حروف سريعة الاشتعال !


يرتقي المجتمع الى ذروة الحضارة،وقمة الطهارة،اذا اكتملت لديه شروط معادلة الحق والعدالة.عناصرها الذهبية: حاكمُ زاهدٌ في دنياه،يُحَصّنَ دولته بالعدل.قاضٍ صارم يُطبقَ القانون بلا استثناءات.عَالِمُ يخشى ربه في كل نأمة .تاجر يتقي الله في بيعه وشرائه.كاتب يهتدي بنور ضميره،يكتب بمداد قلبه،يؤمن ان رزقه ورزق عياله من الواحد الاحد،لا احدَ غيره.لا يطمع في ثواب ولا يخشى عقاب.

*** إنتهجت الحكومات العاجزة،ايام الاحكام العُرفية البغيضة،سياسات ظالمة.فرسانها ساسة مستبدون.تبنوا شعاراً كريهاً :" العاجز مَنْ لا يستبد".لإحكام الطوق على الرقاب .لجأ ازلامها العُرفيون، لإقذر وسائل الظلم،و اسوأ اساليب التخريب.زرعوا ثقافة الارتزاق في الاجيال،بمنح صكوك غفران التوظيف والهبات والبعثات حتى بلغت التخمة بالمغفور لهم من المُتكسبّين ان قتلت فيهم روح المبادرة والمغامرة. بإعتمادهم المنحرف على الامتيازات والمكرمات،وضربهم عرض الحائط بالحقوق والواجبات.كانت النتيجة ان عزف الشباب عن الانتاج والتهرب من الدوام.فاصبحت الوظيفة،ايقونة مقدسة عند الكسالى و اهل الوجاهة رغم انها قاتلة للشخصية.ادركت الحكومات السر فتحكمت بـ "عبدة شيطان الوظيفة"،ناهيك عن حاجة الغالبية لها.على الضفة المقابلة إبتدعت الحكومات العرفية صكوك الحرمان من التوظيف، وسحب جواز السفر من المغضوب عليهم ،وقتلهم معنوياً،بتهم مفبركة..فالقتل المعنوي لا يقل بشاعة عن القتل الدموي ."ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما " .لتبرير الجريمة اصدر علماء السلطان فتوى،بان الممنوع من العمل والسفر، شيطان رجيم، لا تجوز عليه صلاة. لكن العباقرة المتنفذين ادركوا متأخراً ان نقمتهم على المغضوبِ عليهم،إنقلبت الى نعمة لهم،فلم يقتلوهم كما خططوا، و انما فجّروا ابداعاتهم، وحولوا مآسيهم الى تميز.

*** في عمان الغربية صالون سياسي عامرُ بالمستوزرين والحالمين بوظائف ذهبية،ومكتظ بالناقمين و الساخطين على الدولة.اللافت،ان جُلهم يُعانون من امراض الشيخوخة،ومشكلات البروستات.لكن اللافت اكثر، تلك اللوحة الجميلة المكتوبة بخط ذهبي،معلقة،فوق رؤوسهم تقول: (إحنا اصحاب الشعارات...اهل الكولسات...إحنا كلمنجية اليوم..فراعنة ايام زمان...حرفتنا الحالية فبركة الشائعات.والقدرة على زراعة نطفة "فيل" في رحم "نملة".لكننا عاجزون عن اطلاق طلقة تنوير على طريق التغيير. حالنا حال: قادة حزب "الكنبة"، الراغبين في تغيير العالم،وهم يرتدون البيجامات في غرف النوم دون تجهيز انفسهم ـ بحبة فياجرا ـ.

*** الله هو العليم الخبير بشؤون خلقه،فلا تيأس من روح الله مهما دارت عليك الدوائر.ولا تبتئس حتى لو شددت على بطنك حجراً من الجوع،و مشيت حافياً على الصحراء.تلك حكمة ربك.هو ادرى بك منك.اقدامك العارية سترسم على تراب الوطن اثرك و اثارك،وتترك على رمل الصحراء بصمتك وخط مشوارك.ما يعطيك احساساً بانك كائن حي لصيق بارضك.لا تجزع حتى لو اكلت الحجارة لحم اقدامك،و لا تمُدَنَّ عينيك الى من ينتعل حذاءً ثميناً،او بسطاراً ثقيلاً،ويمشي في الارض مرحا،"فهو لن يخرق الارض،ولن يبلغ الجبال طولا".حُقَ لك ان تفخر بنفسك.لانك تركت بصمةَ على الطرق الوعرة، بينما هم لم يتركوا على الطرق المُعبدة، سوى ضجيج القرقعة و صخب الطرقعة. فلا يهمنكَّ المظاهر الخادعة.

*** ينهارُ المجتمع حين يخفق افراده في تحدي الظروف الصعبة،و الازمات الطاحنة. فالاستجابة للتحديات تعزز قدرة المجتمع على الثبات،و تعطية مرونة الحركة والحيوية،فيما الاستكانة تدفعه لشيخوخة مبكرة،وتوّلد عنده امراضاً متعدده تَضعف جهازه المناعي. امراض مجتمعنا المزمنة لم تأتِ صدفةً،إنما جاءت ثمرة افلاس "النخبة الحاكمة" و غياب "القدوة المؤثرة".فالبوصلة المعطوبة تجر اتباعها للهاوية المحققة.

*** تسقط الشعوب لا محالة،حينما يكون قادة رايها قناصي منفعة،ومجلس نوابها خاتماً مطاطياً تارة و بصمة على مضبطة "مثل هيك مضبطة" تارة اخرى. اما كُتابها فمرتزقة ،والقائمون على إعلامها حُثالة مكررة، يحاولون شتى السبل جرجرة المُتلقي،بكل الطرق الى بيت الطاعة الرسمي...،تلك هي المهزلة.

*** احدى عجائبنا،ان بحرنا "ميت".خليجنا "عقبة".انهارنا "ضحلة".امطارنا "شحيحة".مياه احواضنا المائية "مسروقة" والمضخوخة بالانابيب "ملطوشة" بتحويلات سرية لدرجة انها تصل للمواطن بالقطارة،هذا ان وصلت.المفارقة اننا نفقد سنوياً من الغرقى،ما لم تفقده الدول المشاطئة للمحيطات مجتمعة،و اضعاف ما تفقده هولندا القابعة تحت سطح البحر التي سُميت "البلاد المنخفظة".المحزن ان معظم ضحايانا يموتون في"قناة" الغور الشرقية،وفي البرك الزراعية...ان لم تصدقوا فاسألوا العميد فريد الشرع في الدفاع المدني.

*** ميت او شبه ميت من يمضي عمره خلف الطاوله، ينفذ التعليمات كآلة صماء او يقضي دوامه في التسلية بالكلمات المتقاطعة كجثة محنطة...الانسان الحي من يقلب الطاولة على "الغلط"،ويتحدى اوامر سيده الخاطئة وتوجيهاته الفاسدة ولو مرةً واحدة ،:،و الا فانت واحد مسخرة او قنطرة للعبور ليس الا.

*** "ابوك" ليس افضل الرجال،و"امك" ليست سيدة النساء.هذا ما قاله العلم و اثبتته تجارب المختبرات،واخذ به العقل واستساغه المنطق،لتماهيه مع سُنن الكون الطبيعية.فالحمض النووي للانسان في القارات الخمس متشابه.اجمعت الاديان السماوية، ان ابانا آدم من تراب والى تراب.فارق الالوان و الاشكال جاء بسبب اختلاف "الحوض الجيني"/ الوراثي. نعم ،ابوك افضل الناس،بسبب انه"نفظك"،فـ "كل فتاة بابيها معجبة" حتى ان علماء النفس،ذهبوا باعجاب الفتى بامه والفتاة بابيها مذاهب كثيرة،حتى ان بعضهم تجاوز الخطوط الحمراء.ما ينطبق على ابيك ينسحب على امك، لانها هي التي "مزطتك".هذه كل الحكاية إضافة الى لعبة الهرومونات المعروفة....لمعت هذه الخاطرة بذهني عندما اخذت مصطلحات كريهة تنتشر في مجتمعنا، بشكل لافتِ ،مثل :"انت عارفَ مع مين بتحكي" او" مش معروفة قرعة ابوه منين"، "الزمي حجمك واعرفي بنت مين انا".... نعم انا اعرفك انت مين؟ً!. يا "ملعون الوالدين"،انت واحد نُطفة..ابن نطفة".

*** هل فكرت قبل ان تتجه الى القبلة ،وتخاطب ربك بقولك: "وجهت وجهي للذي فطر السموات و الارض حنيفاً مُسلماً"،وقبل ان تشرع في صلاتك "ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر".فتبدأُ بالتوقف فوراً عن "النَّم"ِ على غيرك،والافتراء على من حولك،وكف شرك و اذى لسانك على زملائك،والخوض في اعراض جيرانك، وحرمات معارفك.إن لم تفعل،لن اتحمل وزرك،واقل لك ان صلاتك لن تنفعك. فهذا شائنك وحسابه عند ربك،لكنني اهمس باذنك:ان استيقاظ ضمير ثعبان،ونزع سُم قاتل من فك افعى اهون من اصلاحك.

*** بعد ان كسر الشعب حاجز الخوف من الدولة،وزادت حركة اشتداد المشاجرات المسلحة،وسرعة ارتفاع مناسيب جرائم القتل البشعة،التي لم نسمع بمثلها في مجاهيل افريقيا.واجب الحكومة قبل التغتي بالامن و الامان،ان توقف دائرة العنف العنيفة، الدائرة في كل مكان.اذكر الناس ان سويسرا الفقيرة بمواردها الطبيعية مثلنا، صدّرت ساعات قيمتها (13) مليار دولار في سبعة اشهر.و اذكر اهل القرار بعد ان بلغت مديونيتنا (30) مليار دولار بنصيحة الرئيس الامريكي ترومان لاصدقاء امريكا:" اذا اردت صديقاً في واشنطن،فليكن لك كلباً "ـ لانه اكثر وفاءً من رئيسهم الذي يتهافت الرؤساء العرب على التقاط صور تذكارية معه ولو كان عبداً حبشياّ.

*** الهند استحدثت وزارة لرياضة "اليوغا"،لتطهير النفس،وتهذيب السلوك، والتحرر من الضغوط النفسية بالاسترخاء،ورفع الانتاج بتمارين التركيز،وتقوية جهاز المناعة بالتنفس العميق....في كندا استحدثوا وزارة للذكاء،للبحث عن افضل التقنيات والوسائل لرفع مستوى ذكاء الفرد،واستغلال طاقات العقل المُعطلة التي لا يستعمل منها الانسان سوى 10% فما دون....في الاردن لسنا بحاجة الى اغانٍ صباحية صاخبة،ولا الى خطب رنانة عن الولاء والانتماء،ولا الى اذاعات لطم على الريق.نحن بحاجة لاستحداث وزارتين جديدتين مع اول تعديل او تشكيل."وزارة فض المشاجرات وحماية الغابات" و "وزارة مكافحة الضجيج القذارة".وزارتان لا تقلان اهمية عن "الخارجية والداخلية".توفيراُ للنفقات من الممكن ان تحل هاتان الوزارتان، مكان وزارتي الثقافة و التنمية السياسية الموصوفتين شعبياً بـ "وزارات "المسخرة وقلة الفائدة".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات