تبرعات نقابة المهندسين


    يقول الله تعالى : (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيات لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) سورة البقرة، الآية 219.
     و هذا مبدأ إسلامي اقتصادي منطقي و متوازن و معتدل يعبر عن الوسطية و الواقعية التي جاء بها الإسلام لينظم حياة البشر أفرادا و جماعات، فالإنسان مطالب بالإنفاق و التبرع و المساعدة للآخرين مما زاد عن حاجته بعد كفايته و قضاء دينه و مستحقاته و تأمين نفقته و من يعول، حتى بعد مماته يوجه الرسول صلى الله عليه و سلم ذلك الصحابي الذي أراد أن يوصي بكل ماله في سبيل الله بقوله : "إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس "رواه البخاري و مسلم.
     و الأصل في صناديق نقابة المهندسين – موضوع مقالتنا-  بدءا بصندوق النقابة و مرورا بصناديق التأمين الاجتماعي و التكافل و القرض الحسن و الزواج و التأمين الصحي و انتهاء بصندوق التقاعد أن نفعها مقيد بمشتركيها و أعضائها و من يعولون و أن نفقاتها مرهونة بتحقيق أهدافها التي أقيمت من أجلها و هي أهداف خدمية و اجتماعية و تأمينية و أنواع من الضمان و التقاعد و القيام بحالات العجز و المرض و الشيخوخة و إعالة الأيتام و الأرامل و القصر ، و ما أشبهها بصندوق الضمان الاجتماعي و صندوق تنمية أموال الأيتام!
      فهل يقدم صندوق الضمان الاجتماعي مثلا التبرعات للمشاريع الخيرية داخل و خارج الأردن أم يتلقى هو الدعم و التبرعات؟!
     و هل ينبغي لنقابة المهندسين التي صرح نقيبها مؤخرا لكل وسائل الإعلام أن صندوق التأمين الصحي فيها تنكب عجزا ماليا قدره مليونان و نصف المليون دينار أن يتبرع قبل أيام بربع مليون دينار لأحد المشاريع الخيرية الأردنية – مها كانت روعة هذا المشروع- ؟!
هل يجوز لمن ينوي الحج أن يحج بالدين؟!
     و هل يسوغ لنقابة المهندسين التي جمدت علاوات العشرات من موظفيها و أعلن نقيبها في حفل تكريم الموظفين الأخير أن الوضع المالي لا يسمح بالإفراج عن هذه العلاوات بل و تقوم إدارة النقابة بفرض رقابة على هواتف الموظفين الفرعية في العمل و الخلوية المشمولة بشبكتها خشية اتصالهم بوسائل الإعلام للشكوى و التذمر من أوضاعهم – هل يسوغ لنقابة هكذا وضعها أن تتبرع ب(640) ألف دينار لإنشاء (32) حديقة و مليون دينار لتشجير الغابات و مثلها لتشجير الطريق الصحراوي؟!
     إن أكبر بنك في الأردن و المنطقة و جميع البنوك الأخرى لم تزد على أن تبرعت في ذلك المحفل بأكثر من (40) ألف دينار لإنشاء حديقتين فقط ، فهل نقابة المهندسين الأردنيين (المحلوبين) أغنى من كل البنوك؟!
     و لا أريد – حتى لا أتهم بالعنصرية و الإقليمية – أن أتحدث عن تبرعات أخرى موازية أو أكثر تذهب لدعم أهلنا في فلسطين و العراق و أفغانستان و غيرها من بؤر التوتر و المعاناة الإنسانية في العالم.
      و عندما تجادل القائمين على إدارة هذه الصناديق في حق اقتطاع سهم الزكاة الواجبة جادلوك بالحجج الشرعية و القانونية و المنطقية أنه لا يستحسن أخذ حق الزكاة إلا بإذن صاحب المال كل في ماله ، فهل إنشاء الحدائق و المتنزهات أوجب من الزكاة و لا يستحق أخذ إذن من أصحاب هذه الأموال؟! و هل قام مجلس النقابة باستئذان الهيئة العامة صاحبة الولاية القانونية قبل إمضاء هذه التبرعات و توقيع الاتفاقيات بشأنها و إلزام النقابة لسنوات عدة قادمة بدفعها حتى لو انتهت ولاية مجالسهم و أبدل الله بهم قوما آخرين؟!
     إن نقابة يقدر عدد المهندسات الكيماويات المتعطلات عن العمل فيها أكثر من ألفي مهندسة و يقدر عدد من يتقاضى رواتب تقاعدية أقل من (200) دينار بالمئات و ربما الألوف لهي مدعوة إلى توجيه ما فاض من أموالها نحو أولويات أهم من تشجير الطريق الصحراوي!
    



تعليقات القراء

م عماد عربيات
الزميل العزيز هشا م خريسات
لأول مرة اتفق معك وأشاطرك رأيك في مخالفة مجالس النقابة القانون بتبرعها بأموال المهندسين ذات اليمن وذات الشمال..
معتبراً مقالك هذا دافعاًً لي بعد أن كدت أن أعاهد نفسي على أن لا انطق قولاً في مخالفة مجالس النقابة المتعاقبة لقانونها روحاً ونصاً بعد أن بلغت حد اليأس من السلطات الثلاث.بعد أن طرقت أبوابها على مدى السنوات الخمس الأخيرة حتى كل متني وما كلمتني ببارق أمل أو بصيص قبس أعود به فرحاً لزملاء مهندسين ؛ عل وعسى أن أشعل جذوة أمل لديهم بأن الصبح قريب.
وكونك قد عايشت ثقافتهم الجدلية- أقصد هنا المجالس سابقها وحاليها- في لي عنق النصوص والحقائق ردحاً غير بسيط من الزمن كدنا نظن أنا فقدناك في غياهب الفتاوى التي برع بها وعاظ المجالس سابقها وحاليها والتي ملخصها تحليل ما حرم الشرع وتحريم ما محلله فيما يتعلق بإلقائهم أيادي صناديق نقابتنا بالتهلكة بتبرعهم بأموال المهندسين لمن دب وهب . و يساءل المرء نفسه : إذا كان حب الفضل للفضل ديدنهم بتبرعهم بأموالنا فلماذا لا يضيفون بعضاً من أموالهم الشخصية عسى وعل أن تحسب في ميزان حسناتهم ؟
وبما أن الفتاوى القانونية والشرعية ليست من علمي بشيء. ولكني أزعم أني أوتيت حساً قانونياً بسيطاً في فهم نصوص قانون نقابتنا –حمى الله صناديقها من شر الإفلاس- وهذا الحس كما أعتقد يمكنني أن أقرأ بلسان غير ذي عوج نص المادة (78) من والتي لا تمنح المجالس أي صلاحية بالتبرع بأموال النقابة لأي سبب ولأي كان والقول بغير ذلك يعد –برأي المتواضع- مجرد جدل ولغو وكلام مرسل لا يغير من المخالفات المستمرة شيئاً.
معتقداًً بأن الآية التي تنطبق على واقع الحال والتي توجب على المجالس العمل بها هي " *وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ* سورة المؤمنون " لأنه باعتقادي أن أموال النقابة هي أمانة بعنق المجالس ويقع باطلاً أي تبرع و/أو إساءة لهذه الأمانة .
وسبب اعتقادي أن الأموال المبحوث عنها في الآية من سورة البقرة التي بدأت بها مقالك هي أموال يملكها الأشخاص-وبالتالي يملكون كامل صلاحية التصرف بها تبعاً لذلك- الذين طرحوا السؤال عن ماذا ينفقون؛ فجاء الجواب فيما يخص أموالهم.
والفرق برأي هنا أن أموال النقابة هي للنقابة وأغراضها وبالتالي ليست أموالاً خاصة ورثها أعضاء المجالس من دار أبيهم و/أو جنوها بعرق جبينهم حتى ينثروها ذات اليمن وذات الشمال.
مذكرين الزملاء الأعزاء بأن الإحكام تتغير بتغير الأزمان ؛ وما حصل في قضية جمعية المركز الإسلامي ليس عنا ببعيد. وأقبلوا الاحترام

12-11-2009 12:59 PM
المواجدة
منذ عشرااااااات السنين والنقابة تتبرع بمئااااات الالوووووف ولكن خااااارج الوطن..
وعندمااااااااا اصبحت التبرعاااات داخل الوطن ... كتبتم !!؟؟!؟!
ابن كنتم وغيركم من التبرعااااااات السابقة.....
وما زاااااااالت النقابة تتبرع ب ديناااااااااار عن كل عضو ...للانتفاضة!!!؟!؟!؟؟!؟
لماذا الازداوجية..................!!؟!؟! ولن ااكتب اكثر!!؟؟

12-11-2009 07:32 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات