من قتل وصفي؟؟؟؟


احتفالية ذكرى استشهاد وصفي التل هذا العام أخذت بعداً مختلفاً عن الأعوام السابقة خاصة أن الجزء الأهم من هذه الاحتفالية أخذته الأجيال التي ولدت بعد استشهاده... وفي يقيني أن هذا الحماس لدى هؤلاء هو البحث عن رمزية لرؤساء الوزراء ولم يجدوها إلا في شخص المرحوم التل.

هذه الشخصية التي ظلمت لعدم إجلاء الحقائق بالاضافة إلى الدوافع الاقليمية التي زرعها بعض مرضى النفوس في ملعب الإعلام لتقوم دوراً سلبياً في ابراز شخصية الشهيد على غير الواقع.

حياة التل قامت على المبادئ والقيم الاخلاقية والرجولة والشعور بالمسؤولية التي لم يتهرب منها حتى وفاته بالاضافة الى الشعور القومي والوطني.

أذكر أنني عايشت شخصيات أردنية تعرف وصفي عن قرب أمثال مريود التل وملحم التل وجورج حداد وعلي أبو نوار رحمهم الله جميعاً وما قرأته عن بلال التل والصديق ناهض حتر أطال الله عمريهما بالاضافة إلى ما سمعت من نذير رشيد وغيرهم جعلني عن قناعة بأن وصفي في مرحلته كان عملاقاً.

وصفي عاش عربياً أردنياً ابن الارض والبيئة والتراث ابن الريف والبادية لم يتهم يوماً بالخيانة والفساد ولم يساوم يوماً على مبادئه وقراراته ولم يغيب عن المشهد طالما هو من يحمل زمام الأمور... لذلك كان رجل دولة من الطراز الرفيع!! حالة وصفي لم تتكرر لغاية الآن لأنها حالة استثنائية وإن كنا نأمل تكرارها سواء على الصعيد الوطني أو العربي لكن هيهات .

إن الذي قتل وصفي هو قيمه وحسه القومي وغيرته على قضية الأمة (فلسطين) و الذين خرجوا علينا عبر الفضائيات ينسبون لأنفسهم أدواراً بطولية لقتله هم في الحقيقة ممثلين من الدرجة مائة ولا يستحقون دور الكومبارس لأنهم أصغر من أن يتطاولوا على الكبار والعمالقة!!!

عند ذهابه لمجلس وزراء الدفاع العربي المشترك عام 1971 وبعد أزمة أيلول كان همه القضية وعندما طرح ذلك المجلس فتح جبهات عربية باتجاه اسرائيل من سوريا ومصر والاردن أضاف إليها جبهة رابعة وهي جبهة تثوير الشعب في داخل فلسطين لاستنزاف طاقات العدو الاسرائيلي لتكون هناك أربع جبهات تقاتل معاً وأطلق عليها الجبهة الوسطى.

وخرج من ذلك الاجتماع مرتاح البال وأشاد في كلمته عدد من وزراء الدفاع العربي بمن فيهم عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري فيما بعد.

لان حلمه ومشروعه تحرير فلسطين لذلك تم قتل المشروع والحلم في اغتياله بعد ذلك المؤتمر بدقائق !!!!.

وأكد على تمتين الجبهة الداخلية لتكون الداعم بكافة الامكانات للشعب الفلسطيني هناك وكان دائماً يحاول تنظيم المجتمع بكل ما فيه من طاقات وامكانات مادية ويحشد لأجل تحقيق النصر على اسرائيل وكانت لديه قناعات أبرزها خرافة الحلول السلمية بشتى أشكالها وخرافة احتواء اسرائيل في المنطقة وعدم الاعتماد على الضغوطات والوساطات الدولية لأن العالم دائماً مع الأقوى!!! ومتى كنا أقوى فالعالم يقف معنا.

وقبل ذلك لقد سجنه حسني الزعيم في سوريا لأنه رفض الالتزام بالهدنة عام 1947 لأنها برأيه تخدم اسرائيل ولا تخدم العرب وقضيتهم.

أصدر كتاب دور الخلق والعقل بعد هزيمة 1967 ملخصاً فيه أن الغوغائية والمتاجرة بالقضية وتحريك مشاعر الجماهير كانت وراء الهزيمة وأما الحركات البهلوانية التي مارسها بعض زعماء العرب كانت لتغطية فشلهم وهزيمتهم .

إن الذي قتل وصفي التل قوله: لا يمكن تحرير فلسطين إلا بجيوش عربية موحدة عالية التدريب ولديها إرادة القتال وهذا ما دفعه للذهاب إلى مصر والمشاركة في ذلك.

ومن المفارقات أنه ولد في العراق واستشهد في مصر ودفن في الاردن وحافظ على كرامة الاردنيين وهيبة دولتهم.

لقد قتله مشروعه القومي... عاش لأجل القضية واستشهد لأجلها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات