حزم .. رسائل حازمة


مع عدم إنكار أسباب التأزيم المشتركة التي تراكمت خلال ربع قرن إلا أن مؤشر التصريحات الإيرانية الاستعلائية والاستفزازية كان في صعود، في حين كان مؤشر التصريحات العربية نحو الهبوط والعجز والاكتفاء بالدعوة للحوار، حيث عجزت الأنظمة العربي في إرسال أية رسالة توازي الرسائل الإيرانية التي كانت تصل تباعا من خلال الخطابات السياسية للأجسام السياسية ومن خلال الفعل على الأرض العربية أيضا.

فلا يخفى على أحد ما قامت به إيران متدرجة من مجرد دعم طرف محسوب عليها طائفيا ضد طرف آخر في محاولة تمكينه كما في العراق أو محاولة تثبيته كما في سوريا ليتحول في نهاية المطاف إلى توغل عسكري طائفي بامتياز .

ذات السياسة نسختها إيران لتكررها في اليمن، فقد كانت كل الرسائل تشير بأن المد الحوثي هو استمرار لمسار إيران وثورتها وأنها أوشكت على امتلاك مفتاح باب المندب في طريقها للسيطرة على الخليج برمته وأن ليس أمام الخليج إلا الاعتراف بها كقوة إقليمية مهيمنة والتسليم بذلك.

في ظل هذا التمدد والتصاعد والتباهي بالقوة من قبل إيران جاءت عملية حزم كرد ذو مؤشرات ودلالات ورسائل أكبر بكثير من مجرد رد عسكري أو قصف لمواقع عسكرية يسيطر عليها الحوثي، فقد كانت كفيلة بأن تعيد لإيران بعض من رشدها وكذلك إعادة حساباتها ومخططاتها السياسية وربما الاقتصادية أيضا، فالعملية المفاجئة من حيث قوتها وسرعتها حملت عدة رسائل من عدة اتجاهات وبعدة وسائل لمستقبِل واحد ...هو إيران.

العملية أو عاصفة حزم كما أُطلق عليها عززت مكانة السعودية كقوة إقليمية قادرة على الحشد والدخول في معركة إن لزم الأمر، فإطلاق مائة طائرة مقاتلة في ذات الوقت تعلمه إيران وتعلم أن فعل كهذا لا تقدر عليه أي دولة وهذه كانت أُولى رسائل العملية إضافة لرسالة مرفقة بطيها تسلمتها
إيران من خلال صندوق بريد الحوثي مفادها أن تعي جيدا بأن محاولاتها التلاعب بأمن الخليج والتمدد على أطرافه ليست بالأمر السهل ولن تمر.

المسرب الخاطئ الذي سلكته إيران باعتماد الغطاء الطائفي في محاولة تكريس نفسها كقوة إقليمية لبسط نفوذها على المنطقة ارتد عليها بنتائج عكسية، حيث انتقلت الأطراف المعتدلة والمتشددة على حد سواء للوقوف في مواجهة الطائفية الإيرانية، وفي ذات السياق وكتأييد لعملية حزم جاء التصريح القوي والمباشر للرئيس التركي أردوغان الذي قال: " تتوهم إيران أنها تحاصر السعودية" من ثلاث جهات بينما إيران نفسها هي المحاصرة من ثلاث ..."تركيا وباكستان والسعودية".

تصريح أردوغان جاء كرسالة قوية حملتها رياح عثمانية مرت على شواطئ الخليج لتبعثر بعض قلاع رملية صنعتها إيران على تلك الشُطئان في اعتقاد أوهام القوة.

رسالة مهمة أخرى جاءت من باكستان النووية من خلال التصريح الرسمي والذي حذر "من رد مزلزل في حال تعرضت السعودية للاستهداف".

الرسالة الباكستانية كانت مفاجئة وصادمة عندما وصلت لسمع إيران فاستقرت في الأذن الوسطى مما جعلها تفقد توازنها قبل أن تتمالك نفسها.

الآن وبعد أن قرأَت إيران الرسائل التي وصلتها جيدا أدركت بان أي محاولة لصب النفط على النار ستحرقها قبل أن تنتقل للخليج، لذا آثرت الرد على تلك الرسائل من خلال الحمام الزاجل....بالدعوة للحوار!.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات