المفهوم السياسي للدولة


الدولة كيان سياسي وقانوني منظم . وتتميز عن غيرها من الدول بما تملكه من معطيات خاصة (ثقافية – بشرية – تاريخية – اقتصادية – وجغرافية ).
تعتبر الدولة العامل الأساسي في المجتمع الدولي . فالسياسة الخارجية هي سياسة الدولة ، والدبلوماسية هي دبلوماسية الدولة ، وتفاعل وتداخل الدولة في ظل المجتمع الدولي هو في معظمه مع الدول الأخرى؟.
والنظرة الشائعة للدولة هي أنها كيان سياسي منظم يتمثل في مجموعة من الأفراد الذين يقيمون على أرض محددة ، ويخضعون لتنظيم سياسي وقانوني واجتماعي معين.
نشأت الدولة وفق افتراضات نظرية أهمها النظرية الدينية التي تعيد أصل الدولة إلى أسس دينية إلالهية، وترتكز هذه النظرية على أن الدولة وجدت تحقيقاً لإرادة الخالق الذي أوجدها واختار الحكام ليتولوا زمام الأمور في الدولة تنفيذاً للإرادة الإلهية. واعتبرت هذه النظرية سلطة الحكام مقدسة وإطاعتهم مطلقة وواجباً دينياً . واعتمدت " الحق الإلهي للملوك " على تفسير ديني لسلطة الملوك التي قيل إنها أسندت إليهم من الله لتحقيق إرادته في الأرض.
ومن النظريات الأخرى لتكوين الدولة النظرية الطبيعية التي ترى أن الدولة تطور طبيعي حتمي لحياة الانسان الذي اعتبره أرسطو" كائن سياسي متحضر " . فتطور حياة الانسان من الأسرة إلى القبيلة فالقرية ومن ثم المدينة هو تسلسل طبيعي ينسجم مع التطور الانساني الذي يهدف إلى تحقيق الحياة السعيدة. إن الانسان لايستطيع تحقيق الهدف الأسمى من وجوده والمعنى الحقيقي لانسانيته إلا في ظل الدولة . ومن يعيش خارج نطاق الدولة فهو إما أن يكون فوق مستوى البشر أو حيوان وحشي . فأصل الانسان وأصل الدولة واحد ، والتطور الطبيعي لحياة الانسان قد استوجب تنظيم المجتمع سياسياً وبذلك ظهرت الدولة.
ويرى آخرون أن الدولة تكونت بواسطة القهر والقوة وسيطرة القوي على الضعيف . ولكن القوة وحدها لا تستطيع أن تبرر الأصل التاريخي للدولة. فالقوة بدون الحق يمكن أن تكون في أحسن الأحوال مؤقتة ، ولكن القوة مع الحق أساس دائم للدولة.
ويرى ماركس أن الدولة بما فيها من مؤسسات وأنظمة وقوانين هي وسيلة الطبقة الحاكمة التي أوجدتها لتستخدمها في فرض سيطرتها على بقية أفراد المجتمع . وتطور مظاهر الدولة ما هو في حقيقته إلا تغييراً للأساليب التي تستخدمها الطبقة الحاكمة لتثبيت وجودها، والتي تحدث استجابة لتغير الظروف الاقتصادية وعلاقات الانتاج.
و يعتقد ماركس أن المرحلة التي ستلي مرحلة النظام الرأسمالي هي مرحلة الشيوعية الديمقراطية التي سوف تأتي بنظام جديد للدولة ليس فيه للدولة وجود باستثناء الفترة الانتقالية التي أضافها لينين وتسمى بفترة " دكتاتورية البروليتاريا" . وبعد انقضاء الفترة انتقالية سوف تنعدم الحاجة إلى مؤسسات الدولة ويتم زوالها !!
تميزت الدولة الاسلامية بسلطة مركزية قوية وفعالة، سواءٌ في المدينة أيام دولة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين ، أو في دمشق عاصمة الدولة الأموية، أو بغداد عاصمة الدولة العباسية. وأصيبت مركزية الدولة في نهاية الحكم العباسي بالضعف ،وتجزأت إلى دول ودويلات وخلافات متعددة, وبرغم هذا الضعف وتلك التجزئة فقد تمكنت هذه الدول والدويلات التي ظهرت من فرض وجودها وهيبتها .
يجب أن يتوفر بالدولة العناصر الأساسية التي هي الشعب ، والاقليم ، والحكومة، والسيادة . والتجمع البشري هو أساس الدولة إذ لا يمكن أن نتصور وجود دولة بدون الأفراد الذين يقيمون بصفة مستقرة فوق أراضيها ، ويخضعون لنظامها السياسي . والتجمع الكبير للأفراد يعطي الدولة أهمية خاصة. وتتمثل درجة تجانس السكان في الدولة في الثقافة واللغة والدين .
أما الإقليم فهو الرقعة الجغرافية التي يستقر عليها شعب الدولة بصورة دائمة . ولا يمكن للدولة الحديثة أن توجد بدون الإقليم ، الذي يعمل على تدعيم وبلورة شخصية أفرادها وتنظيم حياتهم السياسية، وإقليم الدولة لا يقتصر فقط على اليابسة بل يتعداها إلى المياه الإقليمية ، والفضاء الإقليمي.
فالإقليم هو وطن وليس مجرد إقليم جغرافي ، يعمل على إرساء وتشييد ميول قومية وطنية ، ويرتبط بالإقليم حدود الدولة التي هي من أكثر الأمور أهمية وحساسية بالنسبة للدولة القومية. والكثير من الحروب والنزاعات التي تقوم حالياً هي نزاعات إقليمية تتعلق بتحديد الحدود الفاصلة بين الدولتين المتنازعتين.
أما الحكومة فهي السلطة التي تمارس السيادة في الدولة لحفظ النظام وتنظيم الأمور داخلياً وخارجياً . والحكومة هي أجهزة ومؤسسات الحكم في الدولة ، ولفظ الحكومة قد يكون محدوداً بحيث يشير فقط إلى السلطة التنفيذية . والسيادة تعني أن الدولة تمتلك سلطة الهيمنة فوق إقليمها وأفرادها، وأنها مستقلة عن أية سيطرة أجنبية ، وعدم الخضوع لها .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات