سفاراتنا .. وتعزيز المواطنة


الذي يجعل المواطن الأمريكي أو الإنجليزي أو الفرنسي عميق الانتماء لمواطنته والفخر بها عدة أمور عملية ملموسة….. منها مكانة بلده على المستوى العالمي, ودفاعها عنه في أي مكان كان في الدنيا، وخاصة سفارات تلك البلدان المتقدمة، فلا يكاد يُحتجز مواطن لبلد متقدم - بجرم واضح - حتى يحضر مندوب سفارته فوراً محامياً عنه..
ما أريد الحديث عنه، هو دور سفاراتنا في الخارج، في تعميق المواطنة وجعل كل أردني يفتخر بانتمائه لهذا البلد، ويحس أن وطنه معه في الحل والترحال وفي الغربة يدافع عنه ويقف معه، فهذا دور أساسي وهام..
كثير من سفارات المملكة في الخارج لا تقوم بكامل واجباتها في رعاية ومساعدة الجاليات الأردنية ، وبالتالي لا تسهم في تعميق المواطنة بالقدر المأمول، وذلك لعدة عوامل متراكمة … لربما منها الفجوة أو لنقل الجفوة بين بعض سفاراتنا في الخارج وبين المواطنين المسافرين خارج المملكة ولهذه الجفوة أسباب مشتركة بين المواطنين أنفسهم وبين السفارات نفسها، فبعض المواطنين (يخافون) من سفاراتهم حين يخطئون، أو حتى حين يُنّصَبُ عليهم، وهذا عجب... عجب أن يخاف المواطن من سفارة بلده التي هي مأمنه ونصيره!!.
كما ان اعتياد كثير من موظفي السفارات على عقلية (موظف الحكومة) الذي يتسلط ويعقد المراجع، وهي عقلية مغلوطة تسود عند كثيرين من موظفي الحكومة في الداخل والخارج ينبغي تصحيحها وبالذات لدى موظفي السفارات.
ومن الأسباب التي جعلت بعض سفاراتنا في الخارج لا تقوم بواجباتها على ما يرام إزاء الأردنيين الذين يُحتجزون لسبب أو آخر، والذين يقعون في مشكلات أياً كانت تلك المشكلات، اتكالية كثير من المسافرين وعدم تخطيطهم المسبق لبرنامج السفر، فيكون جاهلاً بأنظمة البلد الذي يسافر إليه، جاهلاً حتى بمقر سفارة بلاده وأرقام هواتفها. بحيث يكون حضور مندوب السفارة للوقوف مع مواطنه متأخراً جداً، وقد لا يتحمس للدفاع عنه كما ينبغي ، حتى وإن كان المواطن الأردني قد أخطأ فإن مهمة السفارة أن تحصل له على أخف العقوبات النظامية الممكنة، لكي يشعر أن سفارة بلاده تدافع عنه.
دور السفارات في خدمة رعاياها معروف بشقيه : الوقائي، المتمثل في تقديم النصح والإرشاد القانوني والاجتماعي الذي يعين الرعايا على تدبر أمورهم في بلاد الناس دون وقوعهم في مشاكل .. والعلاجي، المتمثل في الوقوف إلى جانب المواطن عند حلول أي ضائقة يتعرض لها داخل حدود الدولة المضيفة، أي مساعدته ـ تحت ظل مبدأ سيادة القانون الدولي ـ بمتابعة مشكلته منذ وقوعها، والقيام بعمل كافة الإجراءات التي تكفل حقوقه، والتأكد من حصوله على كافة حقوقه المنصوص عليها في قانون الدولة التي يقيم بها.. مساعدته حتى وإن كان (مرتكباً لجريمة) .. هذا (حق المواطن) على سفارة دولته، ذلك الحق الذي لا يجوز بأية حال التقاعس عنه .. وهو حق أصيل مكفول بمواد القانون الدولي .. ومعروف بحق (الحماية الدبلوماسية) ! .. وخلاصة هذا المبدأ أن تحمي السفارة رعاياها من الإجراءات التعسفية أو الظالمة التي تقع عليهم من قبل السلطات المحلية في الدول الأخرى ..
بعض سفاراتنا لها دور مشرِّف جداً في هذا المجال، ويعمل على تعميق المواطنة لدى الأردنيين الذين يتواجدون في ذلك البلد ويحتاجون لسفارة بلدهم لسبب أو آخر ... كما هو حال سفارتنا في الكويت ....وبعض السفارات على العكس من هذا لا تقوم بواجبها المطلوب والحيوي في مثل هذه الأمور، حتى في أسهل الأشياء، وأنا شخصياً لم أراجع في حياتي أي سفارة من سفارات بلادي في الخارج إلا للسلام على أعضاء السفارة، ومع ذلك وجدت فرقاً هائلاً بين سفارة وأخرى.
ما تقوم به سفارتنا في الكويت خدمة للرعايا الأردنيين الذين يزيد تعدادهم عن الخمسين الفا... هو دور حيوي ومشرف كما أراده قائد الوطن لأمور عدة تقوم بها بعثتنا هناك... فلم يقتصر الدور على العلاقات البروتوكولية المتعارف عليها بين الدول وشرح أبعاد الموقف الأردني من مختلف القضايا التي تهم البلدين وكذلك الأعمال القنصلية خدمة للجالية أو من يود زيارة الأردن ... بل هناك دور محوري تقوم به السفارة ونجحت الى حد كبير في إبرازه... ألا وهو جلب المستثمرين الكويتيين من شركات وأفراد إلى الوطن حتى غدت الاستثمارات الكويتية لدينا تتجاوز السبعة مليارات...كما وتشير أرقام رسمية بان الكويتيين هم الأكثر تملكا للأراضي والشقق في الأردن من بين العرب والأجانب خلال السنوات الأخيرة .
العمالة ....وتوفير آلاف فرص العمل للأردنيين في مجالات التربية والتعليم والصحة وغيرها من المهن المختلفة في سوق يشهد منافسة واكتظاظ بالعمالة من بلدان عربية وأجنبية أخرى ... أخذت جهدا من بعثتنا هناك ... ولكن الحكمة وبعد النظر وسمعة العامل الأردني ذللت الكثير من العقبات لاقتناص تلك الفرص الوظيفية لصالح تخفيف معدل البطالة لدينا.. ونحن هنا لا نجمل وجه احد بقدر ما ندعو الآخرين الى حذو الحذو نفسه ... ففي حين نشد على يد من يستحق الثناء ...بقدر ما نلوم من لا يمثل الوطن خير تمثيل أودعته إياه القيادة والشعب.
السياحة العائلية والعلاجية والدينية والتعليم الجامعي في الأردن ... محور مهم في عمل بعثتنا في الكويت من خلال الترويج لها وتبيان ما يتميز به الأردن من مواقع أثرية ومقامات دينية جعلتنا على الخريطة العالمية للسياحة .وكذلك التقدم الطبي والتعليمي الذي يشهده الأردن مما يؤهلنا بجدارة أن نكون بلد مقر وليس ممر للسائح الخليجي الى بلدان أخرى... من نقطة حدود العمري الى حدود جابر ... حتى غدا تصور لدى بعض الكويتيين الذين قابلتهم بأن الأردن عبارة عن صحراء حسب ما رأوا لدى مرورهم به إلى بلدان اعتادوا على زيارتها.
جاليتنا في الكويت تتعامل كعائلة واحدة رغم كثرة العدد ...ومن الندرة أن تجد أحدا لا يعرف الآخر بفضل ما تقوم بعثتنا من لم الشمل وديمومة التلاقي بين أبناء الوطن هناك ,وشرح فرص الاستثمار في الوطن ...وقلما يمر أسبوع دون لقاء يجمع العديد من أبناء الجالية يتشاورون خلاله في أمورهم . مما تمخض عنه إنشاء ناد اجتماعي لأبناء الجالية .
ما يعمق مواطنتنا ... هو ذلك الشعور بالزهو والفخر بان كرامة الأردني مصونة أينما حل في بلاد الناس ، ويشعرنا بالانتماء أكثر، ويُشْربنا حب التفاني في خدمة الوطن والحرص على سمعته والاعتزاز به.. فالجميل يملك الحر.
Ibrahim.z1965@gmail.com



تعليقات القراء

شلاش الخالدي
اشكرك على ماكتبته وهذا واقع الحال في سفاراتنا ولكن هناك شهادة حق في سفارتنا في بيروت حيث تعرض احد الاصدقاء الى حادث سير مروع وتم اجراء عمليه جراحيه له في بيروت حيث اشاد بموقف السفير الاردني هناك حيث قام سعادة السيفير بالاتصال به شخصيا والاطمئنان على صحة المصاب وقام في اليوم التالي بارسال احد موظفي السفاره السيد وصفي التل وقام بكافة الاجراءات وتسهيل عملية نقله الى الاردن وهذه شهادة حق بهم ونتقدم لكافة موظفين السفارة الاردنيه في بيروت بخالص الشكر والتقدير واتمنى من سفاراتنا الاخرى ان تتبع هذا النهج والشكر الجزيل ل جراسا
22-10-2009 01:03 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات