نسْونة الدولة في زمن عسكرة الشعوب.


سياسة قائمة على الفساد والفشل والتخبط والتناقض تلك هي سياسة حكوماتنا في الأردن، أما حكومة الدكتور عبدالله النسور فتميزت عن سابقاتها بعدة مصائب وبلاوي جديدة كان آخرها سياسة "نسونة الدولة".

لقد جاءت هذه "النسونة النسورية" مثل "عاقب الشتا بزربوله" وكانت مثيرة للسخط الشعبي كما علمنا جميعاً بما ورد على مواقع التواصل الاجتماعي من تعليقات وصلت حد السخرية والاستهزاء حتى وصل بعضها إلى المساس بكرامة بعض المسؤولين، إلا أنني لم أجد أحداً منهم تطرق لقول طرفة بن العبد المشهور في هذا الباب "استنوق الجمل".

يعجب المرء من جرأة دولة الرئيس إذ لم يحفل ولم يعتبر بما لحق بالدكتور فايز الطراونة على اثر استحداثه لوزارة جديدة "للنسونة" فاقدم هو على "النسونة الواسعة" التي أجراها بالتعديل الأخير على حكومته، كما أنه لم يحفل أيضاً بالسخط والسخرية والاستهزاء الذي لحق به جراء ذلك فأغرته جرأته على "نسونة القضاء" بتثبيت 30 إمرأة قاضياً في محاكم الصلح وأظن أنه على وشك أن يعين إمرأة قاضياً شرعياً في المحاكم الشرعية.

لا تنظر حكومتنا في قراراتها إلى جوازها أو عدم جوازها شرعاً، لكنني أظن أنها لن تقدم على تعيين إمرأة قاضياً شرعياً ليس من باب الجواز أ عدم الجواز الشرعي وإنما لأن سياسة الحكومة قائمة على عدم تعيين إمرأة في المناصب العليا في الدولة إلا إذا كانت حاسرة الرأس وذلك من باب تشجيع الفتاة الأردنية على أن تكون حاسرة الرأس إذا ما أرادت أن تصل إلى المناصب العليا في الدولة.

مع أن الفقة الشرعي الإسلامي ينص على عدم قبول شهادة امرأة واحدة ويشترط امرأتين حتى تذكّر إحداهما الأخرى، فإذا كان هذا في مجرد الشهادة فكيف بالقضاء والوزارة ؟! وأين نحن من الإسلام ؟! وتريدون أن تحاربوا الإرهاب بمخالفة الإسلام والبعد عنه .. عجبي! ما هذا التناقض؟.

لقد جاءت هذه النسونة الواسعة للدولة في الوقت الذي بدأت فيه عسكرة الشعوب العربية لأمر يريده الله تعالى كما يحدث الآن في سوريا والعراق ومصر وليبيا واليمن.

وعلى مثل ذلك جاءت زيارة "ناصر جودة" إلى طهران لتحسين العلاقة معها والموافقة على طلبها القديم بفتح باب السياحة الشيعية لبعض مقامات الصحابة في الأردن التي يقدسها الشيعة، ولم يمضِ أكثر من شهر على هذه الزيارة حتى دخل الأردن في التحالف السّني لضرب الحوثيين الشيعة في اليمن وطبعاً هذا دليلٌ صارخ على قراءة حكومية خاطئة للأجواء السياسة في المنطقة والتي ربما يفهم بها "طقس العرب" أكثر من حكومتنا.

سياسة حكومتنا هذه ينطبق عليها المثل الشعبي القائل
"يطعمك حجة والناس راجعة" فالمسؤول عندنا يذهب للحج في "صفر" بعد مغادرة آخر حاج باكستاني للديار المقدسة وهذا ما حدث مع حكومتنا في توجهها نحو نسونة الدولة لأن الشعوب العربية وحكوماتها ومنذ أكثر من أربع سنوات توجهت نحو العسكرة وما زالت تمارسها.

يبدو لي أن المسجد الأقصى الذي يتعرض للإحتلال والتدنيس كل يوم والتهديد بالهدم يوجب شرعاً على كل المسلمين وخاصةً العرب القريبين من فلسطين المحتلة أن يتركوا الحياة المدنية ولو لسنوات معدودة ويتعسكروا جميعاً ويتهيأوا نفسياً وجسدياً وعدةً وعتاداً من أجل القيام بالواجب الشرعي لتحرير فلسطين ودرتها المسجد الأقصى ذلك لأن المسجد الأقصى يستحق أن تتعسكر من أجله الدنيا كلها.

وكان حقاً علينا أن نتعلم من هؤلاء الغزاة المحتلين الذين يعيشون حياة عسكريةً دائمة وحتى المستوطنين منهم تجد اسلحتهم في أكتافهم وفي سياراتهم وحتى النساء المجندات تراهن باللباس العسكري ويشاركن في المعارك وحتى في المواقع المتقدمة وعند استدعاء الاحتياط تجد أن الشعب "الحوش" صار كله جيشاً مسلحاً نساء ورجالاً.

ولا أستبعد أن الشعب السوري بعد هذا التمرين الحربي بالذخيرة الحية والبراميل المتفجرة والسلاح الكيماوي وعلى مدى أربع سنوات قد أصبح جاهزاً وقادراً لو تسنى له الأمر أن يحرر الجولان كما حرر الشعب اللبناني الجنوب وإنه لقادرٌ على تحرير فلسطين كلها ليس بأربع سنوات وإنما بسنة واحدة فقط لأن يهود بني قريضة في فلسطين لا يستطيعون الصمود في القتال لأكثر من شهرين متتابعين.

يبدو أن الحياة المدنية لا تتلاءم مع طبيعة العرب والمسلمين في ظل ظروف الغزو والاحتلال لأرضهم ومقدساتهم وهاهم يتحولون تدريجياً حكوماتٍ وشعوباً إلى العسكرة التي شاءها الله لهم وإن لم يخططوا لها ولم يسعوا إليها وإن كان ذلك هو الأصل والواجب – بسبب حبهم للدنيا – وإنها والله "هذه العسكرة" لهي الكفيلة بنزع ثوب الذل عنهم الذي ألبسته لهم يهود بني قريظة باحتلال فلسطين وتدنيس المسجد الأقصى.

قال صلى الله عليه وسلم :"يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها" ، قال قائل :" أوَ من قلة نحن يومئذ؟" قال " بل أنتم يومئذ كثر ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنّ الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفنّ في قلوبكم الوهن"، قال قائل" يا رسول الله وما الوهن؟"، قال :" حب الدنيا وكراهية الموت".

وقال صلى الله عليه وسلم :" إذا كان أمراؤكم خياركم وأغنياؤكم سمحاؤكم وأموركم شورى بينكم فظهر الأرض خيرٌ لكم من بطنها، وإن كان أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلائكم وأموركم إلى نسائكم فبطن الأرض خيرٌ لكم من ظهرها. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات