الغولة .. امّنا


هي قصة شعبية ، تحمل من الدلالات ما يغري بالاستشهاد بها الان ، الغولة عدو او خصم مفترض نسجنه الجدات والامهات ، لحكايا الليل ، وكنّا نهرب من هلعنا الى صدر الجدة والام ، وكانت الغولة مختبر الوصف وبلاغته وكانت الجدة اكثر بلاغة ومهنية من الام في الوصف ، واعتماد الصمت للتشويق. وكانت القرية انذاك على اهبة الاستعداد لمقاومة الغولة المفترضة او على الاقل هكذا كانت تقول الجدة وكان ثمة شاطر تختار له الجدة اسما ، لكنه ليس الشاطر الجديد الذي تغني له نانسي عجرم مطربة الزمن الرديء ، والغولة مستمرة في تجملها كما كانت تقول الجدة وتطورت مساحيقها الى ثبات اكثر مع مقدم السيلكون وعمليات الشفط والنفخ.

الغولة اعادت وصف الاشياء كما تريد ، فتحول القانون الى توصية غير ملزمة التنفيذ ، وتحولت مهنة الكتابة الى وصلة طرب كما يقول الزميل ماهر ابو طير ، يريد كل صاحب منصب او مركز سماعها كما يشتهي ، ويتحول الصحفي الى "ظرّيب امانات ، على وزن امان يا ربي امان" وصار كشف الفساد "بالمفرّق" وليس جملة ، وباتت فضائيات السخافات هي عنصر الجذب والمتابعة.

لم يعد هناك اناس يحتذى بهم وضاعت القدوة الحسنة ، فلا المثقف مثقفا ولا النخبة الفنية المسيسة قادرة على جذب الناس - هذا ان بقي منها شيء - انقرض المخالفون الشجعان ، وصارت الافران ساحات الوغى المفترضة كما هي مجمعات الصمود والتصدي ، التي تعرض كل اصناف السلع الفكرية والاستهلاكية وقريبا سنفتتح المولات الحزبية.

في زمن الغولة ، ننسى ان الهيبة هيبة الامن لا يجوز التطاول عليها وان بقاءها بسطوة وقسوة احيانا افضل للبناء الكلّي من اخضاعها للعبة المناكفة السياسية فهي ضمانتنا الوحيدة ويجب السعي لتعزيز هيبة الشرطي بدل المطالبة بالانتقاص منها.

الصمت مع الغولة للتشويق ، هكذا كان ، ويجب ان يبقى على اصله ، تشويق لشحن الذاكرة والوجدان بضرورة مقاومتها والانقضاض عليها وليس صمتا دائما وتبرير هذا الصمت برفض التعسف وضرورة محاكاة تجارب الغولة نفسها او التفكير بمنطقها واستعارة عقلها.

في زمن الغولة يصير الفجر هو الطهر ومطلوب منا ان ندين من كشف وقال ونشر وليس من مارس الخديعة ، ومارس الفساد وكل اشكال الغواية.

نعرف اننا في زمن الغولة وسطوتها و قد لا نسعى او لا يراد لنا ان نسعى للخلاص منها ولكن علينا ان نكون مستعدين بيقين للغولة وابنائها.

omarkallab@yahoo.com



تعليقات القراء

خارج التغطيه/مجالي
الاخ عمر الغوله وللأسف أكلت ابناءها
11-11-2009 02:53 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات