تغذية راجعة


من الطبيعي أنّ أي عمل يقوم به فرد أو مجموعة أفراد أو مؤسسة أو وزارة ، أن يكون لهذا العمل أو القرار تأثيراً على الفرد نفسه على الأقل أو مجموعة من الأفراد كبرت أو صغرت .

وما دام الأمر كذلك فعلى من يقوم بالعمل أو متّخذ القرار أن يتّخذ من الإجراءات والاحتياطات كي يكون هذا القرار صحيحا ونتائجه على المتلقّين ايجابياً ويحظى بقبول الأغلبية لاستحالة الرضى التام من الجميع لأي قرار ، فرضى الناس غاية لا ولن تدرك .

ويستطيع صاحب القرار قياس مدى تحقيق القرار لأهدافه ودرجة رضى من سيتأثرون بالقرار ، بوسائل متعددة ، بعضها انطباعي مباشر وبعضها علمي مؤسسي يعتمد على الإحصاء وقياس الرأي العام . ومهما تكن الوسيلة فإن الهدف هو معرفة هل تم اتخاذ القرار المناسب وفي وقته المناسب أم أن الأمر بحاجة لتعديل أو تعديلات وربما إلغاء القرار وتغييره . وهذا ما يُطلق عليه بـ التغذية الراجعة .

وكانت الأم أول من استخدم أسلوب التغذية الراجعة في أي عمل تقوم به كإعداد الطعام مثلاً ، إذ تعمد إلى استراق النظر إلى وجوه الموجودين حول المائدة لتعرف عن مدى رضاهم أو إعجابهم من عدمه بما قامت به ، بل أحيانا توجّه أسئلة مباشرة لتتلقّى الجواب ، لتعمل على تفادي العيوب والأخطاء مرة أُخرى .

تقوم وزارة التربية والتعليم كل عام بعمل امتحان عام للثانوية العامة ، وفي كل عام تحدث نفس ردود الأفعال من الطلاب الممتحنين ومن أهاليهم ، حيث تتكرر الشكوى من صعوبة الأسئلة لبعض المواد الدراسية وأحيانا عدم كفاية الوقت المخصص للإجابة ، أو أن بعض الأسئلة ليس من المنهاج .

شخصيا لا آخذ جميع هذه الشكاوي مأخذ الجد ، إذ أن لكل امتحان رهبة وشيء من الصعوبة كي يكون صادقا في القياس والتمييز بين الطلاب حسب مستواهم واستعدادهم وتحصيلهم . فالامتحان الذي يحصل فيه معظم المتقدمين على الدرجات النهائية أو قريبا منها يعتبر امتحانا فاشلا بكل المقاييس ، كما أن الامتحان الذي يرسب فيه معظم المتقدمين فاشلٌ أيضاً .

ومع ذلك ورغم تكرار حالات الشكوى السنوية نفسها ، فهل تقوم الوزارة بعمل الدراسات حتى تحصل على تغذية راجعة من المعنيين المباشرين بالامتحان إبتداءً وهم الطلاب ثم معلميهم ، ليتم مراعاة هذه الملاحظات في عام قادم أم أن الأمر وكأنه لا أُريكم إلا ما أرى .


بالتّأكيد فإن الوزارة تقوم بمثل تلك الدراسات والتقييم ، ولكن الأصل أن من يقوم بذلك هي جهة محايدة ومهنية ومن خارج الوزارة ، وأن تخرج بنتائج وتوصيات تُنشر على الملأ ، وتكون ملزمة وللتطبيق . أعلم أنه وفي كل الأحوال لن نصل لامتحان لا شكوى منه ، فالتّشكي من طبيعة بعض الناس .

ومثل ذلك ، هل تقوم إدارة التلفزيون الأردني بعمل دراسات للرأي العام لتحصل على تغذية راجعة تبين مدى رضى الجمهور عن ما يُقدّم من برامج . أظن أن ذلك يحصل ، ولكن السؤال المطروح ما مدى الاستفادة من هذه الدراسات وهل يتم الأخذ بها ؟

وإلا ما معنى أن يستمر برنامج يُقدم مع إفطار الصائمين باسم رمضان معنا أحلى ، مع تغيير في وجوه المقدمين لعله يجد القبول والنجاح . وبعيدا عن شخصنة الأمور فدور المقدمين محدود في إنجاح برنامج يقوم على اتصالات مباشرة من أفراد يُطرح عليهم أسئلة مستواها لا يتعدى المرحلة الأساسية ، بجوائز كبيرة وبالجملة على أسئلة بسيطة جدا . طبعا هذا البرنامج كمثال .

إن التغذية الراجعة أسلوب يجب أن يكون متّبعاً في كل الدوائر والمؤسسات التي تقدم خدمة عامة للجمهور للتعرّف عن مدى رضاه وقناعته بالخدمة المقدمة ليتم تجويدها وتسهيل إجراءات الحصول عليها وتقليل مراحلها وتذليل أي صعوبة أمام المتلقّي .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات