رواية رغبة الإنتقام (الجزء الثاني)


(هذه الرواية بكافة اجزائها هي من وحي الخيال، فأي تشابه بين شخصياتها و أحداثها و بين شخصيات و أحداث واقعية هو من نتاج الصدفة و غير مقصود)
وقفت ندى على مقربة من الغرقة تراقب عبدالجبار و زوجته يتحاوران...كانت في دوامة كبيرة بسبب مكالمة الشرطة لها منذ قليل، كانت الحركة تملئ الطابق الكبير من حولها، فكان بعض من الزوار يهمون الى غرف المرضى لزياراتهم و الإطمئنان عليهم و كان بعضهم يتجه الى المصاعد التي كانت على مقربة منها ليغادروا المشفى فكانت الساعة السادسة مساءا و وقت الزيارة قد شارف على الإنتهاء، و كان الكادر الطبي و الممرضين بِزَيِهِمْ الابيض البهي يسيرون بينهم في الطابق فتارة كان بعض الزوار يوقفون طبيب من الأطباء ليسئلوه عن حالة عزيزٍ عليهم، و تارة يتجه طبيب آخر لمكتب الإستقبال ليجيب على مكالمة هاتفية، و كان بعض من الأطباء مجتمعين في زاوية من زواية الطابق ممسكين بصورة أشعة يتناقشوا بحالة طبية هامة، و لكن ندى كانت بعالم آخر فالحركة بالطابق كانت غائبة عن ذهنها...كانت تفكر برغبة الإنتقام التي أشعلت كيانها منذ مكالمتها مع الضابط و اردتها بدوامة لا ترحم...نظرت الى علبة المخدر التي بين يديها لبضعة ثوان ثم نظرت بتمتعن الى عبدالجبار الذي كان ينازع ليبقى على قيد الحياة امامها بعد عمليته الخطرة،
أمسكت راوية حقيبتها و قبلت جبين عبدالجبار ثم اتجهت نحو المدخل، ابتعدت ندى عن المدخل فخرجت راوية من دون أن تراها، قررت أمراً في سِرِهَا فأتجهت الى المدخل و أمسكت بحقنة عن الطاولة التي كانت بجانب المدخل...سارت ببطئ نحو سرير عبدالجابر، نظرت اليه فكان مستغرقا بالنوم، وضعت الحقنة بعلبة المخدر و سحبت السائل بنجاح الى داخل الحقنة...فكرت بذاتها "كمية زائدة من المورفين و ستنهي حياتك لئلا تنهض من جديد و تحاول قتل بني أدم آخر بريئ...أولادي كانوا سيتيتموا من بعدي يا لئيم..." سال الدمع من عينيها و هي تحرك يديها نحو المصل الموصول بذراع عبدالجابر، و فجأة و قبل أن تغرز الحقنة بالمصل رن هاتفها الخلوي فأيقظها من خلوتها، شعرت ندى و كأنها استيقظت من كابوس مرير كاد أن يخنفها...أجابت "هنا الدكتور ندى..."
أجابت المتصلة بصوت متوتر "دكتور ندى هنالك حالة طارئة بقسم الطوارئ و دكتور الطوارئ مشغول بحالة آخرى...فهل تستطيعي القدوم...
أجابت بسرعة "أنا قادمة..."
اتجهت مسرعة الى المدخل و اعادت الحقنة على الطاولة بجانب المدخل، نظر اليها الدخيل بثوبه الأبيض و ابتسم قليلا، فكر بذاته "سأضرب عصفورين بحجر واحد...عبدالجبار و الدكتورة ندى..."
ارتدى القفازات الطبية و أمسك بالحقنة و دخل الغرفة، نظر الى كمية المورفين بالحقنة و ابتسم مسروراً، اتجه نحو سرير عبدالجبار...غرزالحقنة بالمصل و أفرغ محتوياتها ثم خرج من الغرفة من دون أن يلاحظه أحد فالحركة القوية بالطابق كانت ستار ناجح لدخوله السريع الى الغرفة و الخروج منها، اتجه الدخيل الى حمام الطابق و دخل دورة للمياه، خلع القفازات و خلع الشوارب الإصطناعية التي كان يرتديها و وضعهما بسلة المهملات، خرج مسرعاً من دورة المياه و اتجه نحو المصعد في الطابق، كان هنالك العديد من العائلات منتظرين وصول المصعد مع بعض من الكادر الطبي، كانت غرفة عبدالجبار ساكنة من دون حراك فابتسم لنجاح عمليته فلأول مرة بحياته التي كانت حافلة بالجرائم يُنَفِذْ عملية قتل من دون رصاص و مسدسات، وصل المصعد أخيرا و في خلال دقيقة زمنية كان في الطابق الارضي يسير الى سيارته في المَصَفْ امام المشفى، تناول هاتفه الخلوي من جيبه و طلب رقم...فأجاب صوت "قل لي من دون كلام زائد هل مات العصفور الذي بالقفص..."
أجاب الدخيل "نعم...و أؤكد لك ندى ايضا في الباي باي..."
"انت افضل هِتْ مَانْ محترف نتعامل معه..."
"اريد مليون دولار عدا و نقدا..."
"قد إتفقنا على نصف مليون..."
"نعم و لكنني خلصتكم من هدفين، عدالجبار و ندى"
"عندما تصل الى الجيزة سيكون المبلغ بإنتظارك...و لكن كيف تخلصت من ندى...هل قتلتها؟"
"سأخبركم فور وصولي..."
************************
"ماذا دهاكِ يا ندى؟ توترت تعابير وجهك فجأة،" سأل الدكتور عصمت الطوخي و هو يأخذ رشفة من فنجان القهوة الذي كان أمامه على مكتبه،
أجابت ندى بنبرة غير مرتاحة "انقبض قلبي فجأة يا دكتور،"
"لا تخافي، فأنت لم ترتاحي منذ هذا الصباح، و لا تنسي الجرح الذي بذراعكِ، اشربي قهوتك و غادري المشفى فأنتِ بإجازة لثلاثة ايام، "
"لا تقلق عليً يا عصمت، كان من دواعي سروري أن أغطي النقص اليوم بالرغم من اصابتي، الحمدالله أن الرصاصة خدشت ذراعي و لم تستقر به..."
"هذا الجرح سيؤلمك الى حين، في الغد ستشعري بتعافي أكبر..."
"الألم كان مبرحاً حينما شعرتُ بالرصاصة في ذراعي...الحمدلله على كل شيئ،"
"اذهبي و استريحي و إذا احتجت الى اي شيئ اتصلي بي يا ندى، انت من أكفئ الأطباء في المشفى و زميلة عزيزة علي و لا غنى عنكِ،" وضع عصمت يده على يد ندى فإحمرت وجنتيها و سحبت يدها، أخذت رشفة من فنجان قهوتها الساخنة بإرتباك ثم نهضت، فنهض عصمت من على مكتبه معها، نظرت الى زميلها و قالت بإبتسامة حنونة "أنا أستاذن فأولادي بمفردهم مع الخادمة في المنزل..."
"كان الله معكِ...سأتصل بكِ في الغد للإطمئنان عليكِ"،
غادرت ندى المكتب بسرعة، نظر اليها عصمت و هي تغادر مكتبه و فكر في ذاته "كم أنت جميله يا ندى، جمال و جاذبية و ثقافة و شخصية حلوة...انا متأكد أن زوجك السابق مجنون، فَمَنْ يترك إمرأة بمحضرك و يُطَلِقَهَا ليذهب مع إمرأة آخرى؟ و حتى لم يكترث لأولاده و مصروفهم الكبير، كان الله يعونكِ،"
جلس عصمت على مكتبه و فتح ملف أمامه و ابتدئ يقراء محتوياته، و لكن فجأة دخل عليه ممرض مذعور و صرخ بوجهه "يا دكتور...يا دكتور!"
نهض عصمت من مكانه و قال "ماذا هنالك يا ثامر؟!"
"هنالك مريض وُجِدَ متوفي بغرفته و الشرطة تملئ الطابق الخامس من المشفى!"
أخذ عصمت ثوبه الابيض من حمالة المعاطف بجانب مكتبه و سأل "من هو هذا المتوفي؟"
"عبدالجبار حسن فاضل و هو بغرفة 513، يبدو انه أحد المسجلين خطر..."
خرج عصمت مع ثامر من مكتبه مفزوعاً و اتجه الى المصاعد، سأل عصمت برهبة من الموقف "من الطبيب المسؤول عنه،"
"الدكتورة ندى الأسيوطي،"
فجأة تجمدت الدماء بعروق عصمت و هو يضغط على زر الطابق الخامس في المصعد، أحس بقلق شديد مما قاله زميله بالمشفى، "يا ثامر هل أنت متأكد مما تقول؟"
"صدقني فهي الجراحة التي أجرت له الجراحة في الأمس، سأل عليها العقيد سامح شاذلي و ها هو بغرفة 513،"
ضرب عصمت كفا بكف و قال "سترنا الله من شر هذا اليوم يا ثامر، لا حول و لا قوة إلا بالله،"
وصل المصعد الى الطابق الخامس، نظر عصمت الى ساعته فكانت تشير الى السابعة مساءا، تفاجئ بالشرطة تملئ الطابق و هو يسير الى غرفة عبدالجبار، اتجه نحو الغرفة فرحب به العقيد سامح الشاذلي "أهلا و سهلا، هل انت مدير قسم الباطنية؟"،
"نعم أنا عصمت الطوخي مدير الباطنية و نائب مدير عام المشفى،"
كان العقيد سامح يرتدي بذلته العسكرية و كان رجل طويل قوي البنية مفتول العضلات و ذو بشرة حنطية بعكس عصمت الذي كان أبيض البشرة أشقر الشعر و الطلة ايضا و ذو قامة مثالية تتمتع باللياقة،
قال له سامح "يبدو أننا سنمضي مع بعض بعضاً من الوقت، اين الدكتورة ندى الأسيوطي،"
"إنها بإجازة لثلاثة ايام..."
"عموما سأتصل بها بنفسي،"
قال بتوتر "ماذا هنالك يا سيادة العقيد؟"
"عبدالجبار فاضل مسجل خطر بنيابة أمن الدولة، و هو عضو بجماعة متشددة نسعى للقبض عليها، و هنالك شكوك بأنه من الممكن أن يكون الشخص الذي أطلق الرصاص على ندى الاسيوطي بالأمس،"
أحس الدكتور عصمت بخوف شديد من كلام سامح، فبدى له أن للموقف عواقب وخيمة على ندى و على المشفى، فقال له مترجيا "سيادة العقيد لا علاقة لإدارة المشفى بصورة مباشرة بهذه القضية بالرغم من أننا سنتعاون معكم بأي شيئ تطلبوه منا، لا أريد مشاكل لهذا المشفى فله هيبته و احترامه بالقاهرة و كادره الطبي من أنبل ما يمكن أن تجد بالطب القاهرة...و الدكتورة ندى..."
فقاطعه سامح "إطمئن دكتور، لا داعي للقلق، و لكن لا أخفي عليك أننا قد نكون أمام جريمة قتل،"
قال عصمت مناقشاً "الطب الشرعي سيحدد اسباب الوفاة فمن رأي المهني يجب التريث لحين قرأت التقارير الطبية، و لا تنسى أن حالة المريض كانت حرجة جدا و كان قد أجرى عملية كبرى..."
"و لكن على الهاتف أكدت لي الدكتورة ندى أنه من الممكن استجواب عبدالجبار في الغد فمن الواضح أن عميلته كانت ناجحة...حدسي المهني يقول لي أننا أمام جريمة قتل..."
***************
ضحك الشيخ محمود الجوهري ضحكة دوت ارجائها بالمنزل الذي كان به، كان معه اثنين من معاونيه و الدخيل ايضا، فقال للدخيل "صحيح أنك شيطان أبن شيطان، كيف رتبت كل هذا يا قرن الشياطين..."
فأجاب الدخيل بنبرة جادة "كنت أساسا اريد قتله برصاصة من كاتم الصوت الذي كان معي، و لكن قبل أن أدخل لأنفذ مهمتي رأيت بالصدفة الدكتورة ندى حبيبتكم تأخذ علبة المخدر من على طاولة بجانب الغرفة و تسير نحو عبدالجبار، كان مكتوب على العلبة "مورفين"،" لا أعلم ماذا كان بنيتها و لكنها وقفت عند السرير بتردد ثم غادرت الغرفة بسرعة بعد تلقيها لمكالمة، فلاحظت أنها لم تكون مرتدية الجوانتي، فخطرت ببالي فكرة جرعة المخدر الزائدة فبصماتها على المورفين، و بعد ان نفذت العملية تركت العلبة بجانب السرير على طاول قريبة مع الحقنة،"
"ستفهم الشرطة بأن الدكتور ندى انتقمت من قاتلها..."
"صدقني يا محمود لا يعود الأمر لشطارتي او قوة تخطيطكم، فقد خَدَمَتْكُمْ الصدفة بأن الإسعاف نقل عبدالجبار الى المشفى الذي تعمل به مَنْ حاول قتلها...الصدفة كانت لصالحكم،"
تناول الدخيل حقيبة المال و فتحها، كانت مليئة بالدولارات الأمريكية، ابتسم و أغلقها ثم أخذها و هم مسرعا الى خارج منزل الشيخ محود الجوهري، نظر اليه محمود و قال لأحد معاوينيه "اتبعه، و تَعَرًفْ على مكان مبيته بالباطنية، و بعد يومين اريده جثة هامدة، فبالنهاية اسمه دخيل علينا و على خططنا،"
فقال له معاونه "لولا اخفاق عبدالجبار لما كنا بحاجته اطلاقا، و لكن قول لي يا كبير، كيف علمت اين أخذ الإسعاف عبدالجبار؟"،
"لا تقلق...فهنالك كبار لمجموعتنا...و هم لا يلهوا معنا بتاتا"...يتبع،



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات