هيبة الادارة الجامعية بين مطرقة وسندان


ما آلت إليه جلسات التأجيل المتعاقبة للنظر في التجديد لرئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية، حيث كان تقرير لجنة التقييم التي شكلها مجلس التعليم العالي ايجابية في الوقت الذي كانت فيه النتيجة غير توافقية بين أعضاء مجلس التعليم العالي في جلسته الاخيرة حيث شهد الرأي القانوني للتجديد تجاذبات في ظل عدم تحقيق الاغلبية (50%+1) من عدد أعضاء مجلس التعليم العالي الذين حضروا الجلسة وعدده (11) حيث صوت 5 ضد التجديد للدكتور عبد الله ملكاوي، الامر الذي أسفر عن أن عدم اتخاذ قرار من قبل المجلس بشأن التأجيل مما يعكس الضبابية وعدم الوضوح، وكأن هناك خجلا أو استحياء من قبل المجلس لاتخاذ القرار بجرأة وإنصاف لجوهرة الجامعات التي نجحت كمنجز وطني يعتد به في كل المعايير ليس على مستوى الوطن فحسب، ولكن على مستوى المعايير الدولية. ان الوسط الاكاديمي مستاء جدا لما جرى للنيل من هيبة إدارة الجامعة بهذا الأسلوب غير المعهود في تاريخ الأكاديميا الأردنية، علما أن جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية قد حققت نجاحات على ارض الواقع في مجال التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع من جهة، ومن جهة ثانية فان تقرير لجنة التقييم التي ترأسها دولة الدكتور عدنان بدران كان ايجابيا، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف يقتنع الوسط الاكاديمي في جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية والجامعات الاردنية وكيف يقتنع المتابعون للشأن الاكاديمي بشكل عام فيما ذهب اليه بعض اعضاء المجلس في عدم التجديد؟ الأمر الذي تفوح منه رائحة المطامح الشخصية من قبل بعض أعضاء المجلس لتسنح لهم الفرصة ليكونوا رؤساء لهذه الجامعة أوتلك غير آبهين فيما ورد في تقرير اللجنة من إيجابيات وكان لديهم عمى الوان وعلى أعينهم غشاوة فيما جاء بتقرير اللجنة تجاه صرح علمي يعتز به الاردنيون كافة.

والقاريء بعمق وتمعن لما كتب من مقالات من قبل اكاديميين ومتابعين ومهتمين بالشأن الأكاديمي أمثال معالي الدكتور وليد المعاني والدكتور نضال يونس والدكتور مهند مبيضين والدكتور مفضي المومني والاستاذ حاتم العبادي والاستاذة أمان السائح وغيرهم الكثير التي شكلت رأيا عاما أكاديميا لإنصاف المؤسسات الناجحة والمتميزة كجوهرة الجامعات وإدارتها، حيث أن منهم من ابدى تحفظا على تشكيل لجان التقييم، وأن هذه الخطوة التي اتخذتها وزارة التعليم العالي لم تكن في الإتجاه الصحيح، لأنه يخشى أن تحكم النظرة الضيقة أو تصفية الحسابات الشخصية، وأن أمر التقييم والمتابعة مناط بمجلس أمناء الجامعة وليس من صلاحية لجان التقييم، كما أن هذه اللجان لا يمكن أن تكون المرجعية وحدها، فحال الجامعة من حيث درجة إستقرارها الاكاديمي يعتبر عاملا مهما في التجديد لرئيس الجامعة، ومنهم من يرى ان الجامعة أصبحت ضحية لعبة بين التقييمات والترشيحات، ومنهم من إعتبر أمر التأخير في إعلان إسم من سيشغل منصب رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا بعد انتهاء ولايته امر غير مقبول ويتنافى مع قضية الحفاظ على هيبة رئيس الجامعة وعدم تركه فريسة للشائعات واللغط في غير مكانه، كما ان ترك رئيس الجامعة معلقا، لا يعلم إن كان سيجدد له من عدمه أمر غير سوي ولا يستقيم، وان ومنهم من إنحاز بموضوعية وحيادية لصالح هذه المؤسسة الرائدة ... هذا المنجز الوطني الذي حقق نجاحات كبيرة ويستحق أن يكون نموذجا لجميع جامعاتنا الأردنية، ومنطق الأمور والعدالة ان تكافأ إدارة الجامعة على ذلك في التجديد لمتابعة برنامجها لا أن يؤدي ذلك لا سمح الله الى زعزعة إستقرارها الأكاديمي، كما أن ما اذهب إليه بعض أعضاء مجلس التعليم العالي الذين وصفتهم مقالات الاكاديميين والمتابعين بأنهم يمثلون جناح صقور المجلس \" ضد توجه الحكومه\" وضد رأي الأعضاء الرسميين للمجلس معالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي وعطوفة رئيس هيئة مؤسسات التعليم العالي وعطوفة أمين عام الوزارة.

ولنفترض أن قراءة بعض أعضاء المجلس الذين صوتوا ضد التجديد للدكتور الملكاوي كانت مستندة على رأي شخصي ولم تعتمد في قرارها على ما توصلت إليه لجنة التقييم في تقريرها الإيجابي، مع أنني أقرأ غير ذلك كمتابع للسيناريوهات التي تمت في مشهد مؤسف ومحزن لا تستحقه جامعة رائدة حيث وضع هذا الصرح العلمي على مشرحة الأهواء والتجاذبات التي لا تحكمها الموضوعية. وإذا كان الرأي العام أكاديميا ووطنيا يتفق ان جوهرة الجامعات تلك القامة الاكاديمية العالية الهامة تتربع على قائمة أفضل الجامعات، فكيف يكون رأي ممن أطلق عليهم صقور المجلس مقنعا حيث ان تصويتهم ضد التجديد يعني ان الجامعة لم تحقق نجاحات ضمن رؤيتهم غير المنصفة وهذا تجن وظلم كبير للمؤسسة ولإدارتها وللعاملين فيها. ومن باب القياس فان أحكامهم ستنسحب حتما على بقية الجامعات لتزداد لهم الفرصة في المنافسة على إدارة احدى الجامعات. وأتساءل كما يتساءل غيري من المتابعين للمشهد كيف يستقيم الحال وأين الحيادية أن يكون عضو لجنة التقييم من أعضاء مجلس التعليم العالي؟ حيث كان من الحكمة أن يستخدم مجلس التعليم العالي صلاحياته فى تشكيل لجنة \"محايدة\" من خارج أعضاء المجلس، من أشخاص معروفين، ليست لهم طموحات فى رئاسة الجامعات الاردنية، وليست لهم أجندة خاصة، ولا يهمهم سوى الشان العام، بمعنى أن لا يكون أياً من أعضاء لجنة تقييم الإدارات الجامعية من أعضاء مجلس التعليم العالي كما أقترح ذلك أحد وزراء التعليم العالي وأكاديميون.

إن ما آلت إليه هذه الكولسات والتأجيل والمماطلة سيكون الخاسر فيها الجامعة نفسها وطلبتها من أجل تبقى رهينة قرارات غير حاسمة ومترددة يكتنفها الحياء والخجل من إنصاف هذا الصرح العلمي الرائد الذي يرفض الوسط الأكاديمي أن يبقى أمر التجديد للدكتور الملكاوي معلقا وتتقاذفه الأهواء والكولسات، ثم كيف يتم التصويت ضد التجديد من قبل بعض أعضاء مجلس التعليم العالي الذين اطلعوا على تقرير اللجنة الايجابي وما الغاية من وراء ذلك؟ سيما وان رئيس المجلس ورئيس هيئة الاعتماد وأمين عام التعليم داعمون للتجديد استنادا الى تقرير اللجنة الى واقع حال الجامعة التي تتمتع بالإستقرار الأكاديمي والسمعة المميزة.

لقد كتب معالي الدكتور وليد المعاني وزير التعليم العالي الأسبق في احدى مقالاته وهنا اقتبس لتعم الفائدة ولإنصاف جوهرة الجامعات حيث قال\"فإن رئيس الجامعة له الحق بشغل منصبه لمرة ثانية واحدة عن طريق التجديد، فالحق مكفول بالقانون.
وكانت عملية التجديد لمرة أخرى تتم دون أخذ ورد، وغالبا ما كانت مقدماتها تتم بين وزير التعليم العالي ورئيس الوزراء، الذي يستمع لتقرير شفوي من وزيره عن كفاءة رئيس الجامعة.\" وأتفق هنا مع ما ذهب اليه معالي الدكتور المعاني حيث أن بعض الأصوات التي نادت بأن \"الرئيس المنتهية ولايته يقدم طلبا مع متقدمين لشغل الوظيفة، يعتبرشططا وإستلابا للحق. فالقانون يقول\" تجدد لولاية ثانية\" وهي مطلقة دون قيد، ولم تفسر في نظام ولا في حكم وعليه فالمطلق يبقى على إطلاقه\".
اما وقد لم يتوصل مجلس التعليم العالي الى إتخاذ قرار بشأن التجديد للدكتور الملكاوي، وإستنادا الى قانون الجامعات الذي قال صراحة \"تجدد لولاية ثانية\" فان الامر الآن مطروح للتشاور ما بين دولة رئيس الوزراء ومعالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي للبت في شأن التجديد استنادا الى تقرير لجنة التقييم وطبقا لواقع الحال الذي تتمتع به جوهرة الجامعات من استقرار اكاديمي وسمعة طيبة على المستوى الوطني والاقليمي. وآمل كما يأمل غيري من الأكاديميين أن لا تتكررتلك الهزة بأسلوب آخر التي ضربت إستقلالية الجامعات واعتدت على مواقع رؤساء الجامعات الرسمية، عندما قرر أحد مجالس التعليم العالي قبل ثمان سنوات إنهاء خدمات سبعة من رؤساء الجامعات «دفعة واحدة»، وما زال ذلك الامر يعيش في ذاكرة الجامعات والعاملين فيها.

ثم لمصلحة من ان نقتل في الوسط الاكاديمي روح العطاء والإنجاز؟ ولمصلحة من أن لا ننصف اصحاب الهمم العالية التي تعمل في نور الشمس ولا تلتفت إلى عاشقي العتمة والظلام؟ ولمصلحة من أن نترك هذا الصرح في جو من الاشاعات التي جعلت من الذين يعشقون ذواتهم فقط ولغة العمل عندهم فقط هي تشويه صورة الآخر والإساءة اليه وقتل شخصيته المعنوية دونما وازع من ضمير او أخلاقيات؟ ولمصلحة من هدر كرامة عدد من جامعاتنا الرسمية خلال الفترة القريبة الماضية والنيل من هيبة رئيس الجامعة المعين بارادة ملكية سامية وكلنا تابع ما حصل في جامعة مؤته وجامعة البلقاء وجامعة آل البيت؟ ومن المخجل ما حدث ويحدث في جامعاتنا من تطاول على إداراتها وشخوص رؤسائها بأسلوب غير حضاري ويتعارض مع رسالة الجامعة وأهدافها، الامر الذي يخشى منه بعض الاكاديميين أن نصل إلى مرحلة يعتذر فيها عن تقلد هذا الموقع الكبيركرئيس جامعة أو إدارة اكاديمية كموقع مهم في منظومة المؤسسة التعليمية في الدولة الأردنية.

إن المسؤولية العليا تدعونا جميعا،أن لا تترك هذه المؤسسة تتقاذفها أمواج الصراعات الشخصية، والواجب يقضي أن ننأى بهذه المؤسسة الوطنية بعيدا عن الشخصنة والحكم على إنجازاتها بضمير مؤسسي يحفظ لهذا الصرح العلمي هيبته ووقاره ويحفظ لها القها وبهاءها ونضارتها وجمالها... فبالله عليكم لا تقتلوا هذه المؤسسة الناجحة بترددكم وحكموا ضمائركم الأكاديمية والوطنية لتستمر قافلة الإنجاز والعطاء ورفد مسيرة التنمية من خلال هذه المؤسسة التي اسست على قواعد متينة نردد معا نشيدها الذي لا يفارق مسامعنا \"بوركت جامعتي فخر الوطن\" بما ينهض بوطننا الغالي وبما يرفد مجتمعنا العربي بكوادر مؤهلة وطاقات خلاقة.

وحمى الله الأردن وقيادته الهاشمية الحكيمة وحمى الله مؤسساتنا الناجحة من الذين يوظفون الأمور إلى أنانية مفرطة ولو كان على حساب مصلحة المؤسسة العليا.... وسيبقى هذا الصرح الوطني تتوجه إليه أنظار الأردنيين كافة وطلبة العلم من كل مكان، وستبقى جوهرة الجامعات قرة عين القائد ومحط إعجاب وإهتمام جلالة صاحب الأمر حفظه الله الذي منح الجامعة وسام الحسين بن طلال للتميز يتابع مسيرة هذا المنجز الوطني بعين الرضى واليقين وسبر أغوار المستقبل المشرق بعون الله وبهمة الذين يؤثرون الوطن ومؤسساته على أنفسهم.

* استاذ جامعي/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات