عندما يموت العرب بطاعون أمريكا ؟!"


أبدع الراحل محمود درويش عندما أسقط كل توصيفات وتشبيهات حرب أمريكا على العرب في قصيدة "مديح الظل العالي" فقال: "أمريكا على الاسوار تهدي كل طفل لعبة للموت عنقودية ،، ياهيروشيما العاشق العربي امريكا هي الطاعون - والطاعون أمريكا ،، نعسنا ايقظتنا الطائرات وصوت امريكا ،، وامريكا لامريكا ،، نفتح علبة السردين تقصفها المدافع ،، تحتمي بستارة الشباك تهتز البناية تقفز الابواب امريكا ،، وراء الباب امريكا ،، ونمشي في الشوارع باحثين عن السلامة من سيدفننا اذا متنا ،، عرايا نحن لاافق يغطينا ولاقبر يوارينا ويا يوم بيروت المكسر في الظهيرة عجل قليلا عجل لنعرف اين صرختنا الاخيرة "،،هذه الكلمات تعكس الى حد كبير معاناة العرب مع امريكا , فسياسة الحكومات الامريكية المتعاقبة ودس أنفها في كل صغيرة وكبيرة ،، وخاصة فيما يتعلق بالصراع العربي مع اسرائيل وتزويدها لاسرائيل "الصهيونية" بكل مقومات الحياة، والكيل بميزان اعوج ودائمآ الكفة الراجحة فيه تميل لصالح اسرائيل، فنحن العرب نكره امريكا لانها تغلغلت فيها الصهيونية والمسيحية "الرديكالية" واصبح نصف موظفي البيت الابيض تابعين لجماعات التأثير الصهيونية او ما يسمى باللوبي الصهيوني في امريكا المعادي للأسلام وللعرب بمختلف انتمائتهم الدينية وتنوع حضاراتهم. 


ولنضع الامور هنا في منظور اوضح فاذا كان هناك امامك شخص عربي يكره امريكا وسألته عن سبب هذا الكره ؟؟ فالاجابة على الاغلب هي كالتالي ،، اكره أمريكا التي تساعد إسرائيل ،، اكره امريكا التي تحب الهيمنة والتفرقة بين الشعوب ،، وغالبا شعوب منطقتنا العربية والاسلامية يتفقون على هذه الاجابات ،، وانا اتفق مع كل هذه الاسباب ،، فيجب ان نكره سياسة امريكا الخارجية، ، لأنها سياسة كاذبة مضللة ،، لأنها إستعمارية فى الأساس لا تنظر إلا للمصالح الأمريكية.




فيجب ان نرى بوضوح ونكره مساندتها العمياء لإسرائيل ودعمها لعمليات إباده الفلسطينين بل والوقوف ضد أى قرار يقترح فكر إدانة هذه الهمجية الصهيونية ،، يجب أن نتذكرحربها الحالية على سوريا وقبلها ليبيا والعراق وقبلها لبنان والآلاف من ضحاياها الأبرياء، ومساندة أمريكا لأي حرب إسرائيلية مع العرب منذ عام 1948 وللأن والتاريخ يكتب كل ذلك وهو الشاهد الوحيد على كل هذا، وعلينا ان نكره امريكا لانها تقتل الحرية ،، بالحقيقه ان المصالح العربية تقتضي ان نكره امريكا وسياستها الخارجية وهمجيتها ضد العرب والمسلمين ،، ان قصة الكره العربي لسياسات امريكا هو قديم من قدم ظهور امريكا كقطب أوحد بهذا بالعالم ،، فهناك اليوم الكثير من ابناء الشعوب العربية يرددون مقولة "إن الهزيمة العربية أسمها وسببها امريكا" فقصة الكره هذه عميقه بعمق حجم الهجمة الغربية على حضارة وديانات والموقع الجيو سياسي للوطن العربي والاقليم ككل.

فلا احد ينسى كيف أن بوش الأب قد صرح بنفسه ومباشرة بعد سقوط الاتحاد السوفييتي كحلف يقف في مواجهة حلف الناتو الغربي بقيادة أمريكا، حيث قال بالحرف "العدو الآن هو الإسلام والعرب ويجب اسقاط اسلام العرب"، فأمريكا ترى في الإسلام في الوطن العربي المانع الوحيد الذي يحول بينها وبين السيطرة على امة العرب والمسلمين فوق الكرة الأرضية واستلاب ثرواتها الطبيعية ،، فتاريخيآ العالم كله يعلم أن أمريكا قامت كدولة وفق خطة إحلال شعب مكان آخر، إحلال المهاجرين الغربيين بديلا عن شعب الهنود الحمر، السكان الأصليين في أمريكا وأصحابها وملاكها، وبمقارنة سريعة مع كيفية قيام الكيان الصهيوني "إسرائيل" فوق أرض فلسطين سنجد أن الأسلوب في أمريكا وفي فلسطين واحد، وأنه قد خرج من بوتقة الغرب نفسه، تدمير شعب وقتله وإحلال شعب بديل غريب وإقامة وطن وكيان اخر مكانه. 

واكررهنا ان لا علاقة بين الشعوب وسياسات حكوماتهم، فالشعوب العربية والاسلامية بمعظمها تحترم الشعب الامريكي ولكن السياسة التي تتبعها الحكومات الامريكية وخاصة في السنوات والعقود الثلاث الاخيره، وتبنيها سياسة متطرفة ومعادية للاسلام والعرب وبصورة علنية مما زاد الكراهية للحكومات الامريكية المتعاقبه ،، وبنفس الوقت اؤوكد ان علاقة العرب والمسلمين بأي أمة ليست علاقة عدائية بالأساس، و لكن من باب المعاملة بالمثل ،، فعندما يقف الامريكان ضد أي قرار من شأنه أن يدين إسرائيل "الصهيونية"، وتراهم في نفس الوقت متحمسون لأي قرار من شأنه أن يدين العرب والمسلمين، من فلسطين إلى العراق إلى سوريا إلى السودان، وليست قضية دارفور ببعيده. 

موضوع كره العرب لأميركا من أكثر المواضيع إثارة للجدل والالتباس الذي يجري التعبير عنه بالسؤال ؟؟ فكيف انت كعربي تكره أميركا وبنفس الوقت تطلب اللجوء أليها؟ اعتقد أن سبب هذا الالتباس هو ثقافتنا التي لا تميز بين الدولة والنظام السياسي فيها، بل وربما سياسة هذه الدولة في مرحلة ما ،، فمثلآ سياسة بريطانيا في العشرينات من القرن الماضي تجاه العرب ليست كسياسة بريطانيا اليوم ،، وبالنسبة لأسبانيا، فان اسبانيا ثاباتيرو ليست اسبانيا ازنار ،، بل ان أميركا ايزنهاور ليست أميركا جورج بوش الابن ،، والاهم من ذلك، أن الشعوب ليست دائمآ مسؤولة عما تفعله حكوماتها ،،، ولكن بنفس الوقت هناك جزء من المثقفين العرب يعتقدون أن القيادات الأمريكية قد وضعت الشعب الأمريكي في مستنقع آسن مليء بالدم في جميع أنحاء الوطن العربي، فضلا عن جميع دول العالم. 

ختامآ،، فأن رؤية المجتمع العربي "لهذا العداء" به شيء من المفارقة ،، فبحين ان هناك شبه اجماع مجتمعي عربي على كره امريكا "كسياسة دولة خارجية" نجد أن نظرة العرب لامريكا لا تخلو من الاعجاب والارتباط ،، فلا يزال ملايين من الشباب العربي يحاولون الهجرة الى الولايات المتحدة، ويقبلون على الدراسة في الجامعات الامريكية، والتشبع بكافة مظاهر الثقافة الأمريكية ،، ومن المفارقات الاخرى فلقد صور لنا البعض أمريكا على أنها الحمل الوديع ونحن العرب الوحش المفترس الذي ينتظر الفرصة للانقضاض عليه! وأننا من نكيل بمكاييل لا يحصى عددها ولا يعرف أنواعها إلا الله، وننسى بعد هذا كله من احتضن الإرهاب و دعمه ومن يدعم إسرائيل بكافة الإمكانيات والوسائل ومن احتل أفغانستان والعراق مدعيآ الديمقراطية والحرية، ومن تدخل سابقا في فيتنام وبنما وكوبا والصومال، وضم جزر هاواي بالقوة، ومن يحاول التدخل حاليا في الشؤون الداخلية لسوريا ،، و ختامآ اكرر فنحن لا نكره أمريكا كشعب فهو شعب بغالبيته يحظى باحترام جميع الشعوب العربية والاسلامية، إنما نكره سياسة حكومة أمريكا "الماسونيه - الصهيونيه" فبعد كل هذا ألم يصدق الراحل محمود درويش عندما قال "أمريكا هي الطاعون ... والطاعون هو امريكا "............ 


* كاتب وناشط سياسي -الاردن.

hesham.awamleh@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات