حيناً عن جيل, فلا تلبث إلّا و أن تظهر في أجيال .. و أظنّ أن هذا زمان ظهورها .. فيا رياح الخير هبّي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات