ونعم الاستقلال


مجبر أنْ أُحرّف جزءا عددياً مما قاله نزار قباني وأرميه هنا بمناسبة استقلالنا والى اين وصلنا :
تسعة وستون عاما فوق درب الهوى ...وما يزال الدرب مجهولا
فمرة كنت انا قاتلا .....واكثر المرات مقتولا...
تسعة وستون عاما يا كتاب الهوى ...ولم ازل في الصفحة الأولى...


لماذا لا نحتفل بهذه المناسبة كباقي الشعوب , لماذا لا نفرح ..لماذا لا تزغرد النشميات ... لا أرى اية مظاهر تدل انّ هناك يوما يدعى بيوم الاستقلال.لاننا في الحقيقة لم نعد نشعر بقيمة ذلك التحرر لاننا ما زلنا مستعمرين بأشكال عصرية جديدة , لقد خرجنا من استعمار كلاسيكي الى استعمار متطور ,استعمار في الصميم العربي ثقافةً واقتصاداً وسياسةً , لقد عرف المستعمر عندما خرج كيف سيعود , وحين لملم اوراقه ضحك ساخراً وقال :راجعون ... نعم لقد استطاع الرجال الاوائل ان يحرروا البلاد من غزو انهك الارض والشعب ولم يخطر ببالهم انّ اليّة ومفهوم الاستعمار ستتغيران مع متطلبات العصر الجديد , ولتفرض بدائية العمل والتطور وانتشار الفساد طلباً غير مباشر الى الغرب وغيرهم في نداءات استغاثة وعون وشكل جديد من الرعاية...

لن احرم البعض من نكهة الاحتفال أو ألغي ما وصل اليه الاردنيون من علم ومعرفة وتقدم قياسا بالامكانيات والقدرات المحدودة , لكن ذلك الجزء من مسيرة النجاح كان ثمناً حلالاً لمن دفع بروحه ودمه في سبيل شعبه وأرضه , لقد بنى الاوائل جيلاً راقياً من الشباب ,وفكراً ثابتا ينطلق من مبادئ حضارتنا السامية, لكن ما حصل بعدها قد افقد تلك المسيرة أتجاهاتها , وأفسد لذة طعم الانتصار عندما حضرت تركيبة من المسؤؤلين والمتنفذين في وقتٍ أضاعوا فيه عنوان الشعب بين الهوية واللاهوية...

الاستقلال الذي نريد الان هو استقلال من الفاسدين والمرابين ومحتكري أسهم الاردن الاقتصادية وثرواته ..نريد استقلالاً كامل الدسم مليءٌ بالعدل والنزاهة , لا نريد اصلاحاً يتحدث عنه أحد المتآمرين على الامة , نريد أصلاحاً حازماً لا مترددا ومتشعباً امنيا, اصلاحاً من الالف الممدودة الى الياء المكسورة ,
لا شك ان عدداً كبيرا من الأردنيون فرحون بيوم عطلة اكثر مما عنت لهم مناسبة العطلة , انه الواقع المزعج , الواقع المرير الذي يفرض نفسه على كل بيت أردني اضنته لقمة الخبز , في الماضي ما زلت اذكر كيف كنا نحتفل بالاستقلال , وباليوبيل , كيف استقبل الشعب الملك حسين بن طلال رحمه الله بعد مرحلة العلاج الاولى ...ذهب ذلك كله في طرفة عين عندما سُيّد على الاردنين الرويبضة والحفاة والسائحين...

لقد تعبت حتى استطعت أن أفسر لابنائي ماذا يعني الاستقلال وكيف كان , وفي نظرة استهجان من احدهم قال انّي من مشجعي مانشستر يونايتد....
منذ عقود قريبة حارب المرتزقة من اقتصاديين و سياسيين أصحاب الفكر الوطني وحاملي لواء المجد والرفعة .. هؤلاء المستعمرون الجدد ما زالوا ينحتون قصورهم في ربوع هذا البلد يلعبون بنا كالاراجوز ...ويحتفلون بعيد تأسيسهم في نفس يوم استقلالنا, لقد نفذنا من الرعاية البريطانية بصعوبة لننتقل بسلاسة الرعاية المحلية الفاسدة...فمتى نقول مبارك لنا الاستقلال!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات