الاخوان المسلمون والسير صوب الانشقاق الثالث


لا شك يعد الإخوان المسلمون، جزء أصيل من منظومة الدولة الأردنية، هذه الحقيقية لا ينكرها إلا جاحد، إلا أن أصالة الإخوان اصتدمت بمشاريع المنطقة، التي حملتهم مرة للسيادة والحكم، ومرة أخرى للشيطنة والإقصاء. خصوصاً بعد نجاح الإنقلاب عليهم، لتثبيت خطواتهم اولاً، ومن ثم القضاء عليهم ثانياً وهذا ما تم فعلياً، فهم حسب وجهات نظر الأنظمة يملكون مشروعاً قياديا للمنطقة، قد يسحب البساط من تحت أقدامها، مشروعاً تخريبياً، يعتبرونه خطراً على كراسيهم، سيما وأن له حاضنة شعبية واسعة.

أردنياً، شكل انفصال وفصل عدد من القيادات الأخوانية ضربة موجعة، للتنظيم الأم، إذ مثل قادة مبادرة زمزم الوطنية، خنجراً في ظهر الجماعة – هكذا تم النظر اليهم – عملوا على شق تعاليمها ومشاريعها وقراراتها، بما يخدم مصالح الطرف الآخر، ويقوي من حجته، مصالح قائمة أصلاً على إنهاء الوجود الإخواني. مع أن المبادرة ليست موجهة للأخوان، بل تخاطب كافة أطياف المجتمع، وتضم في جنباتها، المسلم إلى جانب المسيحي، الليبرالي مع الإسلامي، مبادرة هدفها تنظيمي، اصلاحي.

خطوة زمزم، تبعها، قفزة مرعبة، تصدر لها عدد من قادة الجماعة، بعدما ضاقوا ذرعاً بقيادتها، فأثروا الإنفصال عن جسد الجماعة الام الذي يرونه غير قانوني مقابل الوصال، قادة هذه التوجه سارعوا إلى تأسيس جمعية معترف بها قانونياً، خطوة الجماعة – الجديدة – اعتبرها البعض تمهيداً لإسقاط الشرعية عن الجماعة – الأم - بمساعدة الدولة الأردنية التي ترى في هذه الطرق وسائلاً لاضعاف الجماعة، انطلاقا من حجج عدم الترخيص القانوني لها، متناسين أن التنظيم الأخواني اللاشرعي، شارك في العديد من الحكومات الأردنية، وقاد وتسيد عدد من المواقع المهمة فيها، بل وشارك الدولة في عدد من المشاريع، والبرامج التي حالت دون تطبيق رغبات الشعب الحقه.

الجمعية الجديدة، والتي أضحت حسب الدولة والقانون، تمثل الجماعة، تسابق الزمن لورثة الإخوان المسلمين، وهم أحياء، إذ تريد السيطرة على مشاريع وأرصدة ومباني الجماعة، بإعتبارها حق شرعي لها، كتنظيم قانوني ! السرعة في حركة الجماعة الجديدة، مرتبطة بضرورة اغلاق الملف، قبل رحيل الحكومة الحالية، تمهيداً لمشاركتهم في الحكومة القادمة.

جماعة الإخوان ومنذ سنوات مضت، وحتى قبل بداية ما أطلق عليه غربياً ربيعاً عربياً، أصيبت بعدد من الأمراض، اكثرها خطورة، ارتبط بفردية القرار، والسيطرة عليه من بعض الأسماء التي صارت بمثابة أصناماً ترفض تداول القيادة وتحول دون، الإصلاح الداخلي لها، بل والاصرار على إبعاد ورفض الأصوات المطالبة بذلك وتهميشها، أضافة إلى أن الجماعة حسبت على أذرع خارجية، بمعنى أن القرار خرج من اياديهم وأضحى يتحكم به وتوجيهه، من الخارج.

يقول أحد القريبن من التيار الإخواني الحالي، أن الجماعة تقع تحت سيطرة حركة حماس، وتسير وفق رغباتها، إذ يعد محمد نزال بمثابة الأمين العام الحقيقي للجماعة، يسيرها ويخطط لها، كيفما يشاء، بما يخدم مصالح الحركة الإسلامية، دون أي أعتبار بمصالح الجماعة الأردنية التي تحولت إلى مجرد تابع مغلوب على أمره.

هذه الصورة، أعادتني إلى سنوات قيادة مدير المخابرات الأسبق محمد الذهبي، الذي وجد أن إعادة حماس للبيت الأردني، والإتفاق معها، ضرورة حقيقية، وأن الإبقاء على تهميشها لا يصب في صالح الدولة، وكأن الرجل يعرف تماماً، قوة التيار داخل مجتمع التنظيم الإخواني، ويريد الإستفاده منه بما يخدم مصالح الدولة، لأن القول ببقاءه خارج معادلة الدولة يعني حراكاً غير متوقع، مفاجئ، وهذا ما تريده الدولة. فهل صدقت رؤية الذهبي آنذاك ؟

شرذمة الجماعة واضعافها، ومن ثم تقطيعها بين تيارات متنافسة، تخدم توجه الدولة، إن لم تعمل الجماعة – الأصلية – على مراجعة نفسها، إذ لم نسمع عن عقد مؤتمرات لإصلاح لجماعة أو ما تبقى منها، بحيث يتم الحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه - اللهم الا لقاءات المناسف هنا وهناك - لم نسمع أن الجماعة دعت لعقد مؤتمر لإيجاد الوسائل الحقيقية لإعادة تفعيلها من الداخل، كما لم نسمع عن توجهات لحصر القرار الداخلي بيد ابنائها، بحيث يكون بيدها لا بيد حماس او غيرها.

اليوم جماعة الإخوان المسلمين، سواء أقبلت هذا أم لم تقبله، تتحضر لإستقبال الإنشقاق الثالث، والذي يشكل القاعدة، إذ أن النشقاقين الأول والثاني جاءا من القمة، أي أن القادة هم من عملوا على الإنفصال، ولم يكترثوا لقرار الجماعة الام، القائم على فصلهم من التنظيم، لان أثرهم ومهما كان كبيراً يبقى محدوداً مقارنة مع غيرهم.

أما الانشاق الثالث فأنه مرتبط بالقاعدة المجتمعية، سوادها الأعظم شبابي، انشقاق وجودي “ قد “ يسقط الجماعة إن تم، قبل أن يعمل على منعه، بالوسائل المتاحة بيد قيادة الإخوان – المتشددة - الحالية، إذ أن قوتهم الحقيقية تتجسد بقواعدهم الجماهرية، والتي ترتبط بالحاضنة الإجتماعية العشائرية الأردنية، لا بما يمثله القادة المسيطرين على مفاصل القرار، واسراراه.

هنا أطرح السؤال التالي: هل سقوط القاعدة الشبابية في تنظيم الإخوان المسلمين، يعني ضمنياً عقد عين المحكمة التي فصلت قادة مبادرة زمزم، وجمعية الإخوان الجديدة، كمقدمة، لفصل أعداد الهائلة من المنشقين، فصل يفقدها قاعدتها ومخزن امدادها الحقيقي، أم أن وقع وهول الصدمة كفيل أن يعيد لها بعضاً من عقلها، المغلف بشيء من التشدد والتزمت، بحيث يجبرها على ترتيب أوراقها ومصالحها بما يحفظ بقاءها واستمرارايتها ؟


#خالدعياصرة – الأردن
kayasrh@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات