حزيران شهر الحصاد وقطاف الشهادات


ذكرني الاخ والصديق، الخبير الزراعي "الدكتور نزار جمال حداد" بأيام الحصاد وذلك في مقالته الهامة هب الهوى يا ياسين ...

كما جعلني اعود بالذاكرة عشرات السنوات حتى ستينيات القرن الماضي وسبعينياته، حيث مواسم الحصاد ومن بعده الرجاد والدراس ومن ثم الذراوه على البيادر ... وتلك المواسم كانت مواسم خير وبركة واكتفاء ذاتي، يتوحد فيها المجتمع بتعاونه وتآلفه ومحبته وجهده. وقد كانت الفوارق بين الناس لا تكاد تذكر ، والمجتمع يعمل بتناغم وإنسجام. فالآباء والابناء كانو هم الحصادين والأمهات كن يغمرن الحصيد، اما البنات فكان دورهن اعداد الافطار (الصبوح) والغداء والعناية بالمنازل وعلف المواشي والدجاج والحمام.

تلك حقبة قد خلت ولن تعود مع تفتت الملكيات الزراعية وانتشار البنيان والمنازل والعمارات ... والمزارع والقصور في السهول وخاصة سهل الخير، سهل حوران.

ولكن ما زال هنالك جيل نادر يتذكر ذلك الارث الاردني وجمالياته. ويتذكر الاهازيج ويتوق لسماعها كلما طافت به وضاقت به زحمة الشوارع وكثرة اعداد السيارات وازدياد اعداد اللاجئين القادمين جراء الظلم عبر الحدود العربية الذي يكاد يضاعف عدد السكان في بلدنا !

وتلك اهازيج ما زالت تراود الذهن كلما تذكرت ايام من الزمن الجميل ... اهازيج توحد ولا تفرق !
ومن بين أهازيج الحصاد الشهيرة في بلدنا:
مِنْجَلي وَمِن جَلاهْ... راحْ لَلصايغْ جَلاهْ
ما جَلاهْ إلا بْعِلْبِة... ريتْ هالعِلْبة (عَزاهْ) !
منجلي يا ابو رزه ... وش جابك من غزه

جابني حب البنات ... والعيون الناعسات.
جابني حب البنات... وام خدود الناعمات
وام عيون السود لود ... بالحواجب مقرنات
مقرنات براس عود ... يا خو سعدى يا مسعود
وللمنجل حضوره في الاهازيج الشعبية والحداء ... فيقول اصحاب الهمم،
مِنْجَلي يا أبُو الخَراخِشْ... مِنْجَلي بالقش طافِشْ
يا ريتِ الشّوك ما بانْ... ولا تخلّقْ ولا كانْ
اما الدراسين المتربصين بالنسيم العليل فمن اهازيجهم،
هب الهوا يا ياسين...يا عذاب الدرّاسين
هبّ الهوا يا حنيني...صار الظعن ظعنينِ !
حيث مستوى شدة الهواء كفيلة بفصل محاصيل الحبوب الصيفة عن التبن ... ولكن ليس اي هواء يناسب عملية الذراء فما يناسبها هو هبات النسيم العليل بعد العشاء او بعيد صلاة الفجر.

هذا الارث اصبح من الماضي في حزيران، فالحصاد التقليدي نادر الحدوث ولا نكاد نرى البيادر، مع ان هناك بعض الماكينات تجني بعض محاصيل القمح النادرة في الحقول الملئى بالشوك وبأكياس النايلون السوداء وغير الاكياس السوداء ...

ولكن حزيران ككل حزيران يبقى موسم حصاد الشهادات الجامعية والمدرسية للابناء في ايامنا، فلا يسعنا الا ان نبارك للابناء وذويهم حصيلة جهد ابنائنا وابنائهم من الجنسين من الخريجين ونتمنى لهم المستقبل المهني الواعد بعون الله.

ومهما كان من امر حزيران فلا بد ان نتذكر انه يذكرنا بنكستنا الكبرى واحتلال الضفة الغربية للنهر المقدس واحتلال قدس الاقداس واكتمال احتلال الصهاينة لفلسطين كل فلسطين من بحرها لنهرنا، ولكن حزيران يبقى هو ذاته شهر الحصاد وشهر جهد الاباء والاجداد ...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات