إحتواء الشعوب لا قتلها!


لم تعد الشعوب تلك القطعان التي تقاد من فرد ،ولم تعد تلك العميان التي لا ترى إلا بعيون شخص ، شفيت من الهلع والخوف حين يأتي ذكر السلطات الأمنيه وتعافت من داء البكم الذي عانت منه عشرات الأعوام ،خرجت من تلك الزاويه الضيقه التي حشرت بها منذ زمن طويل حيث العيش مع اعلام موجه واحد وجهاز إستخباراتي للتحركات راصد ، والسمع والطاعه لقناع خير يخفي الشر كله ، وطن غالي يختزل بفرد ،هناك واجبات على الناس القيام بها ، أما الحقوق فكانت ضمن حقيبه الصدقات إن تفضل بها الحاكم كان بها وإن لم يتفضل فهي ليست فرضا خصوصا ان ثروة البلاد كانت في تلك الزاويه ملكيه شخصيه للحاكم واسرته وحاشيته ، كانت الشعوب تحكم بالحديد والنار وتعاقب بالعشيه والاسحار على مالا يخطر على البال كنظره بريئه لقصر حكومي او حركه غير مقصوده تتزامن مع ظهور الحاكم في التليفزيون ،حتى اني اعرف شخص سجن لعدة اشهر بسبب قوله ياسلام بطريقه توحي عدم رضاه على خطاب القائد

لقد تغير كل شيئ تقريبا ولم يعد وجود للشعوب في تلك الزاويه إلا في مخيلة بعض الحكام الذين لم يستوعبوا ذلك بعد ،ولم يصدقوا ان دكتاتوريات عمرها العشرات من السنوات طارت بأشهر معدودات ،لقد عرفت الشعوب معنى الكرامه والمواطنه والحقوق والحريه والعداله الإجتماعيه في توزيع الثروه الوطنيه ساعدها في ذلك التقدم التكنلوجي الذي اهدى للناس خدمة معرفه ما يدور في العالم آنيا من كل صغيره وكبيره ، كما ان الحروب الإعلاميه صبت في صالح الشعوب حيث كشف كل جانب فضائح الآخر الأمر الذي سهل وصول الحقيقه للإنسان في البر والبحر ناهيك عن داخل الوطن، لقد ولى الخوف الى غير رجعه نلاحظ كيف يسجن المغردين ويغرد بعد السجن آخرين، إنقلب السحر على الساحر وباتت عبارة عبره لمن يعتبر تطبق على الحكام ليعتبروا مما حدث لبعضهم ،وهي التي كانت يستخدمونها لقمع وتخويف الشعوب، لم يعد الأمي او غير المختص بأمور السياسه بعيدا عنها بل اصبح لدى الناس شغف الإطلاع والتمحيص في دهاليزها والبحث عما يدور تحت طاولاتها، اصبحت المقارنه والمطابقه سمة السواد الأعظم من الشعوب وبالتالي اكتشاف الحقائق ، إن اعراض المراوغه والكذب والمسايره باتت مكشوفه للصغير قبل الكبير ،لقد تلمست الشعوب طريقها التي ضيعته لعقود وخسرت بسبب ذلك الكثير وعرفت سلاحها الذي لم تنتبه له وكان اقرب من حبل الوريد لها

الغريب ان بعض الحكام لا زال بعقليه فرعون والفكر الأرستقراطي والأسلوب الدكتاتوري برغم كل ما حدث من سحل وطرد وعزل لهؤلاء حيث انه يظن ان لديه من القدره الخارقه بأن يقنع الناس تشم رائحة الورد من مكبات القمامه وانه لا فرق بين الصقر والحمامه ،يقنعهم بأن أمهاتهم لم تلدهم احرارا وأنه لن يقع الطير إذا طارا ، إن المذابح التي تقترفها الحكومات الآن بحق شعوبها سوف تزيد تلك الشعوب اصرارا على التضحيه من اجل حريه قدموا من اجلها ارواحهم وسنين عمرهم وتجعلهم اوسع فكرا واكبر عقلا وأتقن عملا وبالتالي ستجد الحكومه نفسها في مهب الريح بليلة وضحاها فالعنف لا يجلب الا العنف ،إنه زمن العقل والمنطق والحق ومن يستخدم السيناريوهات القديمه السخيفه يكون مسخره للجميع ،كل يوم تطالعنا القنوات بفبركات وفوتوشوب مفضوحه تستخف بعقول الناس الأمر الذي يزيد الناس احتقان وشحن ، إنه زمن إحتواء الشعوب لا معاداتها ،نلاحظ انه في الوقت الذي يقر فيه البرلمان الفرنسي مشروع يسمح بالتجاوز على رئيس البلاد والذي يتم فيه التجاوز على اوباما رئيس الدوله التي تقود العالم وبدون عقاب تضاف التغريده والتنهيده والغمزه وحتى اشارة اليد للجرائم التي يعاقب عليها قانون بعض الدول العربيه لإعتبارها تجاوزا على الحاكم، إن الحاكم العادل الذي يخاف الله لن يجد إلا من يثني عليه ويشكره، كلنا رآى نهايه من يقتل شعبه او يظلمه ، الحاكم الذكي من يحب الشعب اكثر من الكرسي والوطن اكثر من الشعب والله اكثر من الوطن ، الحاكم الراشد الذي يجعل الكرسي والسياسه وسيله للوصول الى غاية العدل وبالتالي حب الله والناس



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات