بتروج وما بتقع


كلما سألني احد الاصدقاء من خارج الوطن عن حالنا في الأردن أقول له " بتروج ومابتقع " ، وهذه الجملة أصيلة في موروثنا الاجتماعي لوصف الكثير من أمورنا الحياتية ، ومن ابرزها الوضع الاقتصادي الفردي كلما أمعنت الحكومة في تطاولها على جيب المواطن ، وتلك الجملة قمت باستخدامها قبل شهر تقريبا وفي نقاش اجبرت على أن يتحول من الاكاديمية الى السياسية بفعل المكان والمحاور .
والشيء الملفت هنا أن هذا المحاور ومنذ عرفته منذ عامين، وكلما شاهدني في مكتبه في الجامعة كل ستة شهور كان يسألني نفس السؤال؛ ويقدم الإجابة من عنده بمقولة لا اعرف مدى صحتها التاريخية ولا أعلم من صرح بها ، وهي مقولة ؛ تقول " أن الأردن وضع في وسط جغرافي وسياسي يتعرض للكثير من حالات الطوفان ، ولكنه تعلم أن يطفو كي لا يغرق " ، وهو بذلك يستخدم جملتنا الاجتماعية الشعبية ولكن بإطار اكاديمي من باب وضع المصطلحات في مكانها.
ولكن عندما قلت له جملتي الشعبية وقف عندها كثيرا محاولا فهمها والخروج بوصف دقيقة لحالتنا السياسية في وسط الآزمات السياسية والأمنية التي تحيط بنا ، وحاول أن يتأكد من دقة الوصف بضرب عدد من الأمثلة عن ما يصدر من اخبار عبر الفضائيات الاخبارية عن وضعنا في الأردن ، وهي اخبار تتناول اشكال من التوتر الاجتماعي " الجرائم العشائرية والطلابية " ، والتوتر السياسي " حالة الانشقاق الإخواني " ، ولم يترك ما يحدث في مدن الجنوب الأردني وخصوصا مدينة معان بحالة ، بل أكد في سياق كلامه على حقيقة تقول أن حالنا في الجنوب قابل للإشتعال؛ بل أنه ربما يكون الثقل الذي سيلقي بنا في قعر الفيضان العربي ونغرق فيه ، وهنا كان لابد من الحديث بحذر شديد من قبلي عما يدور في الجنوب ؛ وذلك من باب أنني افتقد الكثير من المعلومات عنه ، وأن اغلب ما يقال عن ما يحدث هناك هي تصريحات حكومية " أمنية " فقط ، والجانب الأخر من الحدث مغيب إعلاميا وان صدر شيء من طرفه فهو يصدر على لسان بعض الرموز التيارية الدينية التي فقدت بوصلتها الوطنية منذ زمن .
واليوم وما يحدث في معان وما يصدر عن الجهات الرسمية ربما يؤكد جزءا مما كان يقوله محاوري قبل شهر أو أقل ، وفي نفس الوقت يلعب الإعلام المحلي الغير حكومي دورا في تشويه وصف ما يجري من باب " السبق الصحفي " ، ويكون رد الحكومة نفي ما يصدر عن هذا الإعلام وعن ما يجري في الجنوب ، وهنا تقع الحكومة بخطأها الأزلي المتوارث والذي يؤكد على أن مصداقية ما تصرح به عن ما يجري هناك توضع دائما على المحك الشعبي الذي يفقدها المصداقية ، وبالتالي سيبقى كلام محاوري قبل شهر في ذاكرتي وانا أوكد على أننا نروج ولكننا لن نقع ابدا وبعونه تعالى .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات