غيزي وجبل الهيكل


نشر جريجور غيزي Gregor Gysi عضو البرلمان الألماني ورئيس إتلاف اليسار(ويمثله 64 من أصل 631 نائب أي حوالي 10% من البرلمان الألماني Bundestag) على صفحته على الفيسبوك إفادة Post بمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، فماذا قال غيزي.

لقد توفي ياسر عرفات في 11 نوفمبر 2004 وهو الذي أراد أن يقود الفلسطينيين إلى الاستقلال وان يقيم دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة. لقد قابلت عرفات في منفاه بتونس بعد زيارتي الأولى لإسرائيل وقد فهمت بعدها وجهة نظر الطرفين. لقد زرت هذه السنة قبره في رام الله وهو المحوّط بتراب من جبل الهيكل المقدسي، حيث كان يرغب في أن يدفن. لقد أصبح الصراع على جبل الهيكل بين الإسرائيليين والفلسطينيين محموماً هذه الأيام. أتمنى أن يتبع الطرفين خطى يتسحاق رابين وشمعون بيريز وياسر عرفات والذين نالوا جائزة نوبل للسلام عام1994، انتهى الاقتباس.

للسيد غيزي مواقف تقدمية داعمة للشعب الفلسطيني، ولكن عتبي عليه هو استعماله والكثير من الألمان والأجانب لمصطلح (جبل الهيكل) ولي في ذلك رأي تجدونه لاحقاً.

تشير الوثائق التاريخية إلى جبلين في القدس الأول يسمى (مروة) أو (مذبح إسحاق) حيث طلب الرب من إبراهيم عليه السلام بأن يضحي بابنه إسحاق ليختبر طاعته. الجبل الثاني يدعى في الكتب التاريخية (جبل صهيون) والذي يقع جنوب- غرب مدينة القدس القديمة وخارج أسوارها والذي يرتبط بجبل الهيكل، مكان دفن الملك داوود حسب المعتقدات اليهودية.

وإذا ما أخذنا بما استقر عليه المؤرخين الغربيين (حسب ويكيبيديا) فإننا سنجد بأن دير صهيون يعود إلى أملاك الرهبان الفرنسيسكان، حيث حصل هؤلاء الرهبان من السلطات الأيوبية على حق توليهم رعاية الأماكن المقدسة، وفي عام 736هـ/ 1335م أتيحت لهم فرصة توسيع مقرهم وبناء دير صهيون الذي ضم علية صهيون وكنيستها، وكذلك الأماكن المسيحية الأخرى المجاورة لها فوق الجبل. وقد اختار أبناء هذه الطائفة رئيساً لهم أطلق عليه "حارس جبل صهيون" وارتبط تاريخ الرهبان الفرنسيسكان في بيت المقدس بإقامتهم في جبل صهيون في هذا الدير وغيره من المقدسات المسيحية فوق الجبل، ويروي بعض المؤرخين الغربيين أن عدد الرهبان الفرنسيسكان في دير صهيون بذلك الحين كان يبلغ 42 راهباً، وبدأ عددهم يتناقص بشكل ملحوظ في أواخر عهد المماليك، ففي سنة 913 هـ/ 1427م كان عددهم في الدير لا يزيد على العشرين، وقد حرص المماليك على حماية هؤلاء، فقد جرى العرف أن يقيم معهم في ديرهم بجبل صهيون اثنا عشر مملوكاً بصفة دائمة، وعاش رهبان دير صهيون حياة الزهد والتقشف، وبدأت أحوالهم بالتحسن عن طريق التبرعات الغربية للدير الذي كان يقوم باستقبال ورعاية الحجاج، وبعد دعم وتأييد ملوك الغرب الفرنجي استطاعوا أن يشتروا بعض المنازل والأراضي المحيطة بالدير الخاص بهم، وقد رمم هذا الدير وتوسعت عمارته في عهد كل سلاطين المماليك بدءاً من برقوق وابنه فرج وبرسباي وقايتباي والغوري. فإذا كان دير صهيون يقع خارج منطقة الحرم القدسي الشريف والذي لا تتجاوز مساحته واحد كيلومتر مربع، فلماذا يصر اليهود على التقاسم الزماني والمكاني للحرم.

ما تقصده إسرائيل بذلك هو هيكل سليمان، حيث يزعمون بأنه كان مشيدا في القرن 10 قبل الميلاد في نفس مكان قبة الصخرة المشرفة أو بجوارها... انتبهوا، ضاقت عليهم القدس القديمة، وشرعوا ينبشون بالقرب وحتى أسفل الحرم ولم يجدوا أثراً لهذا الهيكل، ولهذا نقول بأنه (مزعوم).

لن أجادل فيما إذا كان هناك هيكل لليهود في القدس أو لا، وحتى وإن وجد، فقد كان هذا قبل آلاف السنين وضمن ظروف تاريخية مضت. إن استعمال مصطلح (جبل الهيكل) لشيء لم يعد موجوداً هو تبرير لفكرة إعادة بناء الهيكل التي يدعوا إليها اليهود، وهي السبب في شحن الأجواء والتوتر والقتل بسبب بناء غير موجود.

إن مرور آلاف السنين على بناء أو معبد أو هيكل أو مدفن ما، لا يعطي أتباعه الحق في إعادة إنشاءه على أنقاض ما استقر مكانه من حضارات متتالية. وهذه الفكرة البديهية هي سبب خلافنا مع هؤلاء المتعصبين، الذين حولوا حياة نصف الكرة الأرضية إلى جحيم بسبب فكرة انتهت بالتقادم.

وبالعودة إلى إفادة غيزي، فإننا نحن العرب مقصرين تجاه شرح مضمون قضيتنا العادلة في القدس، لدرجة أن اقرب الناس إلينا فكرياً ما زالوا يجهلون حساسية المصطلحات التي يستخدموها. إن ترديد مصطلح جبل الهيكل Temple Mount ينسف الفكرة التي تقوم على أساسها القضية الفلسطينية، وهي أن فلسطين أرض تواترت عليها أمم عدة، ومنهم الرومان واليهود والمسيحيين والمسلمون وغيرهم، فهل من المنطق أن يطالب الطليان، ورثة الحضارة الرومانية القديمة بالاستحواذ على الأماكن التي استوطنوا فيها، ومنها فيلادلفيا (عمّان) وجرش وغيرها.

لقد تجادلت مع بعض الألمان حول الموضوع ووجدت أن مصطلح (الجبل المقدس Heiliger Berg) قد يرضي جميع الأطراف، وعلى الكل أن يفهم القدس بهذا الشكل فهي للمسلمين والمسيحيين واليهود، وللعلمانين كذلك.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات