حالة "فوبيا"-Phobia


عبثاً حاولتُ ايْجَاد وجْهٍ منْطقيٍّ يَحْتَرِمُ الوقتَ والكَرامة أُخْرِجُ به خِطَطَ ومشاريع وضرائبِ و قراراتِ الحُكومة ,فهل أنْحَرَفَت بَعْدما احْتَرفَتْ فَنَّ الاعلام المرئيّ والمَسموعِ فبَدَأتْ بضَخَّ عروضٍ مَسرَحيّة لم ولن تُساير بها المعاناة الماديّة والمعنويّة الثّقيلة التي يَتَكَبّدُها المواطن كل لحظة تَمُرُّ في حياته, وكأنَّ المهيمنين وصانعي القرارات قادمون من كَوكَبٍ أخَرَ أوْ من دولةٍ في زوايا القارة اللاتينيّة واذ لم يكونوا كذلكَ فلا بُدَّ أنّهم يُتاجرونَ بِوقتِ وكَرامةِ المواطن....
ما عدتُ مهتماً بِحَجم المَديونيّة أو بقيمَة الموازنة لا السّابقة ولا اللّاحقة أو ما خُصِّصَ من رصيدٍ للسِّياحة والأوقاف... مع أنّني لم أفوّت بالحُضورِ أو المتابعة تصْريحاً رَسْميّاً عاجلاً أو جلسةً سياسيّة مُبرمجة أو منتداً ثقافياً هنا أو مؤتمراً لتشجيع الاستثمار هناك ولم يثنيني عن عزيمتي من استقصاءٍ و بحثِ في دراسةٍ اقتصاديٍّة ما على هامش الموازنة أو مقالٍ حوى تنبواً مستقبلياً لغدٍ أجْمَل الّا وقَفَتُ أسْتَمِعُ و أحَلٍّلُ وأنْتظرُ وأقول لَعَلّ وعَسَى.

لكنّني مهتمٌ بِجاراتِنَا الحزينة التي تعاني الأمرّين من شَبَحِ المواصلات اليوميّ الذي هَدَّ أرْكانها وعَبَثَ بِقوتِ أبنائها وبصديقي الشاب المتقاعد الذي تدهورت لقمة عيش اولاده وهو باحثٌ في فرصةٍ وظيفية معلنة أو مياومة عابرة تلوح بالافق...مهتمٌ بذلك العامِل الذي ما زال يلْهَثُ في محاكم قضائنا النزيه لتحصيل حقِّه من شركة عمل بها لسنين ثمّ عَقّته خارجاً بعد بِرٍ بلا اوفٍّ في عذرها القانوني المتداول الخبيث : يُسَّرح لعدم كفاءته!!...مهتمٌ بالجامعي النشميّ العاطل عن العمل الذي اغتالته دواوينِ الوطنيّة والنّزاهةِ والشّفافيّة...

لستُ مُهتماً في دولتي بنبرة صوت أو بحسن القاء او بحوار برلمانيٍّ وردود غامضة أو حياكةٍ عاطفية لغرض النسيج ولكنني مهتمٌ بفاتورة كَهْرباء تَطاوَلَت على ايجار بيت,ومحسوبيّة وفَساد ما زالا ينتشران كسَرطان فتاك ويَسْتَعْصيانِ على كيماويٍّ به أنْ يُعَالج أو جرّاح ليستأصل..لستُ مهتماً بأرهابِ تنظيم الدولة الاسلامية وعندي ما يُرْهِبُني في لُقْمَةِ عَيْشي وكَرامتي ...ولا يعنيني تحالفاً عسكريّاً ما أو مؤتمراً دوليّاً ضد التطرف ما دامت تطرّفت الحكومة طويلاً و بعيداً عن مطالبي وحاجاتي الاساسيّة...ولست أُلقي بالاً لتشكيلٍ أو تعديلٍ وزاريٍّ وهناك موظفٌ يَقْبع في القطاع العام تُشَكِّله الحاجات وتُعَدِّله القُروض ودَيْنَهُ "باسطٌ ذراعيه بالوسيط لو اطّلَعت"! يُعْلِنُ افلاسِهُ في نفسِ اليوم الذي يحضر فيه راتبه الشهري من البنك ...ولست قلقاً وللبيتِ رَبٌّ يَحْميه بشرعيّة الاماكن المقدّسة وسفالة الصّهاينة في غزّة حينَ لم يلاقي ندائي السوسنيّ اسْتجابةٍ حين هَتَكَ الفَقْرٌ والظّلْمُ والفساد بِقُدسيّة حقّي وشَرعيّة مكانتي وهويّتي..
لستُ حالماً أتجمّلُ بالقوميّة العَربيّة وما زالت قوميّة المُعَلِّم مَجروحة لم تلتأم بَعْد لتوفّه التّبْجيلا وبقيت طريحةً راقدة بين نقابة ووزارة .. ما يُقلقني حالَ مزارعِ في الأغوار تَشَارك والذُباب مائدته ليُطْعِمنا ,صَرَخَ مراراً واااعمّانه وما زال الصّدى في الطّريق الى روما...مهتمٌ بذلك الطّاعن الذي لم تَكْتَرِثَ له تشريعات برلمانيّة يَجْمَعُ عُلَبَ المشروبات الغازية الفارغة بين أرصفة غربيّة وشوارع شرقيّة فيبتاع منها ثوباً لابنته ومنديلٍ لزوجته في التزامٍ دينيٍّ " يُدْنينَ عَلَيْهِنَّ من جلابيبهِنّ" لا "مصروفاً مدرسياً"ولا وردةً حمراء في يوم الحُبّ بل ودواءاً للعليل...

لم يَشْغل بالي مطلقاً شَريطُ الأخبَار اليوميّ الاعتياديّ المليءِ بالفوضى السياسيّة والعَمليّات الارْهابيّة والبَراميلِ المُتفَجّرة واللقاءات الصحفيّة بل ما يشَغلني شريط معاناتي اليوميّ من ارهابِ ارْتفاعٍ المَحروقات وضريبة ما هنا قد تُقَرُّ فَتُفَجِّرُني وموعدٍ هناك في مستشفى يعالجني فيه ضد مرضي المُزمنِ بعد انتظار السّاعات طبيبٌ بقصاصة طبية كلها مُسَكِّنات.....

لم أعُد أكْتَرِثُ للحالة الأمْنيّة العامّة حين حالتي الامنية المالية العائليّة تنهارُمع تنبؤٍ ما بمنخفض جويّ... ولن تَهمّني فيما بعد انْتخابات نيابيّة أو بلديّة ونائبي عصيُّ المنصب شيمته البصمُ و بلديتي ترفض فساداً عن فتح طريق لمن دفع ثمن كفاحه في بيت ...ولن يَهمّني بعد الان اعلاناتٍ تَسْتَهْتِرُ بعقولٍ مُبدعة وعبقرياتٍ وطنية ولن تخدعني صنّارةُ حريةٍ بِطُعْم الديمقراطية تَخْنُقُ فكرة المعارضة وتُكَفِّر الرأيَ الأخر وتَخْتَزِلُهُ اعلامياً في رأي متسلقين وذوات....

يُفْزِعُني جَيْبٌ من جيوب الفقر خائفٌ منبوذ اُلقِيَ في غياهب مكتب مسؤول ما في التخطيط والتّعاون دراسة تنموية وخطط خمسية, وجيوبُ الفساد والترهّل الادراي مُتخمة وأمِنَة ...يُربكني رعاك الله منظمات دولية تصول وتجول بداعي انسانيةٍ للاجئٍ شقيقٍ ولجوءنا القارص قد شقّنا نصفين...

من وقتنا تَستنزِف المؤتمرات ومن كرامتنا تُدَلّل الاستثمارات ....وأخشى أنّ البيت أوهن البيوت فيه رُهابنا واضح ورُهابهم :العَدلُ فوبيا والنّزاهة فوبيا والمُعارضة فوبيا ....



تعليقات القراء

فؤاد الوشاح-ابوايهم -كندا
رائع بل واكثر من ذلك ، رعاك الله وسدد على طريق الخير خطاك
01-04-2015 10:31 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات