"هيبة الدولة" (2) السعودية نموذجا


ما زال السلطة التنفيذية وبمشاركة السلطة التشريعية في بلدنا تبحث عن الطريقة التي تحقق من خلالها " هيبة الدولة " بعيدا عن الجانب الأمني الذي اثبتت من خلاله أنها قادرة لحد ما على تحقيق هذا المفهوم ، وهنا يبدو أن الدولة لدينا تسير على المثل القائل " من كبر حجره لم يصب " ، وذلك لكونها تمسكت بكبير الأمور وتركت صغيرها الذي يمارسه المواطن كل ساعة وكل دقيقة للضروف وحسب الموقف وبناءا على متغيرات العلاقة بينها وبين هذا المواطن لدرجة أن ضاعت هنا " هيبة الدولة " تحت ضغوط المخاجلة ومحاولات عدم خلق ابواب مفتوحة للتوتر بينها وبين هذا المواطن .
وهذه الطريقة في التعامل مع صغار الأمور وتهميشها هي التي تمثل نواة تحقيق وفرض " هيبة الدولة " ، وهنا الحديث عن قوانين السير التي ما تزال تراوح مكانها بين غرف التشريع في مجالس النواب المتعاقبة وبين هاجس الضغط على المواطن الذي عليه ضغوطا كثيرة ، والمثال الذي نذكره هنا متمثل في قيام السعودية بتطبيق قوانين السير من خلال خطوات ومراحل حققت من خلالها في النهاية فرض " هيبة الدولة " عند وقوف المواطن على اشارة المرور أو سيره في الطرقات ، وبذلك أصبحت " هيبة الدولة " ملموسة وواقعة في كل دقيقة من حياة المواطن السعودي والمقيم لديها مما فرض تلك "الهيبة للدولة " على بقية مفاصل العلاقة بين الدولة وذلك المواطن أو المقيم.
ويمثل الأخذ بتجارب الأخرين الناجحة ليس بعيب أو يمس من "هيبة الدولة " في أي دولة في العالم ، لأن الحقيقة هنا تقول أن هناك من طبق القانون بكل شفافية وحيادية وكانت النتيجة " هيبة دولة " يتم الحديث عنها بكل قوة وشجاعة ، وجاء هذا الكلام بعد زيارتي لمدينة الرياض وعمل مقارنة زمنية بين عام 2015 وعام 1990 عندما غادرتها ، وكيف كانت حال قيادة المركبات وعلاقة السائقين مع قواعد وقوانين السير فيها في تلك الفترة وحالها اليوم، وهي مقارنة تستحق أن تذكر لأنها ولدت لدي قناعة تامة أن الدول هي التي تفرض هيبتهاعلى مواطنيها ومن يعيش فيها ، وليس المطلوب من المواطن أو المقيم أن يوجد أو يصطنع تلك الهيبة للدولة التي هي من تسن القانون وتفرض قواعد الالتزام به وكان الأجدر بالجهات الحكومية المعنية بالتشريع والتنفيذ أن تتخذ من التجربة السعودية مثالا يحتذى .
ومن صورة هيبة الدولة في مدينة الرياض نتيجة لتطبيق قانون السير تجد سائق المركبة يضع حزام الأمان في مقبضه كي ينتبه من يركب الى جواره بضرورة وضع الحزام ، وكل من يقف على التقاطعالمروري يقوم بحساب مسافة مركبته من خطوط المشاة لأن الكاميرة التي تخالف سوف تقوم بتصويره ، وعند السير على الطرقات السريعة يكون التركيز على علامات تحديد السرعة والالتزام بها ، والسؤال هنا للدولة الأردنية هل تستحي كدولة من أن أولى خطوات " هيبتها" تتمثل في وضع الحزام أو احترام خطوط المشاة والسرعة ؟ .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات