في ذكرى النكبة: شهداء الأردن من اجل فلسطين الغائبون


في كل عام وبعد غياب شمس الرابع عشر من شهر ايار تتبارى المحطات التلفزيونية والمحطات الإذاعية الرسمية وغير الرسمية ويسن الخطباء السنتهم ويشحذون اقلامهم يتباكون على فلسطين التي ضاعت وتظهر هذه المحطات عن قصد وغير قصد صور من المأساة الفلسطينية وكيف خرج ابناء فلسطين من بيوتهم وكيف شتتوا في كل مكان وتنطلق من افواه بعضهم لقد قالوا لنا اخرجوا وستعودون بعد يومين. وفي خضم هذا وذلك تقام المهرجانات الخطابية وتعزف الموسيقي وتغنى الاغاني والأناشيد والكل يبكي ويقولوا لقد ضاعت فلسطين، ويحملون مفاتيح العودة وعلى ان من انها ضاعت او بالأحرى احتلت فلسطين في تلك الفترة وقام على تلك البقعة من بلاد الشام كيان دخيل علينا الا ان هنالك في كل هذه الصور التراجيدية والاحتفالية يغيب عنها شيئا رئيسا لم يتنبه له لا القنوات الرسمية ولا المحطات الوطنية ولا حتى طبقة معينة هي ابناء وأحفاد شهداء الأردن من اجل فلسطين او حتى ابناء الشهداء الفلسطيني او العرب، أولئك اللذين قاتلوا وحاربوا في معارك غير متكافئة عصابات ارجون واشترن والهاجاناه وغيرها من العصابات الغاضبة واللذين لقنوا تلك العصابات دروسا قاسية في الحرب والقتال، وان ذلك الجزء من بلاد الشام لم يضع كما تصور تلك المحطات والقصص والخطابات وغيرها من المظاهر الاحتفالية التي لا تظهر الا رحيل الراحلين وشتات المشتتين ونواح الباكين على فلسطين وتنسى عن عمد او بقصد او عن غير عمد او قصد صور البطولات والتضحيات التي خاضها المجاهدون من ابناء العروبة وعلى راسهم ابناء الأردن في الدفاع عن تلك البقعة المقدسة من بلاد الشام والتي كلها مقدسة.
فقبل نيف وستون عاما وفي هذه الأيام كنت تدور معارك على تراب فلسطين بين الغزاة وبين أبطال الأمة العربية، منهم أبطال جاءوا من الأردن لوحتهم شمس الصحراء وسهول حوران وجبال البلقاء وعجلون ومؤاب والشراة ومن الأغوار ومن كل بقاع الأردن انهم رجال امنوا بوحدة الأمة العربية وبقدسية اي ذرة من تراب الوطن العربي لم يؤمنوا بان الجغرافيا التي وضعها سايكس-بيكو وغيرهم، هي حدود تفصل أبناء الأمة العربية التي وحدها حرف الضاد ووحدها الإيمان بالله والإسلام له، لم يؤمنوا بان النهر يفصل قطرين عربيين بل انه يروى ضفتي ارض عربية لم يمزقها التاريخ واجل امنوا بان الأصل واحد وانه يعود إلى يعرب ونزار ويشجب امنوا بانها ارض مقدسة لكل المسلمين ولم يؤمنوا بالأحزاب على اختلاف مشاربها.
اجل انهم محمد واحمد وابراهيم وسالم وخالد غيرها من الأسماء وان اختلفت الأسماء او تكررت او اختلفت عشائرهم أو قبائلهم، فقد باعوا كل متاع الدنيا ليشتروا بندقية لدفاع عن تراب فلسطين، وقاتلوا بالإمكانيات المتواضعة لديهم ولقنوا العدو دروسا لا يزال يذكرها إلى يومنا هذا، وقد عجزت اعتى الأسلحة وأحدثها على النيل من قلوبهم التي هي أقوى من الحديد ولقد استخدم العدو الطائرات والمدفعية ليتمكن من التغلب على بضع رجال أردنيينا يتعدون اصابع اليد الواحدة تمترسوا خلف صخرة أو شجرة او في خندق للدفاع عن فلسطين، ومنهم من قضى نحبه شهيدا روى بدمه ارض فلسطين ومنهم من ينتظر وفي جسمه ونفسه جراح كبيرة بقيت معهم طوال حياته.
اجل انهم رجال أردنيون دكوا بنعالهم مستوطنات ومستعمرات الغزاة وجثت قيادات الطغاة عند نعالهم أسرى ووقعوا صكوك الاستسلام لهؤلاء الأبطال الغر الميامين، وقد اعترفت ببطولاتهم اعرق الأكاديميات العسكرية فدرست بطولاتهم في مدارس قياداتها الكبرى، واعترف بهم العدو قبل الصديق فنصب لبطولاتهم النصب التذكارية وكتب عليها هنا قاتل جنود ومناضلون أردنيون ببسالة. ولم يتوقف التضحيات الأردنية مع توقف القتال بل استمرت إلى يومنا هذا وصفحات التاريخ المنسية يتداولها الآباء والأجداد في مجالس السمر ومجالس الشتاء القارص، لم تكتب في كتب ولم يقم لهم نصب تذكاري في اي ارض عربية. وبقت حكايات تروى كغيرها من الحكايات.
اجل لم يميز التراب الذي احتوى جاثمين الشهداء أو ارتوى من دماء الأبطال ولا الشجر الذي نبت شامخا معتزا ببطولاتها يطاول السماء بها بينهم و بين جنسياتهم او البلاد التي جاءوا منها، اجل لقد قاتل عرب و على راسهم الأردنيون وسقط منهم الشهداء على ارض فلسطين ومن اجل فلسطين قاتلوا بكل ما يملكون من وسائل قتال بسيطة وبداية وتعود إلى جيلين أو أكثر من الأسلحة التي كانت مع الخصم فهذه أسوار القدس وكل المدن والقرى الفلسطينية تذكرهم يذكرهم الحجر والشجر ونفوس المخلصين من أبناء الأمة العربية على التراب الفلسطيني.
و كم كان حري بهذه المحطات والاذاعات ان تستضيف او تذكر ولو للتاريخ أو تمجيد الأشخاص أو الشهداء اللذين هم اشرف بني البشر ليذكروا قصص البطولات التي جرت على ارض فلسطين وان فلسطين قد رويت بالدماء وانها لم تذهب رخيصة كما تصور هذه المحطات والخطباء وغيرهم ممن اتخذوا من هذه المناسبة مناسبة لظهور وتسجيل المواقف السياسية او اشباع رغباتعم الدفينة في الظهور وكانهم هم الوحيدين في هذه الدنيا من يعرف فلسطين وهو حريص عليها اما الباقي فهم ليسوا كذلك. لنبين للعالم اننا قاتلنا ودفاعنا عن فلسطين وانه وعلى الرغم من انها نكبة حلت بسلب هذا الجزء من بلاد الشام فقد كانت لنا بطولات وشهداء وابطال سطروا باحرف من نور تضحيات من اجل تراب فلسطين، وان من دفاع عن فلسطين سيبقى مخلصا لترابها وفيا لها يعمل على تحريرها واعادتها واعادة قدس الاقداس الى ارض العزم اغنية الضبا الى من نابت السيوف وحد سيفه ما نبا الى الشوكة التي في عمر الورد والتي ردت الى الشرق الصبا. اجل هؤلاء هم من سيعيدون فلسطين و ليس من اتخذوا هذه المناسبة لعرض بطولاتهم الخطابية او استغلوا المناسبة لاهدافهم الشخصية.
و كم هو حري باللذين يسيرون في المسيرات ان يحملوا صورا لهؤلاء الشهداء او قوائم باسمائهم او حتى لوجة واحدة تترحم عليهم او تذكرهم و تذكر بهم.
اجل هيا بنا أيها المخلصون من ابناء الأردن وفلسطين لنحتفل بهم وان نقيم لهم ما يليق بهم وتضحياتهم من اجل وطن هو من أقدس بقاع الأرض فيه اجتمعت الديانات السماوية الثلاث وفيه المحشر والمنشر ومنها وصلت الأرض بالسماء، لنحتفل بهم ونعطيهم على الاقل مساحة مناسبة من البرامج والاحتفالات ومن الخطب وليكون احدهم او احد احفادهم على الأقل خطيبا في تلك الاحتفالات او مستضافا في البرامج التي يتغنى مقدمها بتلك البقعة من بلاد الشام.
فهؤلاء الشهداء و المجاهدون هم وحدهم اللذين يمجدهم التاريخ و ليس غيرهم من محترفي السياسية او ممتهنوها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات