رواية رغبة الإنتقام .. الجزء الأول


أمسك البندقية بيديه، نظر اليها من عَيْن المنظار الذي كان فوق السلاح بِتَمَعُنْ و هي واقفة أمام سيارتها، كانت ممسكة بهاتفها الخلوي تطلب رقم بكل هدوء، كانت شقراء ذات شعر طويل و بشرة بيضاء كملكات الجمال الأوربية التي تشارك بمسابقات الجمال، بعد برهة من الزمن اعادت الهاتف النقال الى جيبها فكان من الواضح أن الرقم الذي تطلبه لا يجيب، رأها و هي تفتح باب السيارة الفاخرة التي كانت واقفة امام منزلها لتصعد بها فَصَوًبَ السلاح على راسها و أطلق رصاصة غادرة بكل ثقة، و لكنها في ثانية من الزمن استدارت لتعود الى المنزل و كأنها نسيت شيئا، فأصابت الرصاصة كتفها، صرخة المرأة صرخة قوية سُمِعَ دويها بأرجاء الفيلا التي كانت واقفة أمامها، كان على مسافة بعيدة بعض الشيئ من منزلها و لكن العين المكبرة على السلاح قَرًبَتْ مسافات كثيرة، انقلب منزل السيدة الى فوضة بثواني معدودة فهرع اليها بعض من الخدم و افراد أسرتها، دفعه التوتر الى النزول من سطح البناية التي كان واقف عليها، أسرع الى درج العمارة و نزل بخفية تامة الى الطابق الأرضي بسرعة قياسية فالتوتر و الخوف دفعه للجري بكل أصرار، ألقى سلاحه بإرتباك بالمقعد الخلفي للسيارة و صعد بها، ادار محركها و انطلق بسرعة في الشارع امامه آملا أن يصل من الزمالك الى الجيزة بأسرع وقت ممكن، فيجب ان يلحق بجماعته بمكان اجتماعهم السري بأقرب وقت ممكن ليخبرهم بفشل العملية، فالسيدة أغلب الظن مازالت على قيد الحياة، آمره مرؤسيه بهذه العملية أن لا يستعمل الهاتف النقال لدواعي أمنية فقد تكون خطوطهم مراقبة من الأمن بالقاهرة...

انطلق بشوراع الزمالك بجنون و مؤشر عداد سرعة السيارة يشير الى المائة و الشعرين كيلو بالساعة، كان يسير بين السيارات بكل جرأة مسبباً الإرباك من جين لآخر للسَيْر من حوله، كان بعض السائقين يشتمه من وقت لآخر على قيادته المتهورة و كان بعضهم يحاول اللحاق به لمعرفة سبب سلوكه المتهور و لكن كان يراقبهم من مرآة السيارة و ينجح بالفرار منهم بسرعة...فبلوغ الجيزة بأقرب زمن ممكن كان ما يَهُمْ...

فجاة استدار بشارع ليجد شاحنة كبيرة أمامه معطلة و تعترض الشارع، صرخ من شدة الصدمة و داس على المكابح محاولاً تفادي الشاحنة و لكن سرعان ما اصطدمت سيارته بالشاحنة، فمن شدة الإرتطام قذف الحادث جسده الى الأمام و اصطدم بزجاج السيارة ليتكسر ثم عاد جسده الى مقعد السائق...أحس بدوار شديد و تَشَوًشَ نظره لبضعة ثواني، نظر الى جسدة المغطى بالدماء ثم فقد تواصله مع العالم المحيط به...
**********
نظرت الدكتورة ندى الى المريض الملقى أمامها في المشفى التي تعمل به، كانت عمليته صعبة جدا و استغرقت ثلاثة ساعات حاولوا بها الأطباء ترميم و مداواة بعض من اعضائه الداخلية المتضررة، فقد أتى الى المشفى بعد تعرضه لحادث كبير حيث كان مغطى بالدماء من شدة جروحه، كما أوضحت صور الأشعة وجود كسر بكتفه كما كان يعاني من جروح بصدره و رضوض بأنحاء مختلفة بجسدة، كانت معجزة أنه مازال على قيد الحياة، نظرت الى زوجته الباكية، كانت شابة مرتدية الحجاب الكامل الأَسْوَدْ و تضع الخمار على وجهها، قالت لها بحنو "فعلت ما أستطيع بغرفة العمليات في الأمس، و بفضل الله تعدى فترة الخطر"، أجابت الزوجة و صورة الدكتورة تتراقص في عينيها من الدموع "الحمدلله على كل شيئ، فقد نَشَلَ الله زوجي من الموت..." و بحركة سريعة أمسكت يد الدكتورة و أَحْنَتْ جبهتها لتقبيل يدها، فسحبت الدكتورة يدها قائلة "استغفر الله، فما فعلت إلا واجبي يا أختي،" أجابت شاكرة "سَلِمَتْ يداكِ، فضلك علي و على زوجي مدى الحياة"، فجأة استيقظ من سباته العميق، كانت الغرفة مشوشة المعالم في بادئ الأمر فلم يرى إلا بعض الوجوه المشوشة و اصوات تتكلم من حوله، و بعد برهة من الزمن توضح المشهد أمامه، فرأى زوجته و الدكتورة آخيراً، كان يشعر بضعف كبير بجسده و بأرهاق شديد، و لكن استطاع نُطْق بعض من الكلمات "راوية...راوية"

اقتربت منه راوية زوجته مع الدكتورة و ابتسمت له، رفعت يدها الدكتورة لتضعها على رأسه فتألمت قليلا، وضعت يدها على كتفها اليمين و لهثة قليلا من الألم، فقالت لها راوية "سلامتك يا دكتورة"، أجابتها "الحمدلله، تعرضت لحادث في يوم أمس و سترني الله من موت محقق"، سألت راوية "أنقذك الله من كثرة دعاوي الناس التي تساعدينها في الشفاء"،
فجأة تذكرها...كانت هي...شَعْر أشقر و بشرة بيضاء جملية جدا...فستان أحمر جميل ذو أكمام قصيرة و سواعد ناعمة و رقيقة...كانت كالملاك أمام ناظريه واقفة مستعدة للذهاب الى العمل لولا الآومر التي أتته من رؤساءه بالجماعة..."أقتل الطبيبة الفاجرة المرتدة التي تظهر متبرجة على المحطات الفضائية و ترفض الحجاب...أقتل من تنكشف على الرجال بكل وقاحة بعيادتها و تداويهم بغير اعراف ديننا...أقتل من تكتب ضد مبادئ حزبنا لتضل الناس عن الفضيلة و الحق و إسلامنا الذي نسعى لإقامته بمصرنا..."

نظرت الدكتورة اليه بعينين حنونة و سألته "كيف تشعر؟"
نظر اليها بطلته المرهقة و قال بصوت ضعيف "سامحيني...يا ندى"
ارتبكت الدكتورة و قالت له "على ماذا...هل تعرفني؟"

فأجابها بصوت متألم "لو تعلمي من داويتي يا ملاك"، فجأة دخل عليه ممرض ممسكا حقنة و غرسها بالمصل الموصول بساعده، و في خلال ثوان شعر بنعاس شديد،
ابتسمت الدكتورة لراوية و خرجت من الغرفة و هي متألمه من ساعدها، كانت بعض قطرات الدماء بارزة على كم ثوبها الابيض التي كانت ترتديه، كان عليها أن تتمم جولتها على المرضى بالمشفى رغم ألمها فكان نهارها طويلا، رن هاتفها النقال فأجابت "هنا الدكتورة ندى، تفضل"

أجابها المتصل "هنا نيابة القاهرة دكتور ندى، انا العقيد سامح الشاذلي، هل عندكم مريض بإسم عبدالجبار حسن فاضل"

أجابت بإستغراب "نعم، إنه مريض و يعاني من رضوض حادث كبير..."
"دكتور ندى، وجدنا بسيارة هذا المريض سلاح يستخدم بعملية القنص، وتبين أن هذا الشخص من المسجلين خطر بأمن الدولة"

قالت بقليل من الرهبة "سيادة العقيد ما دخلي بهذه القصة لو سمحت..."
أجاب بهدوء "مع الأسف...تبين من الرصاصة التي جرحتك في الأمس و وجدت بالحائط بجانب الحادث في منزلك أنها أطلقت من سلاح يطابق مواصفات سلاح القناص الذي كان بسيارة عبدالجبار، هنالك احتمال كبير أن هذا المريض هو من أطلق النار عليك..."
فجاة شعرت بدوار عنيف يعصف بكيانها...تدفقت الدموع في عينيها بغزارة من شدة الصدمة، لم تصدق ما قاله الضابط لها، عبدالجبار الذي أتقذت حياته من الموت هو من حاول قتلها؟ كيف؟ و لماذا؟ أجابت الضابط "سيدي هل أنتم متأكدين؟"
"خلال خمسة دقائق ستصل قوة لتحرس غرفته، فهو تحت قبضة العدالة منذ هذه اللحظة، متى ستسمح حالته بإستجوابه..."

"في الغد، ارجوك سيدي أنا مرهقة و اريد انهاء هذه المكالمة،"
فكرت في ذاتها بعمق شديد و هي تسير بين غرف المرضى "يا لسخرية الاقدار...أنقذت قاتلي من الموت...لذلك قال لي...سامحيني؟"

شعرت ندى بخوف عميق من رهبة المستجدات...فكان قاتلها بين يديها كالمسيكن ممدد بين الحياة و الموت على مقربة منها...على بعد بضعة خطوات منها، بل فجأة شعرت برغبة شديدة بالإبتعاد عنه و تسليم حالته لطبيب آخر...و لكن بعد برهة من الزمن اختلطت الأمور عليها فدفعتها فجأة موجة غضب عارمة الى العودة الى غرفة عبدالجبار...كانت تريد الصراخ بوجهه و سؤاله عن لماذا حاول قتلها، تذكرت قسوة الحادثة عليها و الألم الشديد التي شعرت به حين مزقت الرصاصة لحم يدها...الألم كان كبير و أسقاها المر بعينيه، وقفت عند مدخل غرفته و رأته يتكلم مع زوجته رواية...نظرت الى طاولة متحركة على باب الغرفة، كان عليها عبوة مخدر، تناولته و الغضب يسيطر عليها و يكبح اي تفكير موضوعي في ذهنها...بعض قطرات زائدة على ما حقنه الممرض بمصل عبدالجبار منذ قليل و سيفارق الحياة...نظرت الى عبدالجبار و الافكار الشيطانية تسطير عليها...من حاول قتلها كان أمامها...يتبع...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات