كثيرة هي الكولسات السياسية التي يظهر منها فقط قمة جبلها الجليدي ويبقى الجزء الأكبر تحت ماء الوطن ، وما يظهر من قمة تلك الكولسات يتم التلاعب به من خلال وسائل الإعلام وبالذات الإلكترونية منها بناءا على رغبة من يريد من رجال السياسية ممن يديرون هذه الكولسات ، والشيء الأخر كذلك أن تلك الكولسات يتم عنونتها بطريقة تتمثل بها حلول جذرية لمشاكل الوطن؛ رغم أن من يصرح بتلك الحلول هو نفسه من وقف على جثة اليوم يوما ما وصرخ كالذئب في عتمة الليل وبدون قمر ساطع كي لايظهر شخصه .
ومن الصفات الرئيسية لحالة " شخصنة الوطن " تلك أن من يشخصنون الوطن تجد لهم اتباع كُثر يصفقون لهم عند كل لحظة ظهور ، وهم نفس الاتباع اللذين تنعموا بخير الوطن الغير المستحق لهم نتيجة لنفوذ هؤلاء الساسة ، وهم هنا يؤكدون على رغبتهم في تحقيق المزيد من الاستفادة تلك ، وتصبح لغتهم في الحديث عن هؤلاء الساسة بأنهم المخلصون للوطن من آلامه اليوميه وان هؤلاءالساسة هم بوابة الجنة للوطن التي لايمكن ان تفتح إلا بمفتاح لايملكه سوى هؤلاء الساسة .
وتلك الحالة من الشخصنة للوطن تبرز بقوة في الأوقات التي يكون بها الوطن وشعبه واقعين في متاهة السياسة اليومية الحالية التي يمارسها صاحب القرار السياسي في تلك الفترة ، وهم بذلك يستبدلون الوطن مجتمعا بشخص واحد ويلقون ببقية مكونات الوطن في البحر، وتتحول تلك الشخصيات السياسية الى رموز " وطنية " يصعب فصلها عن الوطن كونها قامت هي واتباعها باستنساخ الوطن على هيئة تلك الرموز ، ونتيجة لفقدان الشعب للذاكرة ؛ وهنا نتحدث عن الشعب وليس عمن يملكون ناصية القلم أو الفكر وبالتالي الذاكرة التي يستخدمونها في قولبت التاريخ لصالح تلك الرموز ، يكون قد نسي الماضي وما علق في ذاكرته منه أو ربما مازال يمتلك فطرة المسامحة والغفران لهؤلاء اللذين من قامون بشخصنة الوطن لأنفسهم .