كأس وغانية وإعلام


حرب ضروس هي التي تشن على الأمة, بكل ما تعنيه الكلمة؛ حرب فكرية ثقافية أخلاقية, تشن من السماء والأرض, من الشرق والغرب, من البر والبحر, لا مكان فيها حتى لهدنة تُلتقط فيها الأنفاس, تستهدف الصغار قبل الكبار, تتصدر جبهاتها وسائل الإعلام بكافة أنواعها, مقروءة أو مسموعة, مرئية أو خلوية, شعارها كأس وغانية تفعلان بالأمة المحمدية ما لا تفعله كل المدافع والطائرات والبوارج والحروب الأهلية والانقسامات. والأعداء فيها كثيرون كثيرون كيأجوج ومأجوج, يتحدثون بلغتنا, ويرون بعيوننا, ويفكرون بعقولنا, ويتنفسون هواءنا, ويأكلون من طعامنا, ويلبسون ثيابنا, نراهم ولا نراهم, يدعون إلى التثبيط والإحباط, ويقتاتون على أمراض الأمة, ويرفضون العافية, سلاحهم الغانية اللعوب مكشوفة الصدر والفخذين, فتأثيرها فعال, بل وأكثر من ذلك تكّرم في بلاد العُرب من أعلى المستويات كأكثر الشخصيات العامة تأثيرا في الآخرين..؟! وأي تأثير هذا الذي تكّرم من أجله, فلا فكر ولا مبادئ ولا إصلاح ولا تعليم, وإنما بدون تردد إفساد إفساد, فتجد أخبارهن وصورهن قد تصدرت الصفحات الأولى للصحف والمجلات, ولهن الساعات تلو الساعات على الفضائيات الكثيرة المخصصة لهن, حتى باتت الغانية مصدر إلهام للشباب والكبار, بل وينتحر الشباب لموت إحداهن, وتطًلق النساء بسببهن, وتفكك الأسر وتهدم البيوت ...؟ وثقافة شبابنا لا تتعدى أخبارهن, فباتت عناوينهن الأكثر قراءة و تعليقا و مشاهدة وهوسا.

        فيا من تدعون إلى هدم الأمة ولعق و ارتداء ما جرّبته و ابتذلته الأمم الأخرى، يا من تدعون إلى تقليد التفاهات كما أنتم، حتى في حقوق إنسانهم و إيجابيات حضارتهم، و تقدير الإنسان في عطائه رفضتموه، وأخذتم ما يزيدكم نقصا وابتذالا, و فرضتموه على أجيالنا ، فلا ينظر الواحد منا أو يتنفس أو يطالع أو يشاهد إلا التفاهات مثلكم ، فحرصتم كل الحرص على تفريغ العقول ، و قتل النفوس، و مسح الذاكرة، إلا مما يصدّ عن العودة, فصورتم حضارتنا بالظلامية و الرجعية ، فلا تطالع أجيالنا إلا أمراض كانت, أو اصطنعتموها أنتم، وتحاولون إخفاء و طمس وجه أمتنا المشرق و رموز عظمتها, وأسباب نهضتها, بل حتى هؤلاء الرموز والعظماء لم يسلموا منكم فشوهتم الصورة وغيرتم الحقيقة.

واستبدلتم العظماء بالسفهاء, فأصبح السفيه نجما, فخرجت أجيال تعاني أزمة في الهوية, فلا هي متصلة بالماضي, ولا هي مدركة للحاضر, وتعيش بدون غاية, أو هدف, أو مستقبل, قدوتها أراذل القوم.

ويحكم..!! فالنهضة قادمة لا محالة، و إعادة الأمجاد مسألة وقت، و رميكم في مزابل التاريخ أمر محتوم، فأنتم العفن, و أنتم الجراثيم الضارة التي تعيش على أمراض الأمة، و الأجيال التي ستطهر أمتنا منكم و من عفنكم ستكون لديها القدرة على صناعة التاريخ من جديد ، هذه أمة الاشتقاق و لغة الاشتقاق ، هذه أمة الصحراء التي أنجبت العظماء و ستبقى .

rawwad2010@yahoo.com

 



تعليقات القراء

شمس الهدى
أمراض.....
كلها أمراض تنهش وتنخر جسم الأمة
حتى تبقى ضعيفة مستباحة منهوبة الثروات والمقدسات
بارك الله فيك ايها الكاتب الهمام

شمس الهدى
03-11-2009 01:20 PM
الناقد
نعم هذا حال الامه كما وصفت وهذا حال هذا الجيل الذي ان مسك زمام الامور ارسلو بنا الى التهلكه والله المعين
03-11-2009 03:21 PM
بــنــت الــزيـــود G
تسلم على هذه المقاله الرائعة ، الاعلام اصبح كالحرب يهدد الأمه وخاصة المسلسلات التركية .
03-11-2009 03:26 PM
صيق
يسلمو............
تحياتي
03-11-2009 03:58 PM
سلام
لا تقلق أستاذي الكريم .. فالنهضة قادمة بإذن الله لا محالة ... و ستكون على أيد شبابنا إن شاء الله ...
03-11-2009 04:48 PM
ايه
"اجيال تعاني ازمة في الهاوية, فلا هي متصلة بالماضي, ولا هي مدركة للحاضر"

هذا هو ناتج الاعلام الذي مستواه مازال بنحدار لا نعرف الى اين سيصل بشباب يسيطر عليه الجهل في التعامل مع ضروف الحياة.

تحياتي
03-11-2009 06:03 PM
هيفاء وهبي
ايش ماكو علي...أي يعني هلا أنا الي خربت الأمة ياي شو آسي انت....
مش شايفين غيري ...ما عندكو غرام اطئع مني وفي غير كتتتتير
شو اعمل ازا همو بدفعولي فلووووس كتير حتى اعميكوا بمفاتني شو اعمللكوا
جسمي وانا حرة في جسمي بعمل في شو ما بدي
يا آسي يا حسان وجعني كلامك..........؟!
واحد شاف هيفاء في الحلم .......؟!!
03-11-2009 08:04 PM
عربي مسلم حتى النخاع
ابدعت يادكتور حسان على هذه المقاله الرائعه واتمنى من جميع الكتاب في الصحافه ان يسيروا على هذا النهج وبنفس الجرائه لاننا بهذه الامه بحاجه الى هذه التوعيه وهذا التذكير بماضينا المجيد الذي ابتعدنا عنه واصبحنا كلتائه في الصحراء لايعرف اين يتجه ولا في اي اتجاه يسير وماهو مصيره !!!!!!!!!!!!!!!!!!اصبحنا نركض وراء المظاهر وما يسمونه التحظر الزائف الذي ابعدنا به عن جميع اهدفنا من تعليم وثقافة وتقدم حقيقي في شتى مجالات الحياه ! يجب علينا اعادة النظر في تربية ابنائنا على القيم الاسلاميه والعادات العربيه الحسنه ونمضي بهم على خطى علمائنا القداما من عرب ومسلمين الذين خطوا للعالم طريق العلم المتجذر الذي لاينكره عدو ولاصديق 0 اشكر الكاتب جزيل الشكر وهدانا الله لما فيه خير للامه الاسلاميه .والبشريه جمعاء
03-11-2009 10:02 PM
الإبتسامة
بسم الله الرحمن الرحيم
مقالة رائعة وجميلة تشير الى وضع نعيشه ولكي تكون الأمور اوضح لقد تأثرت بها كغيري من الفتيات ولكن ليس بدرجة اندم عليها والحمد لله فلم تتعدى مشاهدة برامج ذات صلة بها
وابشرك يا دكتور هناك زمن كانت تناقش فيه امور دول عضيمة عربية وغيرها بين الغانيات وهو زمن الجاهلية وجاء نبي الله محمد وقلب معاير هذا الميزان الخاسر وسما بعقول البشر ونحن الأن لا ننتظر قدوم نبي لمعرفتنا ان رسولنا الكريم خاتم النبين والمرسلين ولكن ننتظر من البشر من هم على كتابه وسنته لكي يعدلوا الموازين ويعيدونا الى النور .
اشكرك يا دكتور حسان على هذة المقالة .
04-11-2009 07:17 AM
محمد الصرايره _ جامعه مؤته
شكرا لك يا دكتور حسان
04-11-2009 03:17 PM
طالبتك:نزهه النصره
رائع ............كالعاده يا دكتور لا تعليق.............
04-11-2009 08:56 PM
رانيا علوش
رائع................
سلمت يداااااااااااااااااااااااااااااااااااااااك
05-11-2009 04:04 PM
غدير
.........................
وشكرا
05-11-2009 04:14 PM
النعانعة محمد
كثر خوفي على اولادي من كثرة القصص التي اسمعها من الافلام الاباحية التي تتواجد بين ايدي الاطفال ممن هم في 13 14 عاما دون رقيب الخلويات وفلام السي دي
والله المستعان ......
الانحلال الاخلاقي صار في بوتنا ومدارسنا ووسائل التكنولوجيا تستخدم في افساد اشباب ووالفتيات وارباب الاسر وربات البيوت
الاوضاع بتخوف في الفعل
الله يرحمنا برحمته
06-11-2009 07:34 PM
القن الى هيفاء وهبي
بعرفك يامستهتر بكل شى ورح تضل مستهتر وبنطلونك ستحل ومش عارف متا بدك تكون جدي في حياتك
07-11-2009 12:45 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات