شموع «دايتون»


حين تشعل "رام الله" الشموع تضامنا مع غزة خلال مذبحتها الاخيرة ، تدخل الدنيا نفقا اسود ، فالشموع قد يشعلها البريطانيون والفرنسيون ، والعرب العاربة والمستعربة فقط ، ولا يعقل ان تتضامن "رام الله" مع غزة باشعال شموع ، مثلها مثل الغرباء.

الذين يقولون ان امكانية اشتعال انتفاضة ثالثة مستحيلة ، لان الضفة لم تعد الضفة ، ولان الناشطين في السجون ، ولان الجنرال "دايتون" انتج فلسطينيين جددا ينهالون بالهراوة على اي فلسطيني يحتج ، معهم حق في هذا الكلام ، غير انه كلام لن يثبت امام الحقائق الكبرى. هل يستطيع اهل الضفة ان يتفرجوا مثل عابري السبيل على كل ما يتهدد المسجد الاقصى. هل يستطيع "دايتون" ان يقنع الناس ان المسجد الاقصى ليس مهما ، حتى لو تم نقضه وهدمه حجرا تلو حجر.

اذا كانت غزة محاصرة ، والضفة مهادنة اليوم ، وفلسطينيو الثمانية والاربعين يتخوفون من اي تحرك خشية على حياتهم ووجودهم في قلب الدولة الاسرائيلية ، واذا كان اهل القدس يتم اغراقهم ببطاقات الهوية الاسرائيلية والامتيازات من جهة ، والغرامات من جهة اخرى ، فمن سيدافع عن المسجد الاقصى اذن ، هل ننتظر قبائل جنوب الجزائر ، ام بحارة المغرب ، ام شجعان السند والهند. المشهد يتعقد بطريقة غير مقبولة ولا معقولة ، والخطر يشتد حتى ان المسجد الاقصى لم يجد سوى مائتي شخص ليعتكفوا فيه ويناموا ، من اجل حمايته قبل يومين.

"رام الله" التي اشعلت الشموع تضامنا مع غزة مثلها مثل اي عاصمة عربية ، ليلة رأس السنة الميلادية ، اثبتت كم هو "دايتون" محترف وقادر على انتاج الفلسطيني الجديد ، واقصاء الفلسطيني الاصيل الذي نعرفه. غير ان دايتون ورفاقه يعدون العدة ليوم اسود يتم فيه هدم المسجد الاقصى فلا نجد من يبكي عليه ، ايضا. أليس من واجب العقلاء اليوم ان يتخلوا عن حساباتهم ، لاجل فلسطين ولاجل القدس. أليس من واجب العقلاء اعلان "النفير العام" في فلسطين 48 ، ام ان الخوف من اجراءات اسرائيل ضدهم ، تجعلهم يتراجعون. في كل الاحوال المخطط يقوم على طردهم وترحيلهم. وفي كل الاحوال لن يبقى عرب الثمانية والاربعين في منفعة الحياد المطلق. سيخسرون في النهاية.لكنهم سيكسبون ماهو اثمن واغلى. فلماذا يتفرجون ، وماذا ينتظرون. أليس من الاشرف والافضل ان نتخلص من هذه التقسيمات ، اي الضفة والثمانية والاربعين وغزة ، من اجل المسجد الاقصى والقدس. ما هي الخسائر التي يخشاها البعض. الا يكفي ان تقسيم فلسطين على اساس مجموعات سكانية اثمر الكثير ، امام هذا المشهد ، مالذي نخشاه ، وهل الروح اغلى مما امر الله به.

اخطرمايهدد اسرائيل هو ملايين الفلسطينيين الموزعين على تقسيمات مختلفة. ما لم تسقط هذه التقسيمات ، وتتشابك الجماهير في عمل واحد موحد ، فان الخطر الاكير مقبل بلا شك. اطلاق انتفاضة شاملة زادها كل الفلسطينيين في فلسطين التاريخية المحتلة ، هو الحل الوحيد لوقف اسرائيل عند حدها وحدودها.

الشموع لاتحرر وطنا.

mtair@addustour.com.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات