بداية غير موفقة لوزير التعليم العالي والبحث العلمي


توسم بعض العاملين في الجامعات الأردنية والمهتمين بشؤون قطاع التعليم العالي خيرا بتعيين الأستاذ الدكتور لبيب الخضرا وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي ، حيث عرف عن الرجل استقامته وسعة أفقه وتأنيه في اتخاذ القرارات خلال المواقع التي شغلها عميدا لكلية الحجاوي للهندسة في جامعة اليرموك ورئيسا للجامعة الألمانية الأردنية. كان من المأمول من الدكتور الخضرا أن يعطي نفسه الوقت الكافي لفهم ما يدور في أروقة التعليم العالي وفي دهاليز بعض الجامعات والكليات العامة والخاصة. إن الولوج في أي مسعى للتجديد والإصلاح عملية صعبة جدا وهي ربما تتجاوز في صعوباتها عملية البناء من جديد إذ أن جدران التعليم العالي ومؤسساته بعجرها وبجرها قائمة وتحريكها أو تعديلها يحتاج ربما الى حيادية في النظرة الى المنجز القائم ، كما يستوجب النأي بالقرارات عن أي ولاءات وعلاقات شخصية أو وظيفية سابقة يمكن أن تشكل شبهة في اختيار نهج ، أو تشكيل لجان عليا لتقييم أداء رؤساء جامعات مشكلة من شخوص سبق وأن عملوا في ذات الجامعات محل التقييم مما يضع علامات استفهام على حصافة ومصداقية التقييمات النهائية لهذه اللجان.

لا نعلم إن كانت قرارات الدكتور الخضرا المتصلة بتقييم أداء رؤساء الجامعات الحكومية نابعة من اختياراته وقناعاته أم أنها جاءت تلبية لرغبات جهات رسمية أخرى، ولكن اذا افترضنا أن هذه القرارات تعكس توجهات الإدارة الجديدة لوزارة التعليم العالي فإننا نود أن نتساءل عن مدى جدوى تقييم أداء رؤساء الجامعات في الوقت الذي لم يتم تعيين أي منهم أصلا على أساس الكفاءة والجدارة والتنافس!! وما جدوى تقييم أدائهم إذا كان تعيين رؤساء الجامعات يخضع لاعتبارات سياسية وأمنية وليس لاعتبارات علمية وإدارية؟ كيف يمكن تفسير تعيين رئيسين لجامعتين وهم أبناء عمومة وهل هذا يأتي بحكم كفاءتهما النادرة أم بفعل الضغط العشائري والقبلي ؟ وماذا لو [جاءت تقييمات بعض رؤساء الجامعات الحاليين متدنية في الوقت الذي ترغب دائرة المخابرات العامة أو الديوان الملكي باستمرار بعضهم رؤساء لجامعاتهم رغم هذه التقييمات؟

أما فيما يتصل بأسس ومعايير تقييم اداء رؤساء الجامعات أو ما اصطلح على تسميته بالإنجليزية (Key Performance Indicators ) فإننا نتساءل كيف يمكن الوصول لمثل هكذا معايير موضوعية في ظل ظروف استباحة وانتهاك استقلالية الجامعات من قبل الحكومة والمؤسسات الأمنية وتدخلاتها في القبولات والمقاعد والمنح التي ترسلها بعض هذه المؤسسات وتحديدا الديوان الملكي دون أن تقوم بدفع الرسوم الجامعية المستحقة على هؤلاء الطلبة مما سبب إرهاق لموازنات الجامعات ؟؟كيف يمكن تقييم أداء رؤساء الجامعات في الوقت الذي تم ويتم اختيار هؤلاء الرؤساء على ضوء ارتباطاتهم الأمنية وولاءاتهم السياسية وثقلهم العشائري ناهيك عن تواسطهم وتوسل بعضهم للوصول الى مواقع متقدمة في إدارات جامعية يفترض أن لا ينالها إلا نخبة من المفكرين وذوى الرؤى والحنكة والمهارة في الإدارة الأكاديمية؟ نعم نتساءل كيف يمكن للجان التقييم أن تراجع وتحكم على أداء رؤساء الجامعات المفلسة ماليا بفعل تناقص الدعم الحكومي علما بأن الحكومة كانت قد جمعت على مدار أكثر من خمسة عشر عاما أكثر من أربع مائة مليون دينار من الناس باسم ضريبة الجامعات واستحوذت عليها ولم تعطي الجامعات منها إلا مبالغ هامشية؟ كيف سيكون أداء رئيس الجامعة جيدا إذا لم يتوفر له المال الذي يمكنه من تنفيذ قراراته وإنجاز مشاريع تحديث الجامعة وتطوير منشآتها وابتعاث طلبتها ودعم البحث العلمي؟ كيف يمكن تقييم أداء رئيس الجامعة إذا كان رئيس الجامعة قد تحول الى موظف بيروقراطي همه الاول والأخير تسيير الجامعة وليس إدارتها مما حول رؤساء الجامعات الى مدراء ماليين هدفهم توفير المال واختصار النفقات وسداد المديونية والاستجابة لأوامر وتدخلات الأجهزة الأمنية والمخابرات؟

من جانب آخر نعتقد بأن قرارات وزير التعليم العالي الذي نحترمه هي قرارات متسرعة ولم يعطي الرجل نفسه الوقت الكافي لإنضاجها مما جعلها قرارات بدون أسنان وغير قابلة للتنفيذ .

لا نعلم كيف يتم تشكيل لجان لتقييم أداء رؤساء الجامعات مؤلفة من شخوص معظمهم سبق وأن خدموا رؤساء جامعات رسمية أو رؤساء لمجالس أمناء ذات الجامعات التي كلفوا بتقييم أداء رؤسائها؟ ما هو الضمان بأن لا يكون هؤلاء الرؤساء متحيزين لرؤيتهم السابقة والحالية في إدارة الجامعات التي يعرفونها خير معرفة ، ويعرفون كوادرها، ويتحيزون لصالح بعض الوجوه من أحبائهم من أعضاء الهيئة التدريسية والإدارية في الوقت الذي يتخذون فيه مواقف سلبية من وجوه أخرى من زملائهم؟ وماذا لو كان أعضاء هذه اللجان ممن يرتبطون بالدوائر الأمنية والمخابرات وينفذون أجندات أمنية وليست أكاديمية؟

أما التساؤل الأكثر أهمية فهو يتمثل بكون معظم أعضاء لجان التقييم هم ممن عملوا لفترات طويلة رؤساء جامعات وبالتالي فهم قدموا ما لديهم وربما أنهم ساهموا بوصول الجامعات للحالة المنكوبة التي وصلت إليها الان فكيف يطلب وزير التعليم العالي من ذات الشخوص ان يطوروا ويقيموا اداء رؤساء الجامعات في الوقت الذي كان من الأولى أن يتم مراجعة سجلات أدائهم هم وربما يتم مسائلتهم عن مساهماتهم في وصول الجامعات للوضع الصعب الذي تعيشه؟

نقول للدكتور لبيب الخضرا أن تطوير الجامعات لا يتم بأدوات الماضي ولكنه يحتاج الى عناصر ومعاول جديدة لديها ما تسهم به ، كما نتمنى على الوزير أن يتحرر من ولاءاته لزملائه وأصدقاءه عند تشكيل اللجان مذكرين إياه بأنه يتربع الان على سدة التعليم العالي ولم يعد عميدا لكلية أو جامعة وأن عليه أن يمارس مهارات قيادية علمية فائقة ليترك بصماته في الفترة الوجيزة التي سيمضيها في موقعه وإلا فإن حضوره وخدمته الوزارية ستضاف الى قائمة طويله من خدمات الوزراء السابقين الذين مروا مرور الكرام ولم يعد أحد يتذكر اسمائهم ...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات