أثر غياب الملك حسين و الشيخ زايد على المشهد العربي


انفرط عقد العرب بعد تغييب دولة الخلافة الاسلامية في بداية القرن الماضي على يد الاستعمار الغربي في الحرب العالمية الاولى .

قسّم الاستعمار الوطن العربي أقطارا و حدّ لها حدودا ونصّب عليها حكاما يأتمرون بأمره و الغى الراية الاسلامية الواحدة و جعل لكل قطر راية " علم "، وبث بين هذه الاقطار أسباب الفرقة و التنازع ، اما فلسطين فقد جعلها مزرعة خاصة له يُؤوي إليها من يشاء من أراذل و سقط و لقطاء و سفلة و مجرمي و حثالة شعوب أوروبا مثل" لبيرمان "الذي جاء متأخرا" عاقب الشتا بزربوله " مع بداية زمن القهقرى الصهيوني الذي بدأه شارون بتفكيك مستوطناته و الهروب من قطاع غزة و تبعه على سلم الفشل و القهقرى إيهود اولمرت ثم نتنياهو ورابعهم القادم بحسب التوقعات شاؤول موفاز .

إن الفرقة و الأختلاف و التنازع بين زعماء الأقطار العربية صناعة بريطانية حافظ عليها هؤلاء الزعماء مع بعض آثار و طقوس الاستعمار البريطاني الآخرى التي ما زال يتمسك بها بعضهم.

كانت الخلافات بين الزعماء العرب تصل أحيانا إلى حد القطيعة و أحيانا أخرى إلى حد تحريك الجيوش كما حصل من الجيش السوري عام 1970 نحو الأردن وما حصل من الجيش العراقي نحو الكويت و الجيش المصري إلى اليمن و غيرها .

وقد حدث أكثر من مرة أن اقترب موعد انعقاد مؤتمر القمة العربي و الخلافات بين الزعماء على أشدها ، وقد كان في هذه الأجواء الصعبة ثلاثة زعماء يتمتعون بشئ من الحكمة لزوم تسيير الأمور حسب ما تقتضيه المرحلة هم الملك حسين و الشيخ زايد و السلطان قابوس ، إذ كانوا يبذلون جهدهم في محاولات اصلاح ذات البين بين الزعماء العرب .

وفي هذا الصدد تدخل الملك حسين لاصلاح ذات البين بين الزعامات اليمنية فحضروا جميعا إلى عمان وفي مقدمتهم الشيخ الجليل عبدالله بن حسين الأحمر .

ومع أن الملك حسين قد وقع اتفاقية وادي عربة مع الكيان الغاصب لفلسطين إلا انه لم يسمح لعلاقته الخاصة هذه مع الصهاينة أن تثير نزاعات أو انقلابات عسكرية أو إثارة الفتنة وسفك الدماء بين الشعب الواحد في الاقطار العربية كما يحدث اليوم .

ولقد كان تصرفه حكيما عندما اعتدى الموساد الإسرائيلي في عمان على السيادة الأردنية أولا ثم على السيد خالد مشعل، كما كان تصرفه حكيما و رائعا مع المعارض الاردني البارز ليث شبيلات بعد أن ظهر للعالم أن التهمة له كانت ملفقة ، إذ ذهب بسيارته وجاء بشبيلات من السجن ، وقد ظهرت هذه الحركة الحكيمة بمثابة اعتذار للسياسي الوطني الاسلامي ليث شبيلات الذي كان حظه هو و خالد مشعل أفضل بكثير من حظ القاضي الاردني رائد زعيتر و الشرطي السياحي ابراهيم الجراح.

أما الشيخ زايد فزيادة على اصلاحه لذات البين فقد كان يمد يد العون المادي لكثير من الأقطار العربية دون النظر إلى تغييرات سياسية أو انقلابات عسكرية فيها أو إثارة الفتنة و سفك دماء الشعب الواحد لا سمح الله ، وقد كان يدفع رواتب المعلمين العرب المعارين لليمن بالدولار يتسلمونها مباشرة من البنك المركزي اليمني، ولو كان الشيخ زايد حيا عندما نفذ الموساد الإسرائيلي عملا ارهابيا خطيرا باغتيال
" المبحوح" على أرض الامارات لكان الوضع مختلفا تماما .

وقد اشترك السلطان قابوس مع الشيخ زايد بالنأي ببلديهما عن مشاركة التحالفات الغربية ضد ما يسمى بالارهاب فأبعدوا بذلك بلديهما عن الأخطار الناجمة عن ردات الفعل المحتملة أو الانتقام .

اما الامارات اليوم فقد انتهك سيادتها الموساد الاسرائيلي بتنفيذ العملية الارهابية التي أدت إلى اغتيال "المبحوح" ثم سمعنا بالامس عن عملية نفذتها مواطنة أماراتية فقتلت إمرأة أمريكية و وضعت عبوة ناسفة لتفجير منزل أمريكي .

إن غياب الملك حسين و الشيخ زايد عن الساحة العربية ترك السلطان قابوس وحيدا فخرجت الأمور عن السيطرة وهانحن نرى اليوم آثار ذلك على الوطن العربي و خاصة المشرق .

إن المتأمل في أحوال الوطن العربي اليوم المضطربة يجد فيها عُمان بقعة وحيدة هادئة وادعة تنعم بالامن و الاستقرار و تقود وساطة دولية بين إيران و الغرب وقد نجحت حتى الآن بسحب فتيل الأزمة و تقريب وجهات النظر .

كما أنه ليس للموساد الاسرائيلي موطئ قدم في عُمان في ما نعلم ولم تشارك عُمان في التدخل بالشؤون الداخلية لأي قُطر عربي ولم تعمل على زعزعة استقراره أو سفك دماء أهله كما فعل البعض، وقد أدانت عُمان العدوان الإسرائيلي المتكرر على غزة في حين أعلنت دول عربية أخرى صراحة عن تحريضها لإسرائيل في عدوانها على غزة وربما التمويل لذلك العدوان .

يرى كثيرون أن لو كان الملك حسين و الشيخ زايد على قيد الحياة لما كان لإسرائيل أن تسرح و تمرح في طول الوطن العربي و عرضه فتنفذ انقلابات و عمليات ارهابية و تغتال من تشاء و تنتهك سيادة الدول العربية على أراضيها و تتلاعب بالزعامات العربية كالدمى ، ولما كانت الاوضاع الداخلية للأقطار العربية على مثل هذا السوء ولا بمثل هذا الحال المضطرب .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات