عودة القريشية


عاشت قريش وهو الإسم الذي كان يطلق على سكان الجزيرة العربية والذين كانوا يقطنون مكة المكرّمة وما حولها ما قبل القرن السادس الميلادي والذين كانوا متعدّدي الديانات فمنهم من كان حينها يهوديا او مسيحيا او مجوسيا والغالبيّة كانوا وثنيّون يعبدون الأصنام وكانت القيادة السياسيّة لهم من زعماء القبائل والعائلات بينهم وكان اقتصادهم يقوم على االرعي وعلى التجارة مع بلاد الشام او مع اليمن .
ولم يكن بخلد اي منهم ان يأتي من يعكّر صفو حياتهم التي تقوم على الرق والغانيات والخمر وإلتهام آلهتهم من التمر حين يجوعون وكان ديدنهم ان الحظوة لصاحب القوّة حيث ان شريعة الغاب هي السائدة بلا تململ من احد فكل فرد يعرف مكانه ومقداره في المجتمع , وكان يجمع شملهم بيت عتيق اصطفت آلهتهم الحجرية حوله دون انتظام وهم يطوفون حول ذلك البيت امتنانا لآلهتهم وعرفانا لها بالربوبيّة ولم يخطر لأي منهم ان يسألها ماذا يمكن ان تقدّم له من خير او شرْ او حتّى إن كانت يمكن لها ان تدافع عن نفسها إن تعرضت لسوء فهي لا تسمع ولا ترى ولا تتكلّم .
وعندما اراد الله لتلك البقعة من الأرض ان يتغيّر اهلها بعث بخير الناس خلقا وأمانة ومحبّة برسالة الهدى لينشر قيم تلك الرسالة في ارجاء العالم لإصلاح ما حلّ بسكّانه من فساد وفسوق وكان متمّما لما انزل الله من كتب وبعث من رسل للناس علّهم يهتدون وجاء الرسول الكريم برسالة تؤمن بما قبلها من رسل سماويّة وتقصُّ انباء وسيرة انبياء بعثهم الله لأقوام مختلفة فمنهم من آمن ومنهم من أبى فحقّ عليه العقاب.
وحيث ان الإنسان بالطبع يكره التغيير فقد ابى القريشيّون بداية الرسالة المحمّدية بالرغم من تأكِّدهم من اخلاق وسيرة الرسول عليه السلام وكان أوّل من بشّر بقدوم الرسول هو المسيحي ورقة ابن نوفل الذي آمن بما انزل في التوراة والإنجيل.
ولكن قادة قريش اعتبروا ان محمدا جاء ليسلبهم زعامتهم والإمتيازات التي يتمتّعون بها في قومهم فقاموا يعذِّبون رسول الله بل واتّفقوا على ان تشترك القبائل في قتله ليضيع دمه ولكن هناك فئة انار الله قلبها فاتبعت ما جاء به رسول الله ورغم المعاناة استطاعت ان تشدّ من عضد رسول الله واتباعه ومع ذلك فلم يقابل رسول الله استخفاف قريشا به وإسائتها له واحاكة المؤامرات ضدّه سوى بالتسامح والطيب وكان كريما مع الجميع من ابناء الديانات الأخرى وحتّى عندما ركّز قواعد الدولة الإسلاميّة في المدينة المنوّرة وقام بفتح مكّة المكرّمة كان سمحا مع زعماء قريش وافرادها ليعطي مثلا ودليلا اكيدا على تسامح الإسلام وقبوله بالآخر واحترام مشاعر الناس ومكانتهم في مجتمعاتهم .
وعلى مرّ الأزمان ومع التطوُّر الكبير في وسائل الإتصال والمواصلات والتكنولوجيا التي وصلت كواكب واجراما اخرى تسبح في الكون بقدرة الإله الذي انزل الكتب السماويّة التي تحضُّ على المحبّة والسلام وبعد ان مات جميع رسل الله نشأت جماعات قريشيّة الطباع تلعب بالكلام وتتخذ من الإعلام وسيلة للإزدراء برسل الله وكتبه مستخدمين الرواية حينا والرسومات والكاريكاتير احيانا والمنابر والميكروفونات احايين كثيرة وغيرها من الوسائل المختلفة ولو كان الرسل موجودون بيننا لما اعطوا انتباها لذلك لأنّ الرسل كما رسولنا العظيم هم على خلق عظيم ولكن تلك الممارسات السيئة ولّدت إستفزازا لدى اشخاص يشعرون بإسائة لدينهم او رسولهم او اهل بيته يجعلهم يضيقون ذرعا بل ويفقدون السيطرة على انفسهم او ينقادون وراء غيرهم من اصحاب الأجندات المختلفة كالصهاينة او التكفيريّون اوغيرهم ممّن ابتعدوا عن قيم التسامح والمحبّة والسلام وباعوا انفسهم للشيطان وهكذا قبلوا بالإرهاب سبيلا وبالموت مصيرا وبالشيطان قائدا ودليلا وليثبتوا ان الإرهاب لا دين له وهو لا يميّز بين طفل وامرأة وبين ابيض واسود او بين مسلم ومسيحي ويهودي او غير ذلك .
وهكذا قامت الصحيفة الفرنسيّة شارلي ايبدو مرارا بالإساءة لرسول الله محمدا حيث استفزّت ارهابيّين جزائريّين لمهاجمتها وايقاع ضحايا مسلمين ومسيحيّين ويهود وهبّ العالم بقادته للتعبير عن توحدهم ضد الإرهاب بمسيرة مليونيّة في العاصمة الفرنسيّة باريس ولكن تلك الصحيفة التي اخطأت بحق المسلمين ونبيّ الله محمد عليه الصلاة والسلام وساندها العالم باستنكار قتلاها اللذين ذهبوا ضحيّة الإرهاب المرفوض عالميا أبت إلاّ ان تكون كقريش في بلد متحضِّر حيث لم ترتدع عن اخطائها واستمرت بالخلط بين حرية التعبير والإساءه للمعتقدات فقد اصدرت نسختها الجديدة بإساءات جديدة ووزعت اكثر من خمسة ملايين نسخة بدل ستون الفا فهل هي وقاحة لا حدود لها ام هو استخفاف بالمسلمين ومعتقداتهم واين المستنكرين للإرهاب من تلك البذائة ام ان هناك من يخطط لتلك الصحيفة لإشعال حرب كونية تقوم على اسس دينيّة فمن يخطط لتلك الصحيفة ليس اقل إجراما من الإرهابيين انفسهم .
وكذلك من الأجدى ايضا رفض الإرهاب الحكومي الممؤسس التي تقوم به الحكومة الإسرائيليّة ضد الشعب الفلسطيني في غزّة والضفّة وكل مكان متناسية الدولة العبريّة التي تنادي للإعتراف بيهوديّتها ان الصهاينة هم روّاد الإرهاب على مر العصور وان مجازرهم ظاهرة للعيان ويسجّلها التاريخ بإستمرارومع ذلك لا يستحي نتنياهو من السير مع المناهضين للإرهاب ويده ملطّخة بدماء العرب الأبرياء في فلسطين والاردن ومصر وسوريا ولبنان والعراق والسودان وغيرها .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات