ماذا أقول في عيد المعلم


تحيـــــا وتحملُ للوجودِ رســالةً........ قُدُسِـــيَّةً يسمو بها الأطهارُ
ما أنت إلا النبـــعُ فيضُ عطــــائِهِ....... خـيرٌ يفيضُ وهاطــــلٌ مِدرارُ
يكفيكَ فخراً ما صَنَعْتَ على المدى..... تَشْقَى وَغَيْرُكَ مُتْرَفٌ مِهْذَارُ
يُعطي الكريمُ وأنْتَ أكـــرمُ مانحٍ . ..... هيهاتَ لَيْسَ تُثَمَّن الأعمـــارُ
هذِي الحضـــاراتُ التي تزهو بها .....لولا المعلــمُ هَلْ لها إثـــــمارُ؟!
يطلّ علينا هذه الأيام .. كما في كل عام ... عيد المعلم ..حاملاً سلال الخير والعطاء .. والمحبة... فتحلو الكلمة وينطلق القلم وتغدو قاعات الدرس منابر فكر وعلم .. فرسانها معلمون مخلصون أشاوس .. آمنوا برسالتهم مبدأً وعقيدة .. وانتهجوا فكراً إنسانيا عميقا مستمد من معلم البشرية "محمد بن عبد الله.. " - صلوات الله وسلامه عليه - فنستذكر قوله :

" إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النمل في جحرها وحتى الحوت في جوف البحر ليصلون على معلم الناس الخير "

فلابد لنا من وقفة إجلال واحترام .. ووفاء وإخلاص .. لهؤلاء الرسل الذين بذلوا الغالي والنفيس للقيام بدورهم في سبيل المعرفة وبناء العقول الناشئة .. ليرسوا فيها القيم الحسنة .. كيف لا .. فمن خلالهم تعلمنا الأخلاق .. وأدركنا الكثير من دروس الحياة .. تعلمنا معنى العطاء الذي لا ينضب .. .. منهم ترسخت في نفوسنا أجمل القيم النبيلة .. ففرشوا لنا الطريق بالعلم والمعرفة التي تدوم .. وتدوم.

أقدم أستاذي على نفس والدي ............ وإن نالني من والدي الفضل والشرف
فذاك مربي الروح والروح جوهــر .......... وهذا مربي الجسم والجسم كالصدف
.. ففي كل عام يطلّ علينا هذا العيد .. فماذا أعددنا له ؟ سوى .. أن نقف بإجلال واحترام نردّد الأمثال ونتغنى بالقصائد ونقول – ..من علمني حرفاً كنت له عبداً........ وكلام شوقي : ......قم للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا..

هو حقاً أهل للتقدير ويستحق التبجيل...هو أرفع من الكلمات وأكبر من القصائد .. لأنه ينقل الإنسان من ظلام الأمية إلى نور المعرفة والعلم .. ومن ضيق الجهل إلى سعة المعرفة...فعلى يديه تعلّمنا الحروف والكلمات .. وعلى يديه عرفنا الأرقام والحساب .. وانطلقنا إلى آفاق المستقبل نفتح الأبواب المغلقة ونطوي المسافات .. فنقرّب البعيد ونختصر الجهد.. هذا هو المعلم الذي نذر نفسه لبناء الإنسان والارتقاء به إلى مدارج الحضارة والتقدم ... فمنكم أيها المعلمون تقتبس الأجيال روح المواطنة الحقة الصالحة لأنكم الأغلى .. مستذكرين قول جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه .. "الإنسان أغلى ما نملك" .. فالمعلمون هم البناة الحقيقيون لأنهم يبنون الإنسان... والإنسان هو غاية الحياة .. ومنطقها... فهل من أجر يوازي جهد المعلم في بناء المجتمع ... بناء وطن التقدم والمعرفة .. أولئك هم البناة الحقيقيون... فأية كلمات توازي جهده ؟ وأي حديث يمنحه حقه الحقيقي ؟.. كل الكلمات تصغر أمام عظيم صنيعه وكل الحروف تقف عاجزة عن وصف جميل أفعاله .. فلك أيها المعلم.. أيها البنّاء الحقيقي للإنسان ... إليك في عيدك كل حب ..كل تقدير... كل ياسمين الأرض.. إليك في عيدك كل ورود بلادي من دحنونها إلى سوسنها .. لأنك علمتنا كيف نحيا ويبقى عيدك عيد الوطن.. فهنيئاً لك عيدك .. ‏

ماذا نهديك .. سوى كلمات نسجت من عبق الحب الإنساني الخالص المنغرس في القلب لتقع في القلب .. فما المطلوب منا جميعا تجاه ذلك الإنسان الشامخ الذي تعجز الكلمات عن تقدير عطائه .. فماذا نريد له بوجه حق .. تجاه ذلك الأبي الصنديد .. الواقف في وجه كل التحديات ..

ساعدوني أعزائي وقولوا معي :

نريد حقاً تغيير النظرة النمطية للمعلم .. تلك النظرة التي لا تليق بمقامه والمترسخة في أفكار الناس وأذهانهم وعقولهم وإظهار صورة مشرقة تليق بمكانته .. وإبراز دوره الحقيقي في إعداد النشئ .. رجال المستقبل ... وخاصة أولياء الأمور والطلاب وتوعيتهم بأهمية احترام المعلم وتقديره.

فمن حقه أن يشعر بالأمان بمنحه الثقة والرفعة .. والتعاون معه على تحقيق رسالته السامية ورفع روحه المعنوية وتقدير جهوده... ولكي يتحقق ذلك لا بد من وضع نظام يحفظ للمعلم كرامته من الاعتداءات المختلفة ..

أما ومن جانب مهني فللمعلم الحق أن يؤهل تأهيلاً يمكِّنه من أداء رسالته التربوية باقتدار فلا يتم ذلك إلا من خلال التدريب المستمر وتطوير المناهج وإكسابه المهارات التربوية والتعليمية المناسبة ... فليس هناك معلم ضعيف ومعلم قوي .. فرفع مستوى أدائه وظيفياً ومهنياً وتطويره من خلال الدورات التدريبية اللازمة العالية المستوى والتي تلبي طموحه وتجعله واثقاً من عطائه .. وإطلاعه على كل جديد في مجال التربية والتعليم وتدريبه على استخدام الطرق الحديثة والتقنيات التربوية الميسِّرة لعملية التعليم ... ومتابعته في ذلك .. و تشجيعه على البحث العلمي والتجريب في مجال الإعداد، وطرائق التدريس، والإدارة الصفية و التقويم...الخ. ولن يتحقق ذلك إلا عن طريق توفير كوادر تربوية تدريبية مؤهلة وخبيرة ..

وبالتأكيد إن هذا منوط بمديرية التأهيل والتدريب و الأشراف التربوي – أعانها الله على تحمل هذه المسؤولية - إذا لا بد من وضع السياسات التي تحقق ذلك وبكل شفافية ووضوح وان نبتعد عن المغالاة في الدورات لأسباب مادية تخص من يقوم بالتدريب .. وتجنب وضع المدربين الغير مؤهلين والغير قادرين على التدريب.. أصحاب المحسوبية .. وخاصة البعيدين عن المركز .. في مديريات التربية المنتشرة في شتى أنحاء وطننا الغالي .. والذين هم بحاجة إلى سياسة تقليم تربوي إثماري .. وإعادة تأهيل وإنعاش .. وليست ذلك خفية على أحد ..

كما يجب رعاية المعلمين المتميزين والاهتمام بهم والعمل على تنمية مواهبهم وتوثيق إنجازاتهم ونشاطاتهم المتميزة في الدراسات والأبحاث وتعريف الآخرين بها. .. والابتعاد عن نسب الشيء إلي غير صاحبة والتبجح والصعود على ظهور الآخرين وعلى حساب المعلمين المتميزين المبدعين

ولا بد من الوقوف عند نقطة غاية في الأهمية فمن الضرورة بمكان وبصورة حتمية تحديد الأنظمة الوظيفية والجزائية المتعلقة بالمعلمين .. والخاصة بهم .. إذ أن هذه الفئة من موظفي الدولة لهم خصوصيتهم الوظيفية .. حتى يعي المعلم تماما ما له وما عليه .. كذلك لا بد من معالجة مشكلاتهم بأسلوب تربوي بعيدا عن التسلط والتشهير .. والذي يعمد البعض أحيانا على انتهاجه كسياسة تربوية غير لائقة وخاصة أصحاب المراكز البيروقراطية الذين يضعون اللوم أولا وآخراً على كاهل المعلم " أعانه الله " .. فأصبح بمثابة الشماعة التي تعلق عليها كل أخطاء سياساتهم التربوية .. ولن ينالوا منه .. وسيبقوا في طغيانهم يعمهون ..

فكيف لنا رفعته ورقيه .. علا صعيد أخر .. ومن ناحية متعلقة بشخصه .. ومن المسؤول عما يجري مع بعض زملائنا المعلمين وفي أي دين وأي عقل وأي منطق تبرر الإساءة للمعلم ...وبالطرق التي نراها وتتناولها الصحف من حوادث مخجلة تمس كرامته وكيانه وبكل تبجح وكأنها انتصرت للحق .. هذا ما وقع ويقع في مجتمعنا .. في مجتمع تنكر دور المعلم الريادي، الذي بسببه تقوم الحضارة، وتزدهر الشعوب، وتتفتح العقول. هل نتنكر لمن أفنى عمره، وأبلى شبابه، وأهدر صحته، من أجل تربية وتعليم الأجيال ؟. هل هذا جزاء رد الجميل ؟

هل كان يعقل أن يصل حالنا لهذا المستوى .. بعد النماذج المشرفة التي ساقها لنا التاريخ الإسلامي بين طلبه العلم والعلماء منذ بزوغ فجر الإسلام ؟ . انظروا إلى هذا الأنموذج المشرف من الرعيل الأول... الأمام الشافعي الذي ملأ الدنيا بنور علمه... و أحد أئمة المذاهب يصف لنا حاله مع معلمه وأستاذة الإمام مالك ..

فيقول: " كنت أصفح الورق أمام الإمام مالك صفحا رقيقا هيبة له لئلا يسمع وقعها" ... فهل أخذنا من ذلك العبر ..وأين انتم من ذلك يا طلاب اليوم ؟ ومن المسؤول عن انعدام الاحترام وتفشي ظاهرة الاستهتار بشخص المعلم ذاته

أحبائي جميعا ً :

نحن معشر المعلمين .. نقر ونعترف .. إن هذه المهنة هي المهنة التي أحببنا و نحمد الله عليها .... فهل نستطيع العيش الكريم في هذا الزمان .. هل منحنا .. حقوقنا كمعلمين .. ومميزات تفوق الموظفين في القطاعات الأخرى تحفزنا وتشعرنا بضرورة استقرارنا الوظيفي وعدم حاجتنا إلا إلى العيش النبيل بكرامة وعزة .. الذي يضمن لنا ولأبنائنا الرفعة والتقدم..

وإلا فان الوضع سيكون خطير على الفرد والمجتمع والوطن وستفشل جميع خطط الوزارة في "النهوض بالتعليم" وتذهب مخصصاتها أدراج الرياح إلا إذا كان قصد من وضعها أو مفهومهم من التعليم هو القراءة والكتابة فقط .. فالمشكلة أن التعليم يدخل في أدق التفاصيل في الحياة البشرية .. من القيم والاتجاهات السليمة فمن سيغرسها .. ومن سينشر ثقافة السلام والمحبة.. وعشق الوطن والاعتزاز بتراثنا وثقافتنا وقيادتنا الهاشمية الفذة

سيخسر المجتمع من حيث لا يدري القدوة الحسنة .. المعلم .. في تصرفاته وسلوكه وانتمائه وإخلاصه وتوجيهه للطلاب وإرشادهم وتقديم النصح لهم باستمرار ... فهو القادر على العطاء وهو المثل الحي لتلاميذه ومجتمعه. فمن يقوم بدور القائد الواعي الذي يعرف القيم والمثل والأفكار التي تحكم سلوك المجتمع... سيخسر المجتمع تكامل رسالة المعلم مع رسالة الأسرة في التربية الحسنة لأبنائها.

بالطبع إخوتي ... المعلم هو جزء من المجتمع ... والمجتمع هو التعليم بأكمله .. بالتالي فالخسارة ستكون للكل من دون استثناء

ماذا أقول .. لا بد لي في هذا المقام أن أقول قولاً جميلا يليق بالمناسبة .. فالخسارة الحقيقية هي في تعطيل و استنزاف والانتقاص من قيمته وتشتيته والتشهير به

.... لن أقول هذا المعلم المسكين البائس الغلابان المكبل التعبان المغلوب على أمره...
ولكن سأقول ... هذا المعلم....الإنسان الرمز الشامخ المعطاء بنك الأخلاق صاحب اقوي الرسالات...ولن اهبط من عزيمته مهما كان ...
فما زلنا نذكر بالخير رجالات من هذا الوطن الطيب الطاهر كان لهم لمسات واضحة حتى يومنا هذا على المعلمين .. .. منهم دولة الأستاذ عبد الرؤوف الروابدة ... حين كان وزيراَ للتربية في الفترة ما بعد عام1994 الذي تفهم وضع المعلمين فعمل على مآزرتهم وتحسين رواتبهم وتعديل النظام المالي الخاص بهم والتي سدت ولو جزء من احتياجاتهم ..
ولن ننسى .. معلمنا .. وقائد مسيرتنا .. صاحب الفضل - أبا المكارم – جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين الذي عودنا دائما بمكارمه .. التي لا تنضب .. والتي تُدخل الفرح والبهجة إلى قلوب أبناء شعبه الذي يحب .. وخاصة هذه الشريحة الواسعة من العاملين في قطاع التربية والتعليم .. انطلاقا من حرصه - حفظه الله - على تلمس احتياجات أبناء الأسرة الأردنية الواحدة .. وفي شتى مناحي الحياة .. وحماية كرامتهم .. وتوفير جميع أسباب الراحة والطمأنينة والعيش الكريم لهم ، إذ أبارك لهذا البلد ، أن رزقها الله ملكا عطوفا محبا لشعبه حريصا عليهم.
ولك سيدتي صاحبة الجلالة المعظمة الملكة رانيا العبد الله صاحبة مبادرات الخير التربوية الرائعة التي تلمست بكل حب ومسؤولية احتياجات مدارسنا نحو التقدم والتطور والحياة الكريمة لأبنائنا الطلبة بمسؤولية مجتمعية تشاركية عظيمة واهتمام بصانع أجيال الغد الذي يصيد ببحر علمه على الأرض القاحلة فتغدو خضراء يانعة
ويحضرني أخيرا أن أقول : يتحتم على كل طالب وطالبة النظر بعين الاحترام والإجلال والإكرام والتواضع للمعلم .. فالتواضع لشخص معلمك عز ورفعة لك .. لذا فإن حق المعلم عليك احترامه وحسن الاستماع إليه ... و الإذعان لنصائحه وتحري رضاه....

وكل عام وانتم بألف خير زملائي الكرام .. ودمتم حماة لإنسان هذا الوطن الغالي

الموقع الالكتروني التربوي الخاص بالكاتب Faisaltayeh.googlepages.com :

البريد الالكتروني Fsltyh@yahoo.com :



تعليقات القراء

مواطن 1111
احد الامناء العامين لوزارة التربية والتعليم دخل نادي المعلمين/عمان لتفقد دورة تدريبية صباح 5/10/2009 ولم يقل لهم كل عام وانتم بخير...ويسأل ماذا اقول في عيد المُعلم؟؟؟؟؟
05-10-2009 10:58 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات