أنظمة و آداب للجماعات و الأحزاب .


علي حسين النعنع شاب يمني رب أسرة فقير يكدح على جمله لينفق على أسرته ، وقد كان رفيقا
و رحيما بجمله فلا يتعبه في العمل و يحسن إليه
و يكرمه حتى صارت مع الأيام بينهما أُلفة .

فجأة سقط علي حسين النعنع مغشيا عليه بعد أن قدّم لجمله علفه و شِربه فنظر الجمل فإذا بالناس يحملون صاحبه ثم بعد حين يأخذوه إلى المقبرة فذهب خلفهم و جلس قبالة القبر فلما غادر الناس اقترب الجمل من قبر صاحبه و ناخ عنده .

حاول بعض الجيران أن يحملوه على العودة إلى البيت فلم يستجب لهم ، فتركوه و بات ليلته عند قبر صاحبه ، و في اليوم التالي حاول آخرون لكن الجمل الوفي لم يستجب لهم أيضا و بقي جالسا عند قبر صاحبه .

انتشر الخبر بين الناس حتى وصل إلى الصحفيين فجاؤا لتصوير المشهد و تدوين المعلومات من أهل البيت و من الجيران عن هذا الموضوع ، ثم نشروا خبر وفاء هذا الجمل لصاحبه علي حسين النعنع في الصحافة مع الصور، فأخذ الناس يتوافدون للمكان ليشهدوا حقيقة هذا الامر .

عندما عرف الناس الحالة الاجتماعية لعائلة علي حسين النعنع و أنهم فقدوا رب اسرتهم و معيلهم الوحيد أخذوا يتفقدونهم بين الحين و الأخر فتحسنت حالهم ، فكان إحسان علي حسين النعنع لجمله سببا في الاحسان لعائلته من بعده .

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما أسرَّ عبدٌ سريرةً إلا ألبسه الله رداءها ، إن خيراً فخيرا ،و إن شراً فشرا " .

أحسن علي حسين النعنع إلى " حيوان " فأحسن الله إليه بأن رفع ذكره و لفت أنظار الناس إلى عائلته المحتاجة كما أن وفاء الجمل لصاحبه الذي أحسن إليه يعني ضرورة وجوب وفاء" الانسان " عضو الحزب أو عضو الجماعة إلى الحزب أو الجماعة التي لا شك أنها قد أحسنت إليه علما و تربية
و إيمانا و مكانة و ربما خيرا كثيرا آخر أيضا .

و المعلوم البديهي أنّ جعْل الناس كلهم نسخة واحدة مكررة و محو كل اختلاف بينهم أمرا مخالف للفطرة التي فطر الله الناس عليها ، و اختلاف صفات البشر و جيناتهم يترتب عليه حتما اختلافهم في الحكم على كل أمر ، ليس على القضايا فقط
و إنما حتى على المأكولات و الملبوسات و الالوان ، و ليس على الفقه و السياسة فقط و إنما في السلوك اليومي أيضا تجاه العائلة و الارحام ، وهكذا .

لكنّ هذا يستلزم أن يحترم الناس هذه الفروقات
و الامزجة و الآراء فهي حقوق خاصة للأنسان وهذا ضروري و لازم بين الناس عامة .
أما من ألزموا أنفسهم بجماعة معينة أو حزب معين فالامر لديهم أوجب و آكد ، و إذا بدرت و ظهرت اختلافات في الرأي حول أي موضوع فيجب أن تحترم الآراء من قبل الجميع وهي مختلفة طبعا ولكن تحكمها في النهاية الأطر القانونية المعمول بها في الحزب أو الجماعة و يجب أن تنتهي هناك بالتصويت الداخلي ، وعلى من لم تأخذ الاكثرية برأيه أن يحترم رأيها و يتنازل عن رأيه لصالح الحزب أو الجماعة .

أما من لا يقبل الاحتكام للأنظمة الداخلية في الحزب أو الجماعة و يرفض الالتزام برأي الأغلبية وقد اتخذ إلهه هواه أو أنه مرتبط أصلا بجهة معينة و يعمل لحسابها ثم يذهب ليغرد خارج السرب ، فهذا يعتبر ناكرا للجميل عديم الوفاء ناكثا للعهد ناقضا للبيعة و حسابه على الله .

وبما أننا على أبواب رمضان المبارك شهر التوبة و المغفره فمن تاب تاب الله عليه و التائب من الذنب كمن لا ذنب له و اعود لإذكر بحديث المصطفى صلى الله عليه و سلم " ما أسرّ عبدٌ سريرةً إلا البسه الله رداءها إن خيراً فخيرا أو شراً فشرا " .

و قال الله تعالى على لسان زوجة العزيز " وما أبرئ نفسي إن النفس لأمّارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم ".

ضيف الله قبيلات



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات