داعش إلى كربلاء ثم النجف!


لا تزال داعش تثير سخطا و عجبا و إعجابا ، ولا تزال تحركات و قفزات و اندفاعات قوات الدولة الاسلامية هنا و هناك عصيّة على الفهم بالنسبة لي على الاقل ، فعجبا قولهم و عجبا فعلهم .

هم القوم لا تعرف ديارهم حتى بعد أن ترى آثارهم ، هم القوم لا تعرف أوطارهم حتى بعد أن تسمع أخبارهم .

كيف لا نتعجب وقد رأيناهم يندفعون نحو الموصل كالسيل فظن البعض أنهم على وشك دخول بغداد، لكنهم هناك توقفوا وغابوا عن الأعين .

رأيناهم بعد حين يندفعون نحو المعابر الحدودية العراقية مع الأردن و سيطروا عليها و يدفع لهم الرائح و الغاد بالدولار و يختمون الاوراق بخاتم بيت مال المسلمين و ظن البعض أن وجهتهم الاردن لكنهم غابوا أيضا .

ثم ظهروا فجأة في جلولاء على الحدود الإيرانية فامتشقت إيران أسيافها و أدرعتها و قصفت بالطيران مواقع قوات الدولة الاسلامية في " ديالى " و جهزت جيش الحشد الشيعي مطعما بقيادات من الحرس الثوري الإيراني شرق بغداد الذي ما زال " مكانك سر " متهيبا من مواجهة رجال داعش و يتلهى عنهم بحرق مساجد السنة في المناطق التي يسيطر عليها ، لكنهم غابوا هنا أيضا عن الأعين .

فجأة ظهر جنود الدولة الاسلامية في مكان آخر متجهون نحو عين العرب على حدود تركيا فداشوا خلال الديار حتى وصلوا معبر " مرشد بينار " ثم حطوا رحالهم وغابوا فلا تراهم إلا عين العرب .

في كل مرة ومع كل اندفاعه نتوقع وطرا " هدفا " لجيش الدولة الاسلامية .. لكنهم لا يواصلون ولا يبين لهم هدف، فنتأوّل و تكثر التحليلات و يخطئ تأويلنا ، فنعود لا نعرف كيف يفكر هؤلاء؟ وما هي خطتهم ؟ وماذا يريدون بالضبط من هذه القفزات الحدودية و الاندفاعات المنقطعة، مرة على مشارف بغداد ، مرة على الحدود الاردنية ، ثم الحدود الإيرانية و أخير الحدود التركية ، أما العراق و سوريا فهي ساحتهم حتى الآن .

ترى هل هم يفحصون الحدود ؟ أم يريدون أن يغلقوها خلفهم لحماية ظهورهم ؟ ما زلنا في دائرة العجب و التعجب من فعل هؤلاء القوم .

قبل اسبوعين فقط و في الحادي و العشرين من تشرين الثاني رأينا اندفاعة جديدة لجيش الدولة الاسلامية نحو الرمادي المدينة فخرقوها و نفذوا منها شرقا إلى مئات الأمتار فقط عن قاعدة الحبانية التي تضم مطارا عسكريا و مقرات قيادة للجيش العراقي و مستشارين عسكريين امريكيين و اجهزة أمريكية متطورة، لكن الطيران الامريكي أوقف تقدمهم في المنطقة المكشوفة .

مثلما كنا نتأول في كل مرة و يخطئ تأويلنا نتأول اليوم في اندفاعتهم إلى مدينة الرمادي القريبة من بغداد وقد قال البعض أن هذا يشكل تحديا أمنيا إضافيا للأردن ، أما أنا فأقول أن الذي ذهب بعيدا شرقا إلى الرمادي إنما يبعث برسالة طمأنة غير مقصودة للأردن .

و بحسب معلومات سابقة فإن بغداد قد تمترست فيها وحولها خيرة قوات الجيش العراقي كما يزعمون ، و زحفت إليها كتائب العصائب الشيعية من الجنوب أضافة إلى جيش الحشد الشيعي بقيادة ضباط الحرس الثوري الإيراني .

يعلم قادة قوات الدولة الاسلامية أن بغداد محصنة تحصينا بريا شديدا و هذا في ظني ما يحسبون حسابه حقا و يدركون صعوبته أما الطيران الأمريكي فلا يكترثون له لأن لهم معه تجربة طويلة و اختبروه جيدا في عين العرب و يعرفون كيف يتعاملون معه بأقل الخسائر .

صحيح أن الرمادي قريبة من بغداد ، لكن بغداد محصنة ، إذن لماذا هذه الاندفاعة الجديدة نحو الرمادي ؟ يقول الضابط المتقاعد من الاستخبارات المركزية الامريكية

" راي مكوفرن " في لقاء معه على قناة روسيا اليوم الاربعاء الماضي أن داعش ستدخل بغداد ، أما أنا فأقول بالتأويل الذي لا زال يخطئ في كل مرة في معرفة أوطار قادة الدولة الاسلامية _ فلعله يصيب هذه المرة _ أن هدفهم من دخول الرمادي ليس بغداد و إنما هو كربلاء ثم النجف ؛ ذلك لأن الطريق إلى كربلاء أسهل و أيسر ثم لأنها تقريبا خالية عسكريا .

فإذا ما دخلت قوات الدولة الاسلامية كربلاء ثم النجف و صارت ضمن خارطة الدولة الاسلامية فإن هذا سيجعل لخارطة الاوضاع في العراق بأكملها شكلا آخر و يمكن لهذه الورقة الرابحة إذا ما وقعت في يد الدولة الاسلامية أن تشكل ضغطا هائلا على إيران لكف يدها الشيعية عن أهل السنة في العراق و سوريا و لبنان و اليمن وكذلك أهل السنة في إيران حيث ما زالت روح "ريحانة جباري" ترفرف في الارجاء .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات