أإصلاح هو أم نبش في الفرث؟


إلى معالي الذنيبات وصحبه من منتسبي برادايم (Paradigm ) الإصلاح والتطوير 

يُذكّرني حالُ معالي الوزير (ومن سار في نموذجه الارشادي السائد من المصلحين) بنيته التي لا يشكُ فيها لبيبٌ أو شبهُ لبيبٍ بكلمةٍ (مفردةٍ) عالقةٍ تترددُ بين البقاءِ واقفةً على عتبةِ اللاوعي أو الولوج والتمرّدِ داخلَ رُدهة الوعي, إنّها كلمةُ (الفرْث), ولعلي أزيدُ القرّاءَ الكرامَ بيتاً آخرَ من القصيدِ بجملةٍ يردّدّها الأرادنةُ منذُ زمنٍ ولّى في مَعرِضِ وصفِهم للجدالِ مع ثُلّةٍ من الحمْقَى أو المتحامقين فيقولون: إنّ الحديثَ مع العبيط والأحمق نبشٌ في الفرْثِ.
تُرى ما هو الفرْث؟ وكيف هي مآلاتُ النبشِ في الفرْثِ؟
إليكم أيّها الأحبّةُ أقولُ:
الفرْث في القرآن الكريم: قال تعالى: ﴿من بين فرثٍ ودمٍ لبناً خالصاً﴾ (النحل/66), أي ما في الكرش، يقال: فرثتُ كَبِدَه, أي: فتنتها، وأفرْثَ فلانٌ أصحابَه: أوقَعَهُم في بليّةٍ جاريةٍ مجرى الفرْثِ.
والفَرْثُ في المعجمِ الوسيطِ يُعني: الفُرَاثَةُ، بقايا الطعامِ في الكَرِش، الطعامُ المهضومُ في القناةِ الهضميةِ من المعدةِ والأمعاءِ.
أما الفرْثُ عند أهلنا الكرام (من بدو ٍوريفٍ ولا أدري عن رأي الحضرِ المحترمين) فإنه الروثُ الناشفُ اليابسُ الملتصقُ بِوَبَرِ الشاةِ أو صوفِ الخروفِ, بعد مدةٍ وبفعل حرارةِ الشمسِ وتقلّبِ العواملِ الجويةِ فإنّه يتصلّبُ (ينشفُ) من الخارجِ, تختفي رائحتُهُ العَطِنةُ وعفونتُهُ ونتانتُهُ, وإذا ما حاولتَ يوماً حكَّهُ لإزالته أي نَبشهُ بعودٍ أو بأداةٍ حادةٍ سيظهرُ لك الروثُ الأخضرُ الطري من جديد فتفوحُ رائحتُه وتزكُمُ الأنوفَ كأنه خارجٌ للتوِّ من مَعِيّ (مفرد أمعاء) الشاةِ أو الخروفِ, لذلك يقول الناسُ محذّرين بعضهم بعضاً إيّاك أن تثيرَ أحمقا بحديثٍ أو عتابٍ أو خصومةٍ, لأنّ حديثَك معه سيكون أشبهُ بمن ينبشُ في الفرْثِ.
تُرى هل عملياتُ الإصلاحِ في بلدي ومحاولاتِ المصلحينَ اليومَ كمن ينبشُ الفرْثَ؟
الواقع يقول: إنّ تحريكَ المياهِ الراكدةِ في بِركةِ آسنةٍ يثيرُ البعوضَ والروائحَ المنتنةَ, ها هي اليومُ عملياتُ الإصلاحِ والتغييرِ والتطويرِ في مُختَلِفِ قطاعاتِ الدولةِ ومجالاتِها السبعَ عشرةَ صارت كمن ينبشُ في الفرْثِ, روثٌ وزبلٌ ووحلٌ تراكمَ عبرَ سنواتٍ من الغفلةِ والطبطبةِ والتواطؤِ حتى صارَ كلّ ذلكَ جزءاً أصيلاً من جسدِ كلِّ القطاعاتِ, صارتْ مظاهرُ الخللِ والخطأ والتراجعِ والضمورِ والشللِ اعتياديةً التعايش معها كأنها الشيءُ المنطقيِّ الذي ينبغي السيرُ على هُداه وإلا فإنكَ أنتَ الشقيُّ والمجرمُ وكثيرُ الغلبةِ يعني باختصار ( فراقك عيد وملّمّ أجاويد).

وسطَ هذهِ التقلّباتِ والتمعّجاتِ بين قولِ ربِّ العزّةِ جلَّ في عُلاه انتقالاً إلى المعجم وانتهاء بالموروث الشعبي, أرى أنّ محاولاتِ الإصلاحِ والتطويرِ التي يقومُ بها بعضُ الفدائيين الانتحاريّين من مسؤولين انطلتْ عليهم (لعبة النزاهةِ ) منذ نشأتهم بين ذويهم وعبر سنيّ تربيتهم وتعليمهم هي محضُ شِقوةٍ (شقاوة) حيث أشقتهم الفضائل والقيّم وأقضّتْ نومهم ونوم من هم حولهم الموضوعيةُ والصراحةُ والحزمُ والعدلُ والإنصافُ, كيفَ لا؟ والكلُّ اليومَ يقولُ ( حُطّ راسك بين الروس وقول يا قطّاع الروس).

هؤلاء الانتحاريّون وهم قلّة قليلةٌ (بِضعةُ رجال), (حفنة), (آخر رجال محترمين) والسلسلةُ تطولُ من أوصافٍ ونعوتٍ تصيبهم قاموا ووثبوا ليكونوا عُنوّةً (الصواب المدفون في كومةٍ كبيرةٍ (أرادبٍ) من الأخطاء, وحيث ضلاليّو الأمّةِ والأفّاقين أفهموا أجدادنا فأهمونا منذ أزمان أنّ الخطأ الشائع أكثر صحةً وقبولا ًمن الصوابِ المدفونِ فقد تصدّرتْ المشهدَ العامَ اليومَ مجاميعُ (الغوغاء) التي يبدو كأنّها تشكّلُ معظم الوطن (مثقفون برسم البيع, متعلمون بغيضون يحملون كراتينهم وألقابهم كالحُمرِ تحمل أسفارا, أنصاف مثقفين يمتلكون نصف الحقيقة, أنصاف متعلمين علوما ثقيلة الوطء بنصوصها المحفوظة صما ببغاويا, أشباه كل شيء ولا شيء), هؤلاء اليوم يتضرّسون لأعداء الوطنِ من الأشقياءِ المصلحين, يتوعدونهم بالويل والثبور وعظائم الأمور, يعضّون على شفاههم (يُهَمْتِرُون) في سُرادقاتِ وأقبيةِ العمالةِ الوطنية, يتنمّرون متوعدين ثلّةَ المصلحين بعقابٍ قاسٍ وسخطٍ وغضب لو قُدّر لهم سيكون وبيلاً عليهم, سيحرقونهم بزيّهم البرتقالي (فالشهداءُ منذ معاذ صار لون كفنِهم كلون دمهم فاقعاً قانياً تزيغُ منه أبصارُ المَرَدَةِ الحاقدين) وحيثُ الحرقُ (فيزيائيّاً أو مجازياً) صار ثقافةَ التكفيريين والروافضِ اليوم على اختلاف أبوابِ (مجالات) تكفيرهم, فإننا بالكركي, بالطفيلي, بالبلقاوي بالرمثاوي بالخليلي بالصْخّرِي ندعو الله في عالي سماه ونقول : يا نارُ كوني| صيري| خليكي| برداً وسلاماً على شهدائِنا المُصلحين.
جمعةٌ مباركةٌ ووليمةٌ عامرةٌ بالمكسراتِ عفوّاً بالمسرّاتِ.



تعليقات القراء

صالح دخيل الله الجازي
كم انت مبدع باسلوبك الفلسفي وكلماتك المعبره وكم انت مبدع في انتقاء المصطلحات جاء هذا المقال في وقته مكانك الحقيقي وزارة التربيه والتعليم طه بيك كم انت مبدع وسلم قلمك
09-08-2015 10:01 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات