مسيرة باريس ومكافحة الارهاب


شاهد الملايين يوم الأحد 11/1/2015 مسيرة باريس الكبرى، التي مشى في مقدمتها زعماءُ دول من مختلف القارات ، تضامناً مع صحيفة ( شارلي ) التي هوجمت وسقط من محرريها عدد من القتلى والجرحى. جاءَت مشاركة بعض زعماء دول العالم تلبية لدعوة الرئيس الفرنسي الذي أراد أن تكون هذه الحشودات دعماً وتأييداً وتضامناً مع الشعب الفرنسي ، واستنكاراً للعمل الارهابي الذي استهدف الصحيفة المذكورة.
شيىءٌ طبيعي أن يتابع الملايين في العالم هذا الحشد الذي استمر ساعات ونقل مباشرة من محطات الفضاء العالمية.
ومن خلال استعراض القادة الذي كانوا على رأس المسيرة المليونية لوحظ أن عدداً من هؤلاء القادة كانوا من كبار مؤيدي وداعمي المنظمات المسلحة تمويلاً وتسليحاً وتدريباً . وكان أبرز هؤلاء رئيس وزراء دولة الاحتلال الصهيوني الجزار نتنياهو ، الذي ركزت وسائل الاعلام العالمية عليه. ولانعرف الأسباب التي جعلت رئيس فرنسا يدعوه لحضور هذه المسيرة المسخرة لنبذ الارهاب واستنكاره وليس العكس.
أما الشخص الآخر الذي شوهد يقف إلى جانب الزعماء المشاركين في المسيرة ، فكان أحمد داوود أوغلو ، رئيس الوزراء التركي ، مندوباً عن رئيسه أردوغان . بالطبع يعرف الجميع يعرف ما قامت وما تقوم به تركيا من دعم المسلحين وتسهيل إدخالهم لسوريا . فكيف نصدق أن أمثال هؤلاء يمكن أن يتفقوا على وضع استراتيجية لمحاربة المجموعات الارهابية في سوريا والعراق والدول الأخرى وهم الداعمون الحقيقيون للارهاب ؟!!.
إننا ندرك أبعاد وتداعيات هذه المسيرة وغيرها من المسيرات التي شهدتها معظم الدول الأوروبية . فالضربة القوية التي تلقتها فرنسا من بعض مواطنيها ، الذين أرسلوا بمعرفة من المخابرات الفرنسية للقتال في سوريا والعراق ، كانت عودتهم طبيعيه إلى البلد الذي أرسلوا منه ، وذلك بعد اطلاعهم على الواقع القائم في ساحات القتال .
وبقدر ما تفرج عنه دوائر المخابرات الأوروبية من معلومات فإن عدد الذين أرسلوا لسوريا من مواطني الدول الأوروبية بلغ 3000 مواطن ، عاد منهم 600 مقاتل ، بعد أن غسلت أدمغتهم واعتنقوا أيديولوجية إرهابية بزعم الدفاع عن الاسلام والمسلمين في أوروبا، بسبب التفرقة والتمييز وغياب العدالة الذي تمارسه الحكومات ضدهم .
كان أول مؤتمر يعقد لما يسمى أصدقاء سوريا بباريس صدر عنه بيان يتبنى المقاتلين في سوريا ، ويتعهد بدعمهم ، وتسهيل مهماتهم ، وكان الرئيس ساركوزي ثم خليفته هولاند من المتحمسين جداً لإرسالهم لسوريا ، بهدف إسقاط النظام !!.
لقد شهدت فلسطين في قطاع غزة عدواناً بربرياً قبل أشهر قليلة فاق بوحشيته ما تقوم به المجموعات الارهابية. فتم تدمير آلاف المنازل ، وتشريد عشرات آلاف الأُسر التي تعيش اليوم في ظل أوضاع قاسية ولكننا لم نشهد مسؤولاً أو حاكماً عربياً يبادر إلى الدعوة لعقد مؤتمر يدعي إليه زعماء الدول المؤيدة لفلسطين ، مع العلم بأن العدوان الصهيوني الارهابي أسفر عن استشهاد وجرح الآلاف ؟. فهل افتقد الحكام العرب أحاسيسهم الوطنية والقومية أم إن قرارهم مرهون بإرادة الأجنبي؟
لقد كان موقف الدول التي تقاتل الارهاب في سوريا والعراق ولبنان وفلسطين ، واضحاً منذ بداية انطلاقة الأعمال الارهابية في سوريا ، بأن هذه المجموعات الارهابية سترتد على الدول التي تدعمهم ، سواءٌ في أوروبا أو أميركا أو دول الخليج العربي. وظل موقف دول المحور المقاوم الذي يتصدى للارهاب واضحاً وشفافاً ، بأن هذه المجموعات الارهابية لا تتعدى كونها مجموعات من المرتزقة لا تربطهم سوى روابط القتل والسرقة والاغتصاب، وأن بمجرد شعورهم بأنهم مهزومون سيولون الأدبار ويعودون إلى من حيث أتوا. وهذا ما هو حاصل الآن، ولن تنتهي السنه الجديدة إلا وتكون سوريا والعراق قد تطهرتا من آثامهم وجرائمهم .
تحاول أوروبا بعد الضربة الموجعة لفرنسا ، أن تعيد النظر في سياساتها العقيمة التي أثبتت تطورات الأحداث فشلها ، وتحاول اتخاذ بعض الاجراءات الأمنية ، بعد أن أصبحت في موقع الدفاع ولكن كيف ؟ وبأي وسائل ؟.
لقد دعت إيران التي تتصدى للارهاب مع العراق وسوريا ، إلى عقد تحالف دولي حقيقي ، لا استعراضي أو إقصائي ، يضم كل الدول التي تقاتل الارهاب حقيقة ، والتي لديها الجدية في مقاتلته. وأعلنت سوريا منذ البداية أن الأولى باللقاء والتوحد هي دول المنطقة العربية المستهدفة ، والتي تقاتل الارهاب على أراضيها . كما دعت إلى تحالف عربي مدعوم من الدول الأخرى . لقد انكشف الوضع ، وبان على حقيقته وأصبحت جميع الدول مستهدفة ، وليس الهجوم على جريدة ( شارلي إيبدو ) الفرنسية ، إلا بداية . فهل يتعظ الأوروبيون والأمريكيون ومؤيدوهم من الحكام العرب ، ويعودون إلى الصواب ؟. أم إنهم سيظلون بغيهم وضلالهم ؟ وبانتظار هجمة أخرى ؟.. ولكن ، إلى متى ؟!!.



تعليقات القراء

السوسنة السوداء
اين مكافحة الارهاب ضد المسلمين من قبل اسرائيل
13-01-2015 09:20 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات