سر الحميمية بين القيادتين الأردنية والمصرية!!!


زيارة الملك عبدالله الثاني لجمهورية مصر العربية قبل يومين وما رشح عنها من معلومات عن التنسيق في مختلف الشؤون التي تهم البلدين تأتي ضمن سلسلة من الزيارات والمحطات في علاقات استثنائية بين القيادة الأردنية والرئيس المصري المنقلب على الشرعية .لا نعول كثيرا على التصريحات الرسمية والمؤتمرات الصحفية التي يغلب عليها مصطلحات وجمل دبلوماسية لا تغني ولا تسمن من جوع مثل تعزيز العمل المشترك، والتعاون بين البلدين لما فيه خير الشعبين ،واستمرار التواصل على أعلى المستويات، وبحث العلاقات الاقتصادية وغير ذلك من التصريحات التي تدخل في باب علم الكلام وليس عالم الافعال(Rhetoric) .

الهدف الحقيقي لزيارة الملك لمصر هو بحث الجوانب الأمنية وليس تنسيق المواقف بخصوص العمالة المصرية أو التبادل التجاري بين البلدين .زيارة الملك لمصر جاءت قبل بدء زيارته للولايات المتحدة الأمريكية ونعتقد أن محاصرة الإخوان المسلمين تشكل العامل الأهم الذي تستهدفه هذه الزيارات والتحركات للقيادة الأردنية وتنسيقها مع المشير عبد الفتاح السيسي والمسؤولين الأمريكان.

العلاقة الحميمية التي لا تخفى على القاصي والداني بين اولي الأمر في الأردن ومصر تجلت بغبطة النظام الأردني وفرحه الغامر بالانقلاب في مصر ابتداء ودعمه له واعترافه به قبل أي دولة في العالم بما فيها دول الخليج التي قدمت المليارات للإطاحة بالرئيس الشرعي والحد من انتشار عدوى الديمقراطية التي جاء بها الربيع العربي. يا ترى لماذا هذا الهلع من الإخوان المسلمين وفكرهم وتنظيمهم ؟ يمكننا تفهم هلع المشير السيسي من الإخوان المسلمين فهو يعتبر خصم مستهدف من قبلهم وقبل أنصار الشرعية في مصر على اعتبار أنه انقض على السلطة وانقلب على الشرعية وصادر إرادة الشعب وقتل الألاف من المصريين الأبرياء ، وما زال يمارس القتل والفتك بشعبه ويهجر مواطنيه في رفح ويعلنها على الملأ بأنه يريد أن يحمي جيرانه وليس له جيران من جهة رفح إلا إسرائيل .السيسي ما زال لا يستطيع الظهور علنا في أماكن عامة وما زال يدخل ويخرج من الأبواب الخلفية عندما يسافر خارج مصر في الولايات المتحدة وفرنسا وغيرها يواجه بالمظاهرات والشتائم ويسيطر عليه الهاجس الأمني واحتمالات الاعتداء على حياته. كل هذه الامور طبيعية واستعداءه للإخوان مفهوم على اعتبار أنه غدر بهم وانقلب عليهم ونكل بأكثر من أربعة الآلاف من كوادرهم وأنصارهم. توتر السيسي وسيطرة الهواجس الأمنية عليه تشابه تماما هواجس الإسرائيليين بعدم الشعور بالأمن حيث أن كلا الطرفين يعلم أنه مغتصب لحقوق وإرادة شعب برمته فلا غرو إذن من شعورهم بعدم الأمن وحاجتهم للتنسيق مع أي طرف أو جهة بخصوص تعزيز هذا الأمن.

الموقف الأردني وهرولته للتنسيق مع السيسي وتعزيز الصلات الأمنية يشكل لغز وأمر محير فعلا!!وفي الوقت الذي يمكننا تفهم هلع النظام الاردني من الزحف السريع والقتال العنيد الذي يخوضه تنظيم الدولة الاسلامية(داعش) في العراق وسوريا فإننا نجد أن من الصعوبة بمكان استيعاب هذه الحميمية والتنسيق مع مصر ضد الإخوان المسلمين .الإخوان المسلمين في الأردن لم يستولوا على سلطة ولا يهدفون الى ذلك أصلا فلماذا هذا الهجوم الأردني على الاخوان واعتقال قياداتهم والتضييق عليهم؟ الاخوان يريدون إصلاحا سياسيا حقيقيا تطالب به كتل وقوى سياسية عديدة وكثير منها من غير الإخوان وسقوف الإخوان في المطالبة لم تتجاوز سقوف غيرهم ومنهم كاتب هذا المقال .لا بل فإني أجد مطالبات وشعارات الإخوان في الأردن أكثر اعتدالا من معظم الفرق والأحزاب والقوى باستثناء حزب الوسط الإسلامي المدلل من قبل الحكومة الذي يدعوا أمينه العام أمس الى محاكمة نائب المراقب العام للإخوان المسلمين على خلفية تصريحاته الأخيرة.

نعتقد بأن انخراط الأردن في تنسيق مع مصر بخصوص محاصرة الإخوان المسلمين ووضع الأردن في القارب السيسي الذي نرى بأنه يسير وفقا للرياح الإسرائيلية ويخدم مصالح الصهيونية ولا يخدم المصالح العليا للشعب الأردني .كم تساءلت أنه لو أجري استطلاع حقيقي لمعرفة موقف الأردنيين من الانقلاب في مصر فإن النتائج ستشير الى أن أغلب الشعب الأردني لا يقف مع هذا الانقلاب كما أنه لا يرى مصلحة لنا في دعم النظام المصري الذي ما زالت معظم دول العالم لا تعترف به. نعتقد بأن على الملك أن يستمع لرأي شعبه ويعرف أن معظم الأردنيون يأبون إلا أن يكونوا مع الشرعية كما يصرون على أنهم لن يكونوا إلا ضمن قارب أمتهم العربية والإسلامية .دعم الانقلاب في مصر يسيء للأردن ويجعل الأردنيون يعيشون حالة من عدم الانسجام بين ما يعتقدونه من عدم شرعية الانقلابات العسكرية وبين موقفهم الذي ينبذ هذه الانقلابات العسكرية والإصرار دوما على أن العسكريين مكانهم الطبيعي في الثكنات وتنفيذ الأوامر للسياسيين وليس الانقلاب عليهم .



تعليقات القراء

سعيد شتيوي
عجبا من قولك " الديمقراطية التي جاء بها الربيع العربي" . تلك "تدميريه وليست ديموقراطيه يادكتور .
03-12-2014 01:54 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات